شروط عقد الزواج في الإسلام
شروط عقد الزواج في الإسلام
إنّ للعقود في الشريعة الإسلامية شروطاً عدة ، تنقسم إلى:
- شروط انعقاد
وهي التي يتوقّف عليها انعقاد العقد، فإذا فقد شيئاً منها لم ينعقد العقد.
- شروط الصّحة
وهي التي يتوقّف علها صحة العقد، فإن فقد شرطاً منها أصبح العقد باطلاً.
- شروط النفاذ
وهي التي يجب توافرها بالعقد الصحيح لينفذ دون توقّفٍ على إجازة أحد.
- شروط اللزوم
وهي الشروط الواجب توافرها في العقد حتى يكون لازماً، ولا يمكن لأحد طرفيه الرجوع عنه، وعقد الزواج من أعظم العقود في الشريعة الإسلامية؛ لأنّ محله الفروج، وفي هذا المقال سنبيّن شروط عقد الزواج.
شروط الانعقاد
شرع الإسلام لانعقاد عقد الزواج شروطاً عدّة؛ منها ما هو متعلّق بصيغة العقد، وأخرى مُتعلّ قة بالعاقدين، وفيما يلي بيانها:
شروط صيغة العقد
يشترط في صيغة عقد الزواج (الإيجاب والقبول) وتوضيحذلك فيما يأتي:
- أن تكون بألفاظٍ تدل على النّكاح؛ كأنكحتُ، وزوّجت، وملكت، وبِعت، ووهبت، ونحوها، وذلك يتحقّق بوجود عُرفٍ أو قرينة، ولا يشترط أن تكون الصيغة بلفظ "الإنكاح" أو "التزويج"؛ لأن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
- أن تدل الصيغة على الدوام والتنجيز، فلا تصحّ إن دلّت على التأقيت أو الاستقبال؛ لأنّ عقد الزواج مبنيّ على الديمومة والاستقرار، فإذا قيل: إذا جاء رأس السنة فقد زوجتك، لا ينعقد به النكاح، وكذلك قوله: زوّجتك ابنتي عندما تتخرج من الجامعة؛ لأنّه معلّق على شرط غير مُتحقّق في الحال فلم ينعقد، فإن علّقه على أمر متحقق فعلاً صحَّ العقد.
- أن يوافق القبول الإيجاب من كل النواحي وهذا باتفاق الفقهاء، فإن خالف القبول الإيجاب من وجهِ لم يصح النكاح، فإذا قال الولي: زوّجتك ابنتي سارة على مهرِ مقداره عشرة آلاف وقال الخاطب: قبلت نكاح ابنتك ساجدة على مهر مقداره خمسة آلاف، لم ينعقد النكاح.
- أن يتّصل القبول بالإيجاب: ويحصل هذا الاتصال باتّحاد مجلس العقد، بأن يقع الإيجاب والقبول معاً في مجلسٍ واحدٍ دون اشتراط الفوريّة عند جمهور الفقهاء، خلافاً للحنفية الذين اشترطوا الفورية.
- أن لا يعود الموجب عن إيجابه قبل قبول الآخر، وهذا الشرط وفقاً لقول جمهور الفقهاء، خالفهم في ذلك المالكية، حيث اعتبروا أنّ الإيجاب مُلزِم لصاحبه (الموجب)، ولا يجوز التراجع عنه قبل قَبول الطرف الآخر.
شروط العاقدين
يشترط كذلك لانعقاد عقد الزواج شروط في كلا العاقدين، وهي كما يأتي:
- أن يتمتّع كلا العاقدين بالأهلية، أي أن يكونا بالغين راشدين عاقلين على خلاف في الصبي المُميّز إذا أجازه وليه.
- أن يكون لهما الحقّ في إنشاء العقد، بأن يعقد البالغ العاقل الرشيد لنفسه، أو يعقد لوكيله بتكليفه بالعقد له، أويكون وليّ لأحدِ الخاطبين بتحقّق الولاية، بحيث يعطيه الشرع حق إنشاء العقد، وأمّا الفُضولي الذي يعقد لغيره بغير إذنه، فلا يصحّ عقده.
- أن يتم التّأكّد من رضاهما واختيارهما، فإن عقد العقد من غير رضاهما أو رضا أحدهما لم يصح.
- أن يسمع كل منهما كلام الآخر ويفهمه، فلا ينعقد الزواج إذا تكلّم أحد العاقدين بلغةٍ لم يفهمها الآخر.
- أن يكون كلِّ واحدٍ من الزوجين معلوماً معروفاً، فلو قال الولي: (زوّجتك واحدة من بناتي)، ولم يحددها، وله أكثر من بنت لم ينعقد النكاح.
- أن لا يكون بين الزوجين سبب لتحريم الزواج، كأن يتبيّن أنّهما أخوان من الرضاعة، فلن ينعقد النكاح.
شروط الصحة
وشروط الصحة: هي ما يتوقّف عليها صحة عقد النكاح، وترتب آثاره عليه، ويبطل العقد بتخلّف أحدها، وهما شرطان:
- حِلّ المرأة للزواج بالرجل الذي يريد الاقتران بها، فيشترط ألّا تكون محرمةً عليه بأيّ سبب من أسباب التحريم المؤقّت أو المؤبّد.
- الإشهاد على عقد الزواج.
شروط اللزوم
ومعنى لزوم العقد: ألّا يكون لأحد العاقدين أو لغيرهما حق فسخه بعد انعقاده، وذلك بأن يخلو العقد من الخَيار، ويشترط للزوم الزواج أربعة شروط هي:
- أن يكون الأب أو الجد هو الولي المُزوِّج لفاقد الأهلية كالمجنون والمَعتوه، أو ناقصها كالصغير والصغيرة، وهو شرط عند أبي حنيفة ومحمد، فلو كان المزوِّج لهما غيرالأب أو الجد، كان لكلٍّ منهما حقّ فسخ العقد عند زوال المانع.
- أن يكون الزوج كُفؤاً للزوجة، فإذا زوّجت المرأة الحرّة البالغة العاقلة نفسها من غير رضا الأولياء ، وكان لها وليّ عاصب لم يرضَ بهذا الزواج، فلهذا الوليّ طلب فسخ الزواج من القاضي.
- أن يكون مهر المخطوبة كمهرِ مثيلاتها، إذا زوّجت الحرة العاقلة البالغة نفسها من غير كفؤٍ بغير رضا الأولياء، وألّا يقل عن مهر المثل إذا زوّجت المرأة نفسها من كفؤٍ وهذا عند أبي حنيفة.
وللأولياء حقّ الاعتراض وطلب فسخ الزواج، إلّا إذا قبل الزوج زيادة المهر إلى مهرِ المثل، فلا يكون للولي حينئذ حقّ الفسخ، وبناءً عليه إما أن يزيد الزوج إلى مهر المثل، أو يفرِّق بينهما.
- أن يخلو الزوج من عيب الجبّ والعنّة عند عدم الرضا من الزوجة بهما.
شروط النفاذ
ومعنى شروط النفاذ هي الشروط الواجب توافرها في العقد الصحيح؛ لينفذ ولا يتوقف على إجازة أحد، وهما شرطان:
- أن يكون كلّ من العاقديْن اللذين تولّيا إنشاء العقد تامّي الأهلية، أي عاقلين بالغيْن حرّيْن، فإن كان أحد العاقدين ناقص الأهلية؛ يعني كان معتوهاً أو صغيراً مميزاً أو عبداً، فإنّ عقده الذي يُعقد بنفسه يكون صحيحاً موقوفاً على إجازة الولي أوالسيد، فإن أجازه نفذ، وإلّا بطل.
- أن يكون كلّ من العاقديْن ذا صفة، تجعل له الحق في مباشرة العقد، فلو كان العاقد فضولياً، باشر العقد لا بوكالة ولا بولاية، أو كان وكيلاً ولكن خالف فيما وُكّل فيه، أو كان وليًّا ولكن يوجد وليّ أقرب منه مُقدّم عليه، فإن عقد أيّ واحد من هؤلاء وكان مستوفي شروط الانعقاد والصحة ينعقد صحيحاً ويكون موقوفاً على إجازة صاحب الشأن.