مفهوم نظام الحكم في الإسلام
مفهوم نظام الحكم في الإسلام
لقد جاء الإسلامُ منظِّمًا لشؤون الفرد والأسرة والمجتمع والدولة، فكان شاملًا لجميع مكوّنات المجتمع بمختلف الشرائح والأعراق والأجناس، ولقد نهج الإسلامُ إلى ضرورةِ وجودِ نظام حكمٍ يُسيِّرُ للناس شؤونهم ومصالحهم، وهو ما يُطلَقُ عليه: نظام الحكم في الإسلام، ويُقصد به الأحكام المُنَظِّمة للسلطة السياسة، والتي تقومُ على تدبير أهل الإسلام بما يُصلِحُ أحوالَهُم، ويدرَأُ عنهُم الفساد وهو جزء من السياسة الشرعية ،وقد عرّفها العلماء بتعريفاتٍ كثيرةٍ، منها:
- قال أبو الوفا بن عقيل -الفقيه الحنبلي-: "إنَّ السياسة ما كان فعلاً يكونُ معه الناس أقربَ إلى الصلاح، وأبعدَ عن الفساد، وإنْ لم يضعه الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا نزل به وحيٌ".
- قال ابن القيم: "السياسة العادلة جزءٌ من أجزاء الشريعة، وهي عدل الله -سبحانهُ وتعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلّم-".
طبيعة نظام الحكم في الإسلام
إنّ نظام الحكم في الإسلام مُشتَقٌ من العقيدة الإسلاميّة ، وتحكّمه وتُهيمن عليه الأخلاق الإسلامية، والإسلام شاملٌ كاملٌ لا يتجزَّأ، ولا تَعارُضَ بين آياتهِ وأحكامهِ، وهذا ما أكدَّته الآيات الكريمة وذلك من خلال استقراء الأحكام والقوانين، وما جاء هذا النظام إلّا ليُعينَ الناس في مصالحهم الدنيويّة ويضبط إيقاعهم في المجتمع، لما هو خيرٌ وصلاحٌ ورشادٌ في الدنيا والآخرة.
وإنّ نصوص القرآن الكريم تحدّثت عمّن يؤمِنُ ببعض الكتاب ويكفر ببعضهِ الآخر، وعن عقوبة ذلك وجزائه في الدنيا والآخرة؛ كقوم بني إسرائيل، حيث يقول الله -تعالى-: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
وإنّ نظام الحكم في الدولة الإسلاميّة هو المسؤول عن تسيير أمور الناس، وإقامة أمور الدُّنيا بأمرِ الدين؛ فيدفع المسلمين إلى تنفيذ ما أمر الله -سبحانه وتعالى- به، وتنهاهم عمَّا نهى عنه، وذلك بقولهِ -تعالى-: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾.
الآيات الواردة عن نظام الحكم في الإسلام
لقد جاءت في القرآن الكريم الكثير من الآيات الكريمة في العديد من المواضع التي تشير إلى ضرورة وجود نظامٍ يحكم بين الناس، ومنها ما يلي:
- قال الله -تعالى-: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ).
- قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) .
- قال الله -تعالى-: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) .