صفات النبي موسى عليه السلام
صفات موسى عليه السلام
اصطفى الله -سبحانه وتعالى- أنبياءه ورسله -عليهم السلام- من بين الناس كافَّةً؛ فكانوا من أعظم الناس أخلاقًا وأشرفهم مكانةً، واجتمعت فيهم كلّ الخصال والصفات الحميدة، التي تمكّنهم من حمل الدعوة إلى الله -تعالى- وتبليغها، وأن يكونوا قدوةً لأقوامهم، ومنهم نبيّ الله موسى -عليه السلام-، وفيما يأتي حديثٌ عن أبرز صفاته.
القوة
فقد تمتّع نبيّ الله موسى -عليه السلام- بالقوة الجسدية والروحية، وممّا يشهد لقوّته الجسدية؛ ما ورد من قضائه على الرجل القبطي الذي اختلف مع رجلٍ من بني إسرائيل؛ فاستغاث بموسى، ولم يكن موسى -عليه السلام- يقصد قتل القبطي؛ إلّا أنّه بمجرد أن ضربه بقبضة يده قضى عليه، وأمّا قوّته الروحيّة فتمثّلت بإيمانه العميق بالله -تعالى- في مواجهة فرعون والوقوف أمام السحرة.
المبادرة لخدمة الغير
ويظهر ذلك من قصة سيدنا موسى لسقيّ الماء للفتاتين في مدين، حين رآهما عند ماء مدين، دون أن يُطلب منه ذلك، كما جاء في قول الله تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ* فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).
الوفاء بالعهد والاتفاق
فقد كان موسى -عليه السلام- وفيًّا بالعهد؛ ويظهر ذلك بأدائه لما اتّفق عليه مع والد الفتاتين في مدين، من أن يعمل عنده ثماني سنواتٍ أو عشرة سنواتٍ، مقابل أن يزوّجه إحدى بناته، وقد وفى موسى -عليه السلام- بالاتفاق، قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّالِحِينَ* قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّـهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ* فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ)؛ فلم يغادر مدين إلّا بعد أداء ما التزم به.
الاعتراف بفضل الآخرين
ويظهر ذلك في شهادة موسى -عليه السلام- لأخيه هارون -عليه السلام- بأنّه أفصح منه، وأنّه بحاجةٍ له لإعانته في دعوة فرعون وبني إسرائيل، قال تعالى على لسان موسى: (وَاجعَل لي وَزيرًا مِن أَهلي* هارونَ أَخِي* اشدُد بِهِ أَزري* وَأَشرِكهُ في أَمري).
الصبر الكبير
فقد تحلّى موسى -عليه السلام- بصبرٍ عظيمٍ في مواقف كثيرةٍ من دعوته؛ فقد صبر على أذى فرعون وملاحقته وجنوده له ولمن آمن معه، وصبر على قومه بني إسرائيل في جدالهم له، وعدم استجابتهم لأمره إلّا بعد جدالٍ ومعارضةٍ؛ كما حدث عند أمرهم بأن يذبحوا بقرة، وطلبهم أن يجعل لهم آلهةً، وأن يروا الله -تعالى-، وقد قابل موسى -عليه السلام- هذه المواقف كلّها بالصبر.
اليقين بالله
فقد كان موسى -عليه السلام- متوكّلًا على الله -تعالى- وموقنًا بأنّه معه ولن يخذله، وكان محسنًا للظنّ بالله -تعالى- حتى في أشد اللحظات وأصعبها؛ حينما لحقه فرعون وجنوده، فقد رد على مخاوف قومه من أن يدركهم فرعون وجنوده بقوله: (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ).
قوة الحجة والمنطق في الدعوة
فقد كان موسى -عليه السلام- قويًّا في حجته، فقد امتن عليه فرعون بأن ربّاه وليدًا في قصره، فكان رد موسى -عليه السلام- قويا حينما قال: (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ).
مكانة موسى عليه السلام
نبيّ الله موسى -عليه السلام- من أولي العزم من الرسل، واصطفاه الله -جلّ وعلا- بأن كلّمه؛ فكان كليم الله، وأرسله إلى قومه بني إسرائيل؛ فلبث فيهم زمانًا طويلًا حافلًا بالكثير من المواقف والأحداث، وقد وردت قصة موسى -عليه السلام- مع قومه في سورٍ عدَّةٍ من القرآن الكريم، وكانت أكثر قصص القرآن تفصيلًا وذكرًا من بين قصص الأنبياء؛ لما فيها من العبر والدروس.