شعر انتظار
قصيدة في الانتظار
يقول محمود درويش:
- في الانتظار، يُصيبُني هوس برصد
- الاحتمالات الكثيرة: ُربَّما نَسِيَتْ حقيبتها
- الصغيرة في القطار، فضاع عنواني
- وضاع الهاتف المحمول، فانقطعت شهيتها
- وقالت: لا نصيب له من المطر الخفيف
- وربما انشغلت بأمر طارئٍ أو رحلةٍ
- نحو الجنوب كي تزور الشمس، واتَّصَلَتْ
- ولكن لم تجدني في الصباح، فقد
- خرجت لأشتري غاردينيا لمسائنا وزجاجتينِ
- من النبيذ
- وربما اختلفت مع الزوجِ القديم على
- شؤون الذكريات، فأقسمت ألا ترى
- رجلاً يُهدِّدُها بصُنع الذكريات
- وربما اصطدمت بتاكسي في الطريقِ
- إليَ، فانطفأت كواكب في مَجَرّتها.
- وما زالت تُعالج بالمهدئ والنعاس
- وربما نظرت إلى المرآة قبل خروجها
- من نفسها، وتحسَّست أجاصَتَيْن كبيرتينِ
- تُموِّجان حريرَها، فتنهَّدت وترددت:
- هل يستحقُّ أنوثتي أحد سوايَ
- وربما عبرتْ، مصادفةً، بِحُبٍّ
- سابقٍ لم تَشْفَ منه، فرافقته إلى
- العشاءِ
- وربَّما ماتَت،
- فإن الموت يعشق فجأة، مثلي،
- وإن الموتَ، مثلي، لا يحبُّ الانتظار
يا حنانا كيد الآسي الرؤوم
يقول: إبراهيم ناجي
يا حناناً كيدِ الآسي الرؤومِ
- وشُعاعاً يُشتَهى بعد الغُيومِ
أنا في بُعدِكَ مفقودُ الهُدَى
- ضَائعٌ أعشو إلى نورٍ كريمِ
أشتري الأحلامَ في سُوق المُنى
- وأبيعُ العُمرَ في سُوق الهُمومِ
لا تقل لي في غدٍ موعدُنا
- فالغدُ الموعُودُ ناءٍ كالنجومِ
أغداً قلت فعلِّمني اصطبارا
- ليتني أختصرُ العُمرَ اختِصارَا
عَبَرَت بي نَشوةٌ مِن فَرَحٍ
- فَرَقصنا أنا والقلبُ سُكارَى
وعَرَانا طَائِفٌ مِن خَبَلٍ
- فاندَفَعنا في الأماني نتبارَى
سنَذمُّ النور حتى يتَلاشى
- ونذمُّ الليلَ حتى يتوارَى
انفَردنا أنا والقلب عشيا
- ننسج الآمالَ والنَّجوى سويَّا
فركبنا الوهمَ نبغي دارَها
- وطوينا الدهر والعالَم طَيَّا
فبلغناها وهللنَا لها
- ونزَلنَا الخُلدَ فينَاناً نَدِيَّا
ولقينا الحسنَ غَضّاً والصّبا
- وتملَّينَا الجلالَ الأبدِيَّا
قال لي القلبُ أحقّاً ما بلغنا
- كيف نام القَدرُ السَّاهر عنَّا
أتراها خِدعةً حاقت بنا
- أتراها ظِنةً مما ظَنَنَّا
قلتُ لا تجزع فكم من منزلٍ
- عزَّ حتى صار فوق المتمنى
أذِنَ اللهُ به بَعد النوى
- فثوينا واسترحنا وأمِنَّا
يا جِنانَ الخُلدِ قَدَّمتُ اعتِذاري
- إذ يَطوف الخلدَ سقمي ودَماري
أيها الآمرُ في مُلكِ الهوى
- اعفُ عن لهفةِ روحي وأواري
أشتهي ضَمَّكَ حتى أشتفي
- فكأني ظامئٌ آخذ ثاري
غير أني كلَّما امتدت يدي
- لعناقٍ خِفتُ أن تؤذيكَ ناري
أيها النورُ سَلاماً وخشوعا
- أيها المعبَدُ صَمتاً ورُكُوعَا
ملكت قلبي ولُبي رهبة
- عصفت بالقلب واللُّبّ جميعَا
رُبَّ قول كنتُ قد أعددتُه
- لكَ إذ ألقاك يأبى أن يطيعَا
وحبيسٍ من عتابٍ في فمي
- قد عصاني فتفجَّرتُ دموعَا
لذعتني دمعة تلفح خدي
- نبهتني من ضلالٍ ليس يُجدِي
واختفت تلك الرُّؤَى عن ناظري
- وطَواها الغيبُ في سِحري بُردِ
وتَلفَّتُّ فلا أنت ولا
- جنةُ الخلد ولا أطيافُ سَعدِ
وإذا بي غارقٌ في محنَتي
- وبلائي أقطعُ الأيامَ وَحدِي
هاتِ قيثاري ودَعني للخيالِ
- واسقني الوهمَ وعَلِّل بالمحالِ
ودَع الصدق لمن ينشده
- الحجى خصميَ فاغمر بالضلالِ
وخُذ الأنوار عنّي ربما
- أجدَ الرحمةَ في جوفِ الليالي
خلِّني بالشوقِ أستدني غداً
- فغداً عندي كآبادٍ طوالِ
بانتظار سيدتي
يقول نزار قباني:
- أجلس في المقهى.. منتظرا
- أن تأتي سيدتي الحلوة
- أبتاع الصحف اليومية
- أفعل أشياء طفولية
- "أفتش عن "برج الحمل
- " .. ساعدني يا "برج الحمل
- " .. طمئني يا "برج الحمل"
- هل تأتي سيدتي الحلوة ؟
- هل ترضى أن تتزوجني
- هل ترضى سيدتي الحلوة ؟
- يخبرني برجي عن يوم
- يشرق بالحب وبالأمل
- يخبر .. عن خمسة أطفال يأتون
- وعن شهر العسل
- أبقى في المقهى .. منتظرا
- عشرة أعوام قمرية
- منتظرا .. سيدتي الحلوة
- تقرأني الصحف اليومية
- ينفخني غيم سجاراتي
- يشربني .. فنجان القهوة
- ينفخني غيم سجاراتي
- يشربني .. فنجان القهوة
حلم اللقاء
يقول عبد الرحمن العشماوي:
قرِّبْ خُطاكَ فإنَّني مُشْتاقُ
- عندي الحنينُ وعندكَ الإشفاقُ
أتُراكَ لم تعلمْ بحالي، بعدم
- عصفتْ براحة قلبيَ الأشواقُ؟
قرِّب إليَّ الماءَ ، إنِّي لظاميءٌ
- ولديكَ أنتَ الماءُ والترياقُ
مهما تطاولَ عنكَ ليلُ صبابتي
- فأنا إلى فجر المُنى توَّاقُ
ما دام لي حُلُمُ اللِّقاءِ فإنَّني
- أحيا بهِ، مهما يطولُ فِراقُ
إلام انتظاري بالوصال ولا وصل
يقول ابن النحاس:
إلام انتظاري بالوصال ولا وصل
- وحتام لا تدنوإليّ ولا أسلو
وبين ضلوعي زفرة لو تبوّأت
- فؤادك ما أيقنت أن الهوى سهل
جميلا بصب زاده الناي صبوة
- ورفقا بقلب مسه بعدك الخبل
إذا طرفت منك العيون بنظرة
- فأيسر شيء عند عاشقك القتل
امنعمة بالزورة الظبية التي
- بخلخالها حلم وفي قرطها جهل
ومن كلما جردتها من ثيابها
- كساها ثيابا غيرها الفاحم الجثل
سقى المزن أقواما بوعساء رامة
- لقد قطعت بيني وبينهم السبل
وحبا زماناً كلما جئت طارقا
- سليمى أجابتني إلى وصلها جمل
تود ولا اصبو وتوفي ولا أفي
- وأنأى ولا تنأى واسلوا ولا تسلو
إذ الغصن غضر والشباب بمائه
- وجهد الرضا من كل نائبة عطل
ومن خشية النار التي فوق وجنتي
- تقاصران بدنو بعارضي النمل
بروحي من ودعتها ومدامعي
- كسقط جمان جذ من سمطه الحبل
كأن قلاص المالكية نوخت
- على مدمعي فارفض مذثورا الإبل
وما ضربت تلك الخيام بعالج
- لقصد سوى أن لا يصاحبني العقل
وخرق كأن العيس فيه إذا خطت
- تسابق ظلا أو يسابقها الظل
يسمن بنا الأنضاء حتى كأننا
- حبارى دجا أو أرضنا معنا قفل
إذا عرضت لي من بلاد مذلة
- فأيسر شيء عندي الوخد والرحل
وليس اعتساف البيد عن مربع الأذى
- بذل ولكن المقام هو الذل
ولا أنا ممن أن جهلت خلاله
- أقامت به القامات والأعين النجل
فكل رياض جئتها لي مرتع
- وكل أناس اكرموني هم الأهل
ولي باعتماد الأبلج الوجه راشد
- عن الشغل في آثار هذا الورى شغل
همام رست للمجد في جنب عزمه
- جبال جبال المجد في جنبها سهل
وليث هياج ما غنين جفونه
- من الكحل إلا والعجاج لها كحل
يقوم مقام الجيش إن غاب جيشه
- ويخلف حد النصل إن غمد النصل
زكت شرفا أعراقه وفروعه
- وطابت لنا منه الفضائل والفعل
إذا لم يكن فعل الكريم كأصله
- كريما فما تغني المناسب والأصل
من النفر الغر الذين تأففوا
- مدى الدهر أن يأتي ديارهم البخل
كرام إذا راموا فطام وليدهم
- على الثدى خطوا البخل فانفطم الطفل
ليوث إذا صالوا غيوث إذا هموا
- بحور إذا جادوا سيوف افاسلوا
وان خطبوا مجدا فإن سيوفهم
- مهور وأطراف القنا لهم رسل
إذا قفلوا تنأى العلا حيثما نأوا
- وإن نزلوا حل الندى أينما حلوا
توالت على كسب الثناء طباعهم
- فاعراضهم حرم وأموالهم حل
أمولاي إني مضوا ففيك سما العلا
- وقامت قناة الدين وانتشر الفضل
وإن يك قد أقضي الزمان بسالم
- فانك روض الوبل إن ذهب الوبل
إليك ارتمت فينا قلوص كأنها
- قسي بأسفار كأنهم نبل
وما زجر الأنضاء سوطى وإنما
- إليك بلا سوق تساوقت الإبل
يمينك لا أقضي الزمان بها حيا
- وكهفك لا أودى الزمان به ظل
وكل لحاظ لست إنسانها قذى
- وكل بلاد لست صيبها محل