شعر أبو العتاهية عن الدنيا
أَرى الدُنيا لِمَن هِيَ في يَدَيهِ
يقول أبو العتاهية في الدنيا:
أَرى الدُنيا لِمَن هِيَ في يَدَيهِ
- عَذاباً كُلَّما كَثُرَت لَدَيهِ
تُهينُ المُكرِمينَ لَها بِصُغرٍ
- وَتُكرِمُ كُلَّ مَن هانَت عَلَيهِ
إِذا اِستَغنَيتَ عَن شَيءٍ فَدَعهُ
- وَخُذ ما أَنتَ مُحتاجٌ إِلَيهِ
لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِ
ويقدم نصيحة عن ما جربه في الدنيا فيقول:
لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِ
- كَفاكَ بِدارِ المَوتِ دارَ فَناءِ
فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّما
- تَرى عاشِقَ الدُنيا بِجُهدِ بَلاءِ
حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍ
- وَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ
فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخيلَةٍ
- فَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَماءِ
لَقَلَّ امرُؤٌ تَلقاهُ لِلَّهِ شاكِراً
- وَقَلَّ امرُؤٌ يَرضى لَهُ بِقَضاءِ
وَلِلَّهِ نَعماءٌ عَلَينا عَظيمَةٌ
- وَلِلَّهِ إِحسانٌ وَفَضلُ عَطاءِ
وَما الدَهرُ يَوماً واحِداً في اختِلافِهِ
- وَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ
وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍ
- وَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ
وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُ
- وَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ
أَيا عَجَباً لِلدَهرِ لا بَل لِرَيبِهِ
- تَخَرَّمَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ إِخاءِ
وَمَزَّقَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ جَماعَةٍ
- وَكَدَّرَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ صَفاءِ
إِذا ما خَليلٌ حَلَّ في بَرزَخِ البِلى
- فَحَسبي بِهِ نَأياً وَبُعدَ لِقاءِ
أَزورُ قُبورَ المُترَفينَ فَلا أَرى
- بَهاءً وَكانوا قَبلُ أَهلَ بَهاءِ
وَكُلٌّ رَماهُ واصِلٌ بِصَريمَةٍ
- وَكُلٌّ رَماهُ مُلطِفٌ بِجَفاءِ
طَلَبتُ فَما أَلفَيتُ لِلمَوتِ حيلَةً
- وَيَعيا بِداءِ المَوتِ كُلُّ دَواءِ
وَنَفسُ الفَتى مَسرورَةٌ بِنَمائِهَ
- وَلِلنَقصِ تُنمي كُلُّ ذاتِ نَماءِ
وَكَم مِن مُفَدّاً ماتَ لَم أَرَ أَهلَهُ
- حَبَوهُ وَلا جادوا لَهُ بِفِداءِ
أَمامَكَ يا نَدمانُ دارُ سَعادَةٍ
- يَدومُ النَما فيها وَدارُ شَقاءِ
خُلِقتَ لِإِحدى الغايَتَينِ فَلا تَنَم
- وَكُن بَينَ خَوفٍ مِنهُما وَرَجاءِ
وَفي الناسِ شَرٌّ لَو بَدا ما تَعاشَروا
- وَلَكِن كَساهُ اللَهُ ثَوبَ غِطاءِ
كُلٌّ عَلَى الدنيَا لَهُ حرصُ
ويقول عن حرص الإنسان على الدنيا:
كُلٌّ عَلَى الدنيَا لَهُ حرصُ
- والحادِثَاتُ أناتُهَا غفصُ
تَبغي مِنَ الدّنْيا زِيادَتَها،
- وزِيادَتي فيها هيَ النّقصُ
وكأنَّ منْ واروهُ فِي جدثٍ
- لمْ يبدُ منهُ لناظرٍ شخصُ
ليَدِ المنية في تَلَطّفِهَا،
- عَنْ ذُخْرِ كلّ شَفيقَة ٍ، فحصُ
كُلُّ حَياةٍ إِلى مَماتٍ
ويقول عن الدنيا الزائلة :
كُلُّ حَياةٍ إِلى مَماتٍ
- وَكُلُّ ذي جِدَّةٍ يَحولُ
كَيفَ بَقاءُ الفُروعِ يَوماً
- وَقَد ذَوَت قَبلَها الأُصولُ
أَلا نَحنُ في دارٍ قَليلٍ بَقاؤها
ويقول أيضًا:
أَلا نَحنُ في دارٍ قَليلٍ بَقاؤها
- سَريعٍ تَدانيها وَشيكٍ فَنائُها
تَزَوَّد مِنَ الدُنيا التُقى وَالنُهى فَقَد
- تَنَكَّرَتِ الدُنيا وَحانَ انقِضاؤُها
غَداً تَخرَبُ الدُنيا وَيَذهَبُ أَهلُها
- جَميعاً وَتُطوى أَرضُها وَسَماؤُها
وَمَن كَلَّفَتهُ النَفسُ فَوقَ كَفافِها
- فَما يَنقَضي حَتّى المَماتِ عَناؤُها
تَرَقَّ مِنَ الدُنيا إِلى أَيِّ غايَةٍ
- سَمَوتَ إِلَيها فَالمَنايا وَراؤُها
إِنَّ يَومَ الحِسابِ يَومٌ عَسيرُ
وعن نهاية الدنيا يقول:
إِنَّ يَومَ الحِسابِ يَومٌ عَسيرُ
- لَيسَ لِلظالِمينَ فيهِ نَصيرُ
فَاِتَّخِذ عُدَّةً لِمُطَّلَعِ القَب
- رِ وَهَولِ الصِراطِ يا مَنصورُ
احذَر مِنَ الدُنيا مَغَبَّتَها
ويقول أيضًا:
احذَر مِنَ الدُنيا مَغَبَّتَها
- كَم صالِحٍ عَبَثَت بِهِ فَفَسَد
ما بَينَ فَرحَتِها وَتَرحَتِها
- إِلّا كَما قامَ اِمرُؤٌ وَقَعَد