شعر رومنسي قصير
الشعر الرومنسي
يُعدّ الشّعر من الفنون الأدبيّة التي أبدع الكثير من الشّعراء في إتقانها؛ فهذا الفنّ يحتاج إلى موهبةٍ حقيقيّة وإحساس عالٍ جداً، وذلك لكي يعبّر الشّاعر عمّا يدور في نفسه من حزن أو حب أو مدح أو فراق وسنذكر هنا بعضاً من أبيات الحب والرومنسية.
أحبك جداً
نزار بن توفيق القباني ، ولد وتوفي عام (1923-1998م)، وهو دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923م من أسرة دمشقية عريقة، إذ يعتبر جده أبو خليل القباني رائد المسرح العربي، أصدر أولى دواوينه عام 1944م بعنوان "قالت لي السمراء"، ودفن في مسقط رأسه دمشق، وقام نزار بتصنيف هذه القصيدة على أنّها قصيدة رومنسية:
أحبك جداً
وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويـل
وأعرف أنك ست النساء
وليس لدي بديـل
وأعرف أن زمان الحنيـن انتهى
ومات الكلام الجميل
لست النساء ماذا نقول
أحبك جدا
أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى
وأنتِ بمنفى
وبيني وبينك
ريحٌ
وغيمٌ
وبرقٌ
ورعدٌ
وثلجٌ ونـار
وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ
وأعرف أن الوصول إليك
انتحـار
ويسعدني
أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية
ولو خيروني
لكررت حبك للمرة الثانية
أيا من غزلت قميصك من ورقات الشجر
أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر
أحبك جداً
وأعرف أني أسافر في بحر عينيك
دون يقين
وأترك عقلي ورائي وأركض
أركض
أركض خلف جنونـي
أيا امرأة تمسك القلب بين يديها
سألتك بالله لا تتركيني
لا تتركيني
فماذا أكون أنا إذا لم تكوني
أحبك جداً
وجداً وجداً
وأرفض من نــار حبك أن أستقيلا
وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقيلا
وما همني
إن خرجت من الحب حيا
وما همني
إن خرجت قتيلا
أريد سلوكم والقلب يأبى
أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك، ولد بحي الحنفي في القاهرة في 16 أكتوبر 1868م لأب شركسي وأم يونانية تركية، وهو كاتب وشاعر مصري يُعدّ من أعظم شعراء العربية في العصور الحديثة، يلقب بـ "أمير الشعراء"، ظل شوقي محل تقدير الناس، حتى فاجأه الموت بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة يحيي بها مشروع القرش الذي نهض به شباب مصر، وتوفي في 14 أكتوبر 1932م، ومن قصائده بالحب والرومنسية:
أَريدُ سُلوَّكم والقلبُ يأْبَى
- وعتبكُم وملءُ النفس عُتْبى
وأَهجركم فيهجرني رُقادي
- ويُضوِيني الظلامُ أَسًى وكرْبا
واذكركم برؤية ِ كلِّ حُسْنٍ
- فيصبو ناظري والقلب أصبى
وأَشكو من عذابي في هواكم
- وأَجزيكم عن التعذيبِ حُبّا
وأَعلمُ أَن دَأْبكُمُ جَفَائي
- فما بالي جعلتُ الحبَّ دأْبا
ورُبَّ مُعاتِبٍ كالعيش ، يشكى
- وملءُ النفس منه هَوًى وعُتْبى
أتَجزيني عن الزُّلْفَى نِفاراً
- عَتَبَتكَ بالهوى وكفاك عَتبا
فكلّ ملاحة ٍ في الناس ذنبٌ
- إذا عُدّ النِّفارُ عليكَ ذنبا
أخذتُ هواك عن عيني وقلبي
- فعيني قد دَعَتْ والقلبُ لَبّى
وأَنتَ من المحاسن في مِثال
- فديتكَ قالَباً فيه وقَلْبا
أُحِبُّكَ حين تثني الجيدَ تِيهاً
- وأَخشى أَن يصيرَ التِّيهُ دَأْبا
وقالوا : في البديل رضاً ورووحٌ
- لقد رُمتُ البديلَ، فرمتُ صَعبا
وراجعتُ الرشادَ عَساي أَسلو
- فما بالي مع السُّلوانِ أَصْبى
إذا ما الكأْسُ لم تُذْهِبْ همومي
- فقد تَبَّتْ يدُ الساقي وتَبّا
على أَني أَعَفُّ من احتساها
- وأَكرمُ مِنْ عَذَارَى الدير شربا
ولي نفسٌ أُورَيها فتزهو
- كزهر الورد نَدَّوْهُ فهبَّا
كتاب الحب
نزار بن توفيق القباني ولد عام 1923م، وهو دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ورث من أبيه ميله نحو الشعر، كما ورث عن جدّه حبه للفن بمختلف أشكاله، كان نزار في رحلة مدرسية بحريّة إلى روما في عام 1939م حين كتب أول أبياته الشعريّة متغزلًا بالأمواج والأسماك التي تسبح فيها وكان في عمر 16 عامًا، في عام 1997م كان قباني يعاني من تردٍّ في وضعه الصحي، وبعد عدّة أشهر توفي في 30 أبريل 1998 عن عمر ناهز 75 عامًا في لندن، وقد أوصى أن يتمّ دفنه في دمشق ، ومن قصائده في الحب والرومنسية:
الحب يا حبيبتي
قصيدة جميلة مكتوبة على القمر
الحب مرسوم على جميع أوراق الشجر
الحب منقوش على
ريش العصافير وحبات المطر
لكن أي امرأة في بلدي
إذا أحبت رجلا
ترمى بخمسين حجر
أجمل حب
محمود درويش شاعر المقاومة الفلسطينية وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن المسلوب، وهو الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات، ولد عام 1942م في قرية البروة، ويعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه، وفي شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى، وقام بتصنيف هذه القصيدة على أنّها قصيدة رومنسية ونوعها نثرية:
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرهْ
وُجدنا غريبين يوما
وكانت سماء الربيع تؤلف نجماً.. ونجما
وكنت أؤلف فقرة حب..
لعينيكِ ... غنيتها
أتعلمُ عيناكِ أني انتظرت طويلا
كما انتظرَ الصيفَ طائرْ
ونمتُ كنوم المهاجرْ
فعينٌ تنام، لتصحوَ عين طويلًا
وتبكي علي أختها،
حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر
ونعلم أن العناق، وأن القبل
طعام ليالي الغزل
وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمر
على الدرب يوماً جديداً
صديقان نحن فسيرى بقربيَ كفاً بكف
معاً نصنع الخبز والأغنيات
لماذا نسائل هذا الطريق للأي مصير
يسير بنا
ومن أين لملم أقدامنا
فحسبي وحسبك أنا نسير
معاً’ للأبد
لماذا نفتش عن أُغنيات البكاء
بديوان شعر قديم
ونسأل يا حبنا هل تدوم
أحبكِ حُبَّ القوافل واحةَ عشب وماء
وحب الفقير الرغيف
كما ينبت العشب بين مفاصل صخره
وجدنا غربيين يوماً
ويبقى رقيقين دوماً.
رمى الله في عيني بثينة بالقذى
هي قصيدة لجميل بن عبد الله بن مَعْمَر العُذْري القُضاعي ويُكنّى أبو عمرو، كان فصيحًا مقدمًا جامعًا للشعر والرواية، وكان في أول أمره راوياً لشعر هدبة بن خشرم، وقام جميل بثينة بتصنيف هذه القصيدة على أنّها قصيدة رومنسية ونوعها عمودية من بحر الطويل:
رَمى اللَهُ في عَينَي بُثَينَةَ بِالقَذى
- وَفي الغُرِّ مِن أَنيابِها بِالقَوادِحِ
رَمَتني بِسَهمٍ ريشَهُ الكُحلُ لَم يَضِر
- ظَواهِرَ جِلدي فَهوَ في القَلبِ جارِحي
أَلا لَيتَني قَبلَ الَّذي قُلتِ شيبَ لي
- مِنَ المُذعِفِ القاضي سِمامُ الذَرارِحِ
فَمُتُّ وَلَم تُعلَم عَلَيَّ خِيانَةٌ
- أَلا رُبَّ باغي الرِبحِ لَيسَ بِرابِحِ
فَلا تَحمِليها وَاِجعَليها جِنايَةٌ
- تَرَوَّحتُ مِنها في مِياحَةِ مائِحِ
أَبوءُ بِذَنبي أَنَّني قَد ظَلَمتُها
- وَإِنّي بِباقي سِرِّها غَيرُ بائِحِ
أحبك أكثر
في شعر محمود درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى، وفي هذه القصيدة يصف حبه للوطن كأنّه حبيبته:
تكبر تكبر
فمهما يكن من جفاك
ستبقى ، بعيني و لحمي ، ملاك
وتبقى كما شاء لي حبنا أن أراك
نسيمك عنبر
وأرضك سكر
وإني أحبك .. أكثر
يداك خمائل
ولكنني لا أغني
ككل البلابل
فإن السلاسل
تعلمني أن أقاتل
أقاتل أقاتل
لأني أحبك أكثر
غنائي خناجر ورد
وصمتي طفولة رعد
وزنبقة من دماء
فؤادي
وأنت الثرى والسماء
وقلبك أخضر
وجزر الهوى فيك مد
فكيف إذن لا أحبك أكثر
وأنت كما شاء لي حبنا أن أراك
نسيمك عنبر
وأرضك سكر
وقلبك أخضر
وغني طفل هواك
على حضنك الحلو
أنمو وأكبر
قارئة الفنجان
كتب نزار بن توفيق القباني هذه القصيدة وأرسلها لحليم 1973م وطلب منه أن يغنيها لترى النور عام 1976م، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني"، وكان لدمشق وبيروت حيزًا خاصًا في أشعاره لعل أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت"، أمّا قصيدة قارئة الفنجان فتقول أبياتها:
جَلَسَت والخوفُ بعينيها
تتأمَّلُ فنجاني المقلوب
قالت
يا ولدي لا تَحزَن
فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب
يا ولدي،
قد ماتَ شهيداً
من ماتَ على دينِ المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتُكَ أسفارٌ وحروب
ستُحِبُّ كثيراً وكثيرا
وتموتُ كثيراً وكثيرا
وستعشقُ كُلَّ نساءِ الأرض
وتَرجِعُ كالملكِ المغلوب
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها، سبحانَ المعبود
فمُها مرسومٌ كالعنقود
ضحكتُها موسيقى و ورود
لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ
وطريقكَ مسدودٌ مسدود
فحبيبةُ قلبكَ يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
والقصرُ كبيرٌ يا ولدي
وكلابٌ تحرسُهُ وجنود
وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ
من يدخُلُ حُجرتها مفقود
من يطلبُ يَدَها
من يَدنو من سورِ حديقتها مفقود
من حاولَ فكَّ ضفائرها
يا ولدي
مفقودٌ مفقود
بصَّرتُ ونجَّمت كثيراً
لكنّي لم أقرأ أبداً
فنجاناً يشبهُ فنجانك
لم أعرف أبداً يا ولدي
أحزاناً تشبهُ أحزانك
مقدُورُكَ أن تمشي أبداً
في الحُبِّ على حدِّ الخنجر
وتَظلَّ وحيداً كالأصداف
وتظلَّ حزيناً كالصفصاف
مقدوركَ أن تمضي أبداً
في بحرِ الحب بغيرِ قُلوع
وتُحبُّ ملايينَ المَرَّاتِ
وترجعُ كالملكِ المخلوع
سهادي وليلي فيك ما لها حدّ
وهي قصيدة لابن الساعاتي أبو الحسن علي بن محمد بن رستم بن هَرذوز، ولد في دمشق (553 هـ - رمضان 640 هـ) كان شاعراً مشهوراً مُبرزاً في حلبة المتأخرين، ولُقِّب "بعين الشعراء"، قام بتصنيف قصيدة سهادي وليلي فيك ما لها حد على أنّها قصيدة رومنسية ونوعها عمودية:
سهادي وليلي فيك ما لها حدُّ
- وطيبُ الكرى كالصبح ما لي به عهدُ
إذا كان للعشّاقِ حبُّك قاتلا
- فماذا الذي تبغي القطيعة والصدُّ
لمن يرهف الهنديُّ والنبلُ والقنا
- كفى قومك الألحاظُ والهدب والقدّ
رضا بك شهدٌ رشفه ينقع الصدى
- متى كان يروي غلَّة الهائم الشهد
وفاتكةِ الألحاظ آمنة الحشا
- وعند الهوى لا يوجب القودَ العمد
يثقّف لا للزيغ بالطعن قدُّها
- ويسقى وما غير الحيا بالدّم الورد
إذا خطرتْ فالغصن نوّارهُ الحلى
- وإن نظرتْ فالسيفُ قلبي له غمد
أناشد جفنيها السقيمين في دمي
- وتأبى سوى السفك الأناملُ والخدُّ
يبيح فؤادي قدَّ هند ونهدها
- ويمنعه نهدٌ وما تطبع الهند
هي الشمس يضفو الظل في حال قربها
- وتضحي هجيراً حين يحجبها البعد
تضنّ وتسخو فالمنية والمنى
- وتنأى وتدنو فالضلالة والرشد
أتت فتلاقي كلُّ شيء ومثله
- وفود الدجى من هامة الأفق مسودُّ
فجفني وجفناها ووجدي وردفها
- وقلبي وقرطاها ودمعيَ والعقد
لقد كتم الخلخال والقلب والدجى
- فنمَّ عليها الثغر والحليُ والندُّ
سلامٌ على نجد وساكن ظلها
- وإن لم يفد إلاَّ رسيسَ الهوى نجد
إذا أخمدت نار الأسى بعد هجعة
- فعند الصبا بعد الخمود لها وقد
فإن وعدت نفسي المنى بلقائها
- أبى اليأس منها أن يصحَّ لها وعد
وأبى لاستشفى سقامَ نسيمها
- وما عنده إلاّ الصبابة والوجد
يقصُّ أحاديث الكثيب وبانهِ
- ودون الكثيب البيدُ والعيس والوخد
قضى الصبر مثل الغمض عن ظبياتهِ
- وللوجدِ مثل السقم في خلدي خلد