صحة حديث (من كذب علي متعمدًا)
صحة حديث (من كذب علي متعمداً)
هذا الحديث من الأحاديث التي عادة ما تُذكر في معرض الكلام حول الأمور والمسائل الدينية؛ ويكون قوله تذكيراً بضرورة التحقّق من سلامة وصحة المعلومة الدينية قبل الجزم بها، ولأهميته فقد تحدّث أهل العلم في ثبوت صحّته وذكر طرق رواياته وما يتصل به من مسائل وشروح ومعان وألفاظ.
ومن الطرق الصحيحة التي ورد بها الحديث هي ما ذكره الإمام مسلم في مقدّمة صحيحه؛ إذ صحّ عن الصحابي أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)، أما عن صحته فتتبين من خلال عدة أمور أخرى، منها:
- رواية طرق كثيرة لهذا الحديثين في صحيحي الإمامين البخاري ومسلم؛ ومعلوم أن الإمامين ممن اعتنوا بضبط وصحة الأحاديث المذكورة في كتبهم؛ إذ هما من أكثر كتب الحديث اعتماداً عند المسلمين.
- ثبوت رواية الحديث هذا عن جمع غفير من الصحابة ومن خلال عدة طرق، وهذا فيه دلالة على كون الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أخبر به.
- وصول عدد الطرق الصحيحة إلى نحو مئة طريق ما بين صحيح وحسن وضعيف، وهذا يؤيد أمر ثبوته عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
شرح حديث (من كذب علي متعمداً)
من المسائل التي اهتم بها العلماء عند ذكرهم لهذا الحديث هي: شرح الحديث وتوضيح معناه، سواء معناه العام أو دلالات بعض ألفاظه، وفيما يأتي بيان معنى الحديث:
معنى الحديث العام
قيل في معنى الحديث العام أنه جاء لبيان جزاء الكاذب على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبيان أن منزله النار، هذا مع جواز مغفرة وعفو الله عن مرتكب هذا الإثم، ومَن يعاقب يوم القيامة بسبب هذا الفعل لا يشترط أن يبقى في النار فقد يعفو الله عنه.
معنى (متعمدا)
من المعلوم أن الكذب قد يقع من الشخص على حالين؛ إحداهما تعمداً والآخر سهواً، وقد بيّن العلماء أن السرّ في اختيار لفظ التعمّد هو أن الحديث يرتّب وعيداً شديداً على مرتكب الكذب على الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ ومِن الناس مَن قد يكون مخطئاً أو ساهياً أو ناسياً، وهؤلاء لا إثم عليهم، ولذلك كان هذا التعبير المقيد بالعمد رفعاً لما قد يُوهم من أن الحديث يشمل جميع الحالات.
معنى (فليتبوأ مقعده من النار)
إن قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- هنا يجري مجرى الدعاء منه -صلى الله عليه وسلم- على من كذب عليه، فكأنه يقول: من كذب عليّ متعمداً بوّأه الله مقعده من النار، وكلامه هنا وإن خرج مخرج الأمر لا يعني ذلك بالضرورة أنه يكون هذا معناه الأمر، فحسب كلام العرب تحتمل هذه الصيغة أن تكون بمعنى الدعاء؛ إذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- عبْد من عباد الله، والحكم لله أولاً وآخراً.