شعر الفرزدق في المدح
شعر الفرزدق في المدح
كان الفرزدق من الشعراء الأمويين الذين تفننوا بقول الشعر في مختلف فنونه، ومما قاله في المديح ما يأتي:
قصيدة إن ابن أحوز قد داوت كتائبه
إِنَّ اِبنَ أَحوَزَ قَد داوَت كَتائِبُهُ داءَ العِراقَ وَجَلَّت ظُلمَةَ الفِتَنِ في كُلِّ شَرقٍ وَغَربٍ مِن كَتائِبِهِ شَهباءُ كَالرُكنِ مِن ثَهلانَ أَو حَضَنِ يَشفي بِأَرماحِهِ مِن كُلِّ مُبتَدِعٍ ديناً يَحيدُ عَنِ الفُرقانِ وَالسُنَنِ إِنَّ اِبنَ أَحوَزَ مَحمودٌ شَمائِلُهُ- وَالمُستَقالُ بِهِ مِن عَثرَةِ الزَمَنِ
لا تَتَّقي خَيلُهُ وَطءَ القَتيلِ وَلا
- خَوضَ الدِماءِ إِذا كانَت إِلى الثُنَنِ
مَن كانَ مُرٌّ أَباهُ كانَ ذا شَرَفٍ
- عالٍ وَعودَ نُضارٍ غَيرَ ذي أُبَنِ
قصيدة أبلغ معاوية
أَبلِغ مُعاوِيَةَ الَّذي بِيَمينِهِ
- أَمرُ العِراقِ وَأَمرُ كُلَّ شَآمِ
إِنَّ الهُمومَ وَجَدتَها حينَ اِلتَقَت
- في الصَدرِ طارِقِهُنَّ غَيرُ نِيامِ
يَسهَرنَ مَن طَرَقَ الهُمومُ فُؤادَهُ
- وَيَرومُ وارِدُهُنَّ كُلَّ مَرامِ
يَأمُرنَني بِنَدى مُعاوِيَةَ الَّذي
- قادَ اِبنُ خَمسَتِهِ لِكُلِّ لُهامِ
أَو يَستَقيمَ إِلى أَبيهِ فَإِنَّهُ
- ضَوءُ النَهارِ جَلا دُجى الأَظلامِ
غَمَرَ الخَلائِفَ قَبلَهُ وَهُوَ الَّذي
- قَتَلَ النِفاقَ أَبوهُ بِالإِسلامِ
وَرِثوا تُراثَ مُحَمَّدٍ كانوا بِهِ
- أَولى وَكانَ لَهُم مِنَ الأَقسامِ
لَمّا تُخوصِمَ في الخِلافَةِ بِالقَنا
- وَبِكُلِّ مُختَضَبِ الحَديدِ حُسامِ
كانَت خِلافَتُها لِئالِ مُحَمَّدٍ
- لِأَبي الوَليدِ تُراثُها وَهِشامِ
أَخلِص دُعاءَكَ تَنجُ مِمّا تَتَّقي
- لِلهِ يَومَ لِقائِهِ بِسَلامِ
وَهُوَ الَّذي اِبتَدَعَ السَماءَ وَأَرضَها
- وَرَسولَهُ وَخَليفَةَ الآنامِ
قصيدة هذا الذي تعرف البطحاء
هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ
- وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ
- هَذا التَقِيُّ النَقِيُّ الطاهِرُ العَلَمُ
هَذا اِبنُ فاطِمَةٍ إِن كُنتَ جاهِلَهُ
- بِجَدِّهِ أَنبِياءُ اللَهِ قَد خُتِموا
وَلَيسَ قَولُكَ مَن هَذا بِضائِرِهِ
- العُربُ تَعرِفُ مَن أَنكَرتَ وَالعَجَمُ
كِلتا يَدَيهِ غِياثٌ عَمَّ نَفعُهُما
- يُستَوكَفانِ وَلا يَعروهُما عَدَمُ
سَهلُ الخَليقَةِ لا تُخشى بَوادِرُهُ
- يَزينُهُ اِثنانِ حُسنُ الخَلقِ وَالشِيَمُ
حَمّالُ أَثقالِ أَقوامٍ إِذا اِفتُدِحوا
- حُلوُ الشَمائِلِ تَحلو عِندَهُ نَعَمُ
ما قالَ لا قَطُّ إِلّا في تَشَهُّدِهِ
- لَولا التَشَهُّدُ كانَت لاءَهُ نَعَمُ
عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإِحسانِ فَاِنقَشَعَت
- عَنها الغَياهِبُ وَالإِملاقُ وَالعَدَمُ
إِذا رَأَتهُ قُرَيشٌ قالَ قائِلُها
- إِلى مَكارِمِ هَذا يَنتَهي الكَرَمُ
يُغضي حَياءً وَيُغضى مِن مَهابَتِهِ
- فَما يُكَلَّمُ إِلّا حينَ يَبتَسِمُ
بِكَفِّهِ خَيزُرانٌ ريحُهُ عَبِقٌ
- مِن كَفِّ أَروَعَ في عِرنينِهِ شَمَمُ
يَكادُ يُمسِكُهُ عِرفانُ راحَتِهِ
- رُكنُ الحَطيمِ إِذا ما جاءَ يَستَلِمُ
اللَهُ شَرَّفَهُ قِدماً وَعَظَّمَهُ
- جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ
قصيدة إن ابن يوسف
إِنَّ اِبنَ يوسُفَ مَحمودٌ خَلائِقُهُ
- سيئانِ مَعروفُهُ في الناسِ وَالمَطَرا
هُوَ الشِهابُ الَّذي يُرمى العَدُوُّ بِهِ
- وَالمَشرِفِيُّ الَّذي تُعصى بِهِ مُضَرُ
لا يَرهَبُ المَوتَ إِنَّ النَفسَ باسِلَةٌ
- وَالرَأيُ مُجتَمِعٌ وَالجودُ مُنتَشِرُ
أَحيا العِراقَ وَقَد ثَلَّت دَعائِمَهُ
- عَمياءُ صَمّاءُ لا تُبقي وَلا تَذَرُ
قصيدة ما ابن سليم
ما اِبنُ سُلَيمٍ سائِراً بِجِيادِهِ
- إِلى غارَةٍ إِلّا أَفادَكَ مَغنَما
إِذا ما تَرَدّى عابِساً فادَ سَيفُهُ
- دِماءً وَيُعطي مالَهُ إِن تَبَسَّما
يَكُرُّ بِأَسلابِ المُلوكِ وَبِالمَها
- وَبِ الخَيلِ لا يَصهُلنَ إِلّا تَحَمحُما
أَلا رُبَّ يَومٍ داجِنِ اللَيلِ كاسِفٍ
- تَراهُ مِنَ التَأجيجِ وَالرَهجِ مُظلِما
لَهُ رَهَجٌ عالي الزُهاءَ كَأَنَّهُ
- غَيابَةُ دَجنٍ ذي طَخاءٍ تَغَيَّما
تَرى حَدَقَ الأَبطالِ فيهِ كَأَنَّما
- تُكَحَّلُ جادِيّاً مَدوفاً وَعَندَما
قصيدة إن الذي أعطى
إِنَّ الَّذي أَعطى الرِجالَ حُظوظَهُم
- عَلى الناسِ أَعطى خِندِفاً بِالخَزائِمِ
لِخِندِفَ قَبلَ الناسِ بَيتانِ فيهِما
- عَديدُ الحَصى وَالمَأثُراتِ العَظائِمِ
أَخَذتُ عَلى الناسِ اِثنَتَينِ لِيَ الحَصى
- مَعَ المَجدِ ما لي فيهِما مِن مُخاصِمِ
أَبونا خَليلُ اللَهِ وَاِبنُ خَليلِهِ
- أَبونا أَبو المُستَخلَفينَ الأَكارِمِ
وَما أَحَدٌ مِن فَخرِنا بِالَّذي لَنا
- عَلى الناسِ مِمّا يَعرِفونَ بِراغِمِ
وَهَل مِن أَبٍ في الناسِ يَدعونَ بِاِسمِهِ
- لَهُ اِبنانِ كانا مِثلَ سَعدٍ وَدارِمِ
إِذا ما هَبَطنا بَلدَةً كانَ أَهلُها
- بِها وُلِدوا يَظعَن بِها كُلُّ جارِمِ
لَنا العِزُّ مَن تَحلُل عَلَيهِ بُيوتُنا
- يَمُت غَرَقاً أَو يَحتَمِل أَنفَ راغِمِ
فَإِنَّ بَني سَعدٍ هُمُ اللَيلُ فيهِمُ
- حُلومٌ رَسَت وَالظالِمو كُلِّ ظالِمِ
فَإِنَّ بَني سَعدٍ هُمُ الهامَةُ الَّتي
- بِها مُضَرٌ دَمّاغَةٌ لِلجَماجِمِ