صحة حديث: لم ير للمتحابين إلا النكاح
صحة حديث (لم ير للمتحابين إلا النكاح)
الحكم على سند الحديث
هذا الحديث رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في سنن ابن ماجة، وخرجه المحدث السيوطي في الجامع الصغير وحكم عليه بالصحة، وكذلك صححه العلامة الألباني في سنن الإمام ابن ماجه .
ولقد تفرد ابن ماجة -رحمه الله- في سننه بهذا الحديث، ولكن رواه عدد من المحدثين بأسانيد جيدة وصحيحة؛ منهم أبو يعلى الموصلي عن زهير عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة، ثم ذكر الحديث الشريف الذي تفرد بروايته ابن ماجة.
ورواه البيهقي في سننه الكبرى من طريق عبد الله بن يوسف التنيسي، كذلك رواه الحاكم في المستدرك من طريق ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس مرسلاً. ودرجة الحديث بصورة عامة: صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه الاستئناس به.
مناسبة الحديث
يروي جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- فيقول: جاء رجل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يسأل عن يتيمة كانت عنده؛ وقد تقدم لخطبتها رجلان رجل فقير وآخر غني، وهو يريد الغني وهي تريد الفقير، فأرشدهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (لم ير للمتحابين مثل النكاح)،وقد قصد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجمعا هذه الفتاة بمن تحب تحت ظل الزواج لتدوم محبتهما بالحلال.
نبذة عن راوي الحديث
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه أم الفضل، لبابة الكبرى بنت الحارث أخت ميمونة أم المؤمنين. ويمتاز بكثرة روايته للحديث.
ويلقب بحبر الأمة والبحر لغزارة علمه ويلقب أيضا بترجمان القرآن، وهو أحد العبادلة الأربعة؛ وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص -رضوان الله عليهم جميعاً-.
ولد ابن عباس بشعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاثة أعوام، ومات الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعمره ثلاث عشرة سنة، ويصف عمرو بن دينار مجلس عبد الله بن عباس بأنه مجلس جامع لألوان العلوم؛ من الحلال والحرام، والشعر والعربية والأنساب.
شرح الحديث
لقد وضع الشرع الحنيف علاجاً ناجعاً لقضية العشق والمحبة بين الرجل والمرأة ألا وهي الزواج ؛ حيث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصى القادرين من الشباب مادياً ومعنوياً على الإقبال على الزواج؛ لأنه يعد وسيلة لغض البصر وتحصين الفرج من الفواحش، ووجه الشباب غير القادرين إلى عبادة الصوم فإنها تصونهم من الوقوع بالفواحش.
ورواه البيهقي بلفظ (مثل) بدل (إلا)، ويوضح الحديث الشريف أن أفضل علاج للحب الحاصل بين الرجل والمرأة هو الزواج وهو أفضل علاج ودواء، وذكر مثل ذلك المفسر المشهور المناوي في مصنفه فيض القدير: "إذا شاهد الرجل امرأة أجنبية، وأحبها حباً شديداً فزواجهما يزيد المحبة بينهما".