صفات السيدة عائشة
صفات السيدة عائشة
عائشة -رضي الله عنها- هي أمُّ المؤمنين أجمعين، الصدِّيقة بنت الصدِّيق، حبيبة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- عائشة بنت أبي بكر الصِّديق، بن عثمان -أبي قحافة- ابن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشية، التيمية المكيَّة، وأمُّها هي أمُّ رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة الكنانية.
وقد تزوَّج بها الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة، وبنى بها بعد غزوة بدر، وكانت ابنة تسع سنوات، لم تدرك حياة الجاهليَّة، وإنَّما ولدت في الإسلام، فقد قالت -رضي الله عنها-: (لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ). ويمكن إبراز أهمّ صفاتها الخَلْقيّة والخُلُقيّة فيما يأتي:
صفاتها الخَلْقيّة
كانت عائشة -رضي الله عنها- امرأةً جميلةً، يدلُّ على ذلك قول أمِّها في قصَّة حادثة الإفك : (فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ، إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا)، فكانت -رضي الله عنها- بيضاء اللّون مشربةً بحمرةٍ؛ ولقّبت بلقب الحُميراء بسبب حُمرة وجهها.
أمَّا جسمها فكانت نحيلةً في صغرها، خفيفة اللّحم، وكان وزنها يزيد كلَّما ازداد بها العمر، قالت -رضي الله عنها-: (أنّها كانت مع النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- في سفرٍ، قالت: فسابقتُه فسبقتُه على رِجليَّ، فلما حملتُ اللحمَ سابقتُه فسبقَني، فقال: هذه بتلك السبْقَة)، وكانت أقرب إلى الطُّول منها إلى القصر، وذات شعرٍ طويلٍ.
صفاتها الخُلقية
تربَّت عائشة -رضي الله عنها- في بيت النبوَّة، فكان خُلُقُها من خُلُق النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وامتازت بمجموعةٍ من الصِّفات الحميدة، نذكر شيئا منها فيما يأتي:
كثرة العبادة
كانت أمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- كثيرة العبادة، ومن أهمِّ العبادات التي كانت تقوم فيها ما يأتي:
- المداومة على صلاة الضُّحى
قالت رضي الله عنها: (صَلَّيْتُ صَلَاةً كُنْتُ أُصَلِّيهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّ أَبِي نُشِرَ، فَنَهَانِي عَنْهَا، مَا تَرَكْتُهَا).
- المداومة على قيام الَّليل
كانت إن نامت عن حزبها ليلاً قضته نهاراً، قالت: (كُنْتُ أَقُومُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ التَّمَامِ، فَكَانَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءِ، فَلَا يَمُرُّ بِآيَةٍ فِيهَا تَخَوُّفٌ، إِلَّا دَعَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَاسْتَعَاذَ، وَلَا يَمُرُّ بِآيَةٍ فِيهَا اسْتِبْشَارٌ، إِلَّا دَعَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَغِبَ إِلَيْهِ).
- المداومة على صلاة التَّراويح جماعةً
في الحديث الشريف: (أنَّ عائشةَ رضِي اللهُ عنها كان يَؤُمُّها غلامُها ذَكْوانُ في المُصحَفِ في رمَضانَ).
- المداومة على الصِّيام
حتّى قيل: كانت تصوم الدَّهر ولا تفطر، ففي الحديث: (أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تصومُ الدّهْرَ في السفرِ والحضرِ).
الزهد والورع
مظاهر الزهد كثيرةٌ في حياة أمِّ المؤمنين -رضي الله عنها-، ونذكر منها:
- لا تحبُّ الذكر والثناء عليها
قالت لمَّا أثنى عليها ابن عباس -رضي الله عنه-: (ووَدِدْتُ أنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا).
- الزهد في المأكل والمشرب
وذلك في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعد موته، قالت: (ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِن طَعَامِ بُرٍّ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا، حتَّى قُبِضَ).
- الحجاب
لم تخلع الحجاب منذ دفن عمر -رضي الله عنه- في الحجرةِ مع أبيها وزوجها -صلى الله عليه وسلم- قالت: (كُنْتُ أدخُلُ بيتي الَّذي فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم وأبي فأضَعُ ثوبي وأقولُ إنَّما هو زوجي وأبي فلمَّا دُفِن عمرُ معهم فواللهِ ما دخَلْتُه إلَّا وأنا مشدودةٌ عليَّ ثيابي حياءً من عمرَ رضي اللهُ عنه).
الكرم والسخاء
كانت كأبيها السَّخيِّ الجواد، ومن زوجها -صلى الله عليه وسلم- تعلَّمت العطف والرَّحمة على المحتاجين، وتشبّهت بأختها الكبيرة أسماء، قال ابن الزبير: (ما رأيتُ امرأتَين أجودَ من عائشةَ وأسماءَ ، وجودُهما مختلفٌ، أما عائشةُ فكانت تجمعُ الشيءَ إلى الشيءِ، حتى إذا كان اجتمع عندها قسَّمَتْ، وأما أسماءُ فكانت لا تُمسِكُ شيئًا لغدٍ).
وبلغ فيها الجود أنَّها كانت لا تمسك شيئا، حتى قال فيها ابن أختها عبدالله بن الزبير -رضي الله عنه- ما قال كما جاء في الأثر: (كانَ عبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبَيْرِ أحَبَّ البَشَرِ إلى عَائِشَةَ بَعْدَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبِي بَكْرٍ، وكانَ أبَرَّ النَّاسِ بهَا، وكَانَتْ لا تُمْسِكُ شيئًا ممَّا جَاءَهَا مِن رِزْقِ اللَّهِ إلَّا تَصَدَّقَتْ، فَقالَ ابنُ الزُّبَيْرِ: يَنْبَغِي أنْ يُؤْخَذَ علَى يَدَيْهَا، فَقالَتْ: أيُؤْخَذُ علَى يَدَيَّ؟! عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ كَلَّمْتُهُ).
غيرتها على رسول الله
من طبائع المرأة أنَّها تغار على زوجها، فكيف لا تغار امرأةٌ على زوجها وهو خير البشر، وقد فضَّله الله -تعالى- على العالمين، فقد كانت عائشة -رضي الله عنها- تغار على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصَّة من خديجة -رضي الله عنها-.
قالت عائشة -رضي الله عنها- : (اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ؛ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ، فَارْتَاحَ لِذَلِكَ فَقَالَ: اللهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، فَغِرْتُ فَقُلْتُ: وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ فَأَبْدَلَكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهَا).
العلم والفقه
كانت عائشة -رضي الله عنها- من أعلم الصَّحابة وأفقههم، وبيان ذلك فيما يأتي:
- جمعت علوم القرآن والحديث.
- كان الصَّحابة يستفتونها وكانت تردُّ عليهم إن أخطأوا.
- كانوا ينزلون علمها المنزلة الرَّفيعة، ويقدرون لها قدرها في الفضل والعلم.
- روت عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثيراً من الأحاديث، فقد بلغ مسندها ألفين ومائتين وعشرة حديثاً.
- أخرج لها الشيخان مائةً وأربعةً وسبعين حديثاً، وروى لها البخاري منفرداً أربعة وخمسين حديثاً، فيما انفرد مسلم بتسعةٍ وستين حديثاً.