شرح قصيدة تفاؤل وأمل
شرح قصيدة تفاؤل وأمل
قصيدة تفاؤل وأمل لإبراهيم طوقان تعد من أجمل القصائد التي تحمل الأمل والهمة، وتنبذ التكاسل والتشاؤم والجلوس عن العمل، ويمكن شرحها على النحو الآتي:
شرح الأبيات من (1-5)
كَفْكِفْ دموعَكَ ليس ين
- فَعُكَ البكاءُ ولا العويل
وانهضْ ولا تشكُ الزما
- نَ فما شكا إلاَّ الكسول
واسلكُ بهمَّتِكَ السَّبي
- لَ ولا تقلْ كيف السَّبيلُ
ما ضَلَّ ذو أملٍ سَعى
- يوماً وحكمتهُ الدَّليلُ
كلاَّ ولا خاب امرؤٌ
- يوماً ومقصْدهُ نبيلُ
في هذه الأبيات يتحدث الشاعر إلى الشعب الفلسطيني معاتبًا، ويطالبهم بالتوقف عن البكاء والعويل لأنهما لا يجديان فاليأس والدموع والندم لا يفيد، بل عليهم النهوض وترك الكسل والتقاعس، والتوقف عن إلقاء اللوم على، ثم يوضح لهم أن الإرادة هي سلاحهم في مواجهة عدوهم، ولكي يصلوا إلى ما يريدون عليهم بالهمة والشجاعة، واستطلاع الأهداف التي تمثل حكمة القادم، فمن يسير على هذه الطريق لن يخيب ولن يضل لأن قصده نبيل مشروع.
الأبيات من (6-13)
أْفنَيْتَ يا مسكيُن عُم
- رَكَ بالتَّاوُّهِ والحزَنْ
وقعدتَ مكتوفَ اليديْن
- تقولُ حاربني الزَّمنْ
ما لمْ تقمْ بالعبئِ أن
- تَ فَمَنْ يقوم به إذن
كم قلتَ أمراض البلا
- د وأنتَ من أمراضها
والشؤم علتها فهل
- فتشت عن أعراضها
يا مَنْ حملْتتَ الفأْسَ ته
- دِمها على أنْقاضِها
أُقعدْ فما أنتَ الذي
- يَسْعى إلى إنهاضها
وانظرْ بعينيْك الذئا
- ب تعُبُّ في أحواضها
يتابع الشاعر عتابه لمن أضاع عمره بالحزن وبعث الآهات، فيخاطبه قائلًا إنك لم تقم في وجه العدو والزمن رغم أنك صاحب القضية الذي يقع عليه العبء، فأنت الذي تحمل اليأس شعارًا ولا يمكنك من مجابهة المخاطر والمصائب بسبب استسلامك ويأسك.
ويبين أنه كثيراً ما يشكو من وجود أمراض في جسد الأمة، رغم أن استسلامه وخنوعه أكبر أمراضها، ولأجل هذا فاقعد ولا تبحث عن حلول لأن من حمل هذه الصفات لا يستطيع أن ينهض بوطنه بل عليه أن يقف يراقب أعداء الوطن وهم يحتلون أرضه.
الأبيات من (14-19)
وطنٌ يُباعُ ويُشترى
- وتصيحُ فليحيَ الوطنْ
لو كنتَ تبغي خيْرَهُ
- لبذلتَ من دمِك الثمنْ
ولقمتَ تضْمِدُ جرحهُ
- لو كنتَ من أهلِ الفطنْ
أضحى التشاؤُمُ في حدي
- ثك بالغريزَةِ والسَّليقهْ
مِثل الغرابِ نَعى الدّياَ
- ر وأسْمَعَ الدّنيا نعيقَهْ
تِلكَ الحقيقةُ والمريضُ
- القلبِ تجرُحهُ الحقيقةْ
وفي هذه الأبيات يكمل الشاعر عتابه لمن لا يقدم لوطنه سوى رفع الشعارات، ولو كان حقيقة يريد الخير له ويعمل على تخليصه من نكباته ومن أعدائه لدافع عنه بدمه، ولكنه شخص متشائم متخاذل فقط يبكي وطنه ودياره دون أن يحرك ساكنًا.
الأبيات من (20-23)
أملٌ يلوحُ بريقهُ
- فَاستَهْدِ يا هذا بَريقَهْ
ما ضاقَ عيشك لو سعي
- ت له ولوْ لمْ تشْكُ ضِيقَهْ
لكِنْ تَوَهَّمْتَ السَّقا
- م فأسقمَ الوهْمُ البدنْ
وظننْتَ أنَّكَ قَدْ وَهَن
- ت فَدَبَّ في العظم الوهنْ
يبدأ الشاعر بالحديث عن أمل يظهر في الأفق وهو كالنور الذي يستهدي به الحيران فينير له الطريق، إنه طريق لا يصله من أراد إلا بالسعي له حتى وإن كان يحمل في دروبه بعض الصعوبات والضيق، فعلى الشعب أن يعمل بجد ونشاط يحدوهم الأمل بضرورة تغيير ما هم عليه لأن من يعيش متشائما من الحوادث وهجوم المصائب والمصاعب يظن أن لا نجاة منه.
الأبيات من (24-39)
اللهَ ثم اللهَ ما أْح
- لى التَّضاُمنَ و الوفاقا
بوركْتَ مَؤتْمراً تأَّ
- لف لا نزاعَ ولا شقاقا
كْم مِنْ فؤادٍ راقَ في
- ولم يكنْ مِنْ قبلُ راقا
اليومَ يشربُ موطني
:::كأسَ الهناءِ لكمْ دهاقا
لا تعبأوا بمشاغبي
- ن ترون أوْجههَم صِفاقاً
لا بُدَّ من فِئةٍ أُجِل
- لكُمُ تَلَذُّ لها الفِتَنْ
تلك النفوسُ مِنَ الُّطفو
- لة أُرْضعَتْ ذاكَ اللَّبنْ
نَشأت على حُبِّ الخِصا
- م وبات يَرعْاها الضَّغَنْ
لا تَحْفِلوا بالمرْجفي
- ن فإنَّ مَطْيَهمْ حقيرُ
حُبُّ الظهورِ على ظهو
- ر الناسِ مَنْشَأُه الغرورُ
ما لمْ يكنْ فَضْلٌ يَزي
- نك فالظُّهورُ هو الفجورُ
سيروا بعيْن اللهِ أنتمْ
- ذلكَ الأّملُ الكبيرُ
سيروا فقدْ صَفَت الصُّدورُ
- تباركَتْ تلكَ الصُّدورُ
سيروا فَسُنَّتكُمْ لخْي
- ر بلادكُمْ خَيْرُ السُّنَنْ
شدُّوا المودَّة والتآَ
- لف والتَّفاؤُلَ في قَرَنْ
لا خوْفَ إنْ قامَ البِنا
- ء على الفضيلةِ وارتكنْ
تتحدث هذه الأبيات على طولها حول أهمية الاتحاد ونبذ الفرقة بين جميع الأطراف حيث لا نزاع ولا شقاق مجتمعون جميعا على حب فلسطين ومصلحتها وحريتها بغض النظر عن المصالح الشخصية، وعندها تصفو القلوب على قلب واحد يخفق بحب فلسطين، وعندها سيفرح الوطن ويشعر بالهناء والفرح.
ثم يبين الشاعر أن حب الظهور الذي يبعث الغرور في النفس إن لم تكن مرجعيته الفضل وخدمة الوطن والعمل لمصلحته وحريته فليس بالأمر المحمود، وينهي الأبيات ببعث الحماس في النفوس فيدفعهم للعمل والسير في طريق الأمل وليكن التفاؤل والوحدة عنوان مسيرهم دون ترك الفضيلة والخلق لتكتمل المسيرة وتنجح.
الأبيات من (40-47)
حيَّ الشبابَ وقُلْ سلا
- ما إنَّكُمْ أَملُ الغَدِ
صَحَّتْ عزائمكُمْ على
:::دْفعِ الأَثيمِ المعْتدي
واللهُ مَدَّ لكُمْ يداً
- تَعْلو على أقوى يدِ
وطني أزُفُّ لكَ الشَّبا
- ب كأَّنهُ الزَّهَرُ النَّدي
لا بُدَّ مِن ثَمرٍ لهُ
- يُوْماً وإنْ لمْ يَعْقِدِ
ريْحانُهُ العِلمُ الصَّحي
- ح وروُحهُ الخلْقُ الحسنْ
وطَني وإنَّ القَلْبَ يا
- وَطني بِحبَّكَ مُرْتَهَنْ
لا يَطمَئِنَّ فَإنْ ظَفِرْ
- ت بما يُريدُ لكَ اطمأنْ
ينادي الشاعر في هذه الأبيات الشباب أمل الأمة وقوته الدافعة نحو التغيير، فيدعو الآخرين من أفراد الشعب إلى تحيته لأنه أمل المستقبل الذي سيقوم بتغيير الحاضر القاسي إلى غد يدفع المستعمر عن بلاده، إنه القادر على التغيير والعمل على تخليص بلاده من عدوه، كيف لا وقد مدّ الله له يد العون والمساعدة والعزيمة.
ثم يتوجه الشاعر لبلاده فلسطين فيبشرها بأفواج من الشباب قادمة بالأمل والتغيير، فهم كالزهر الصغير الجميل وهم الذين سيخلصونه من كل سوء ذلك أنهم كالثمر الذي سينضج يوما ما، وسلاحهم العلم الصحيح و الأخلاق الحسنة .
بعد ذلك يتوجه بمشاعره وأحاسيسه لوطنه يهمس له يا وطني أحبك، وقلبي سجين حبك وهو دائم القلق والحزن عليك، يرتجف خوفًا من حصول مكروه لك ولكنه سيرتاح ويطمئن عندما تنتصر وتدحر أعدائك.