شرح قصيدة الصديق الشافع
نص قصيدة الصديق الشافع
قال جميل بن معمر في قصيدته الصديق الشافع:
خَليلَيَّ عوجا اليَومَ حَتّى تُسَلّما
- عَلى عَذبَةِ الأَنيابِ طَيِّبَةِ النَشرِ
فَإِنَّكُما إِن عُجتُما لِيَ ساعَةً
- شَكَرتُكُما حَتّى أُغَيَّبَ في قَبري
أَلِمّا بِها ثُمَّ اِشفِعا لي وَسَلِّما
- عَلَيها سَقاها اللهُ مِن سائِغِ القَطرِ
وَبوحا بِذِكري عِندَ بُثنَةَ وَاِنظُرا
- أَتَرتاحُ يَوماً أَم تَهَشَّ إِلى ذِكري
فَإِن لَم تَكُن تَقطَع قُوى الوُدّ بَينَنا
- وَلَم تَنسَ ما أَسلَفتُ في سالِفِ الدَهرِ
فَسَوفَ يُرى مِنها اِشتِياقٌ وَلَوعَةٌ
- بِبَينٍ وَغَربٌ مِن مَدامِعِها يَجري
وَإِن تَكُ قَد حالَت عَنِ العَهدِ بَعدَنا
- وَأَصغَت إِلى قَولِ المُؤَنِّبِ وَالمُزري
فَسَوفَ يُرى مِنها صُدودٌ وَلَم تَكُن
- بِنَفسِيَ مِن أَهلِ الخِيانَةِ وَالغَدرِ
أَعوذُ بِكَ اللَهُمَّ أَن تَشحَطَ النَوى
- بِبَثنَةَ في أَدنى حَياتي وَلا حَشري
وَجاوِر إِذا ما متُّ بَيني وَبَينَها
- فَيا حَبَّذا مَوتي إِذا جاوَرَت قَبري
عَدِمتُكَ مِن حُبٍّ أَما مِنكَ راحَةٌ
- وَما بِكَ عَنّي مِن تَوانٍ وَلا فَترِ
أَلا أَيُّها الحُبُّ المُبَرِّحُ هَل تَرى
- أَخا كَلَفٍ يُغرى بِحُبٍّ كَما أُغري
أَجِدَّكَ لا تَبلي وَقَد بَلِيَ الهَوى
- وَلا يَنتَهي حُبّي بُثَينَةَ لِلزَجرِ
هِيَ البَدرُ حُسناً وَالنِساءُ كَواكِبٌ
- وَشَتّانَ ما بَينَ الكَواكِبِ وَالبَدرِ
لَقَد فضّلَت حُسناً عَلى الناسِ مِثلَما
- عَلى أَلفِ شَهرٍ فُضِّلَت لَيلَةُ القَدرِ
عَلَيها سَلامُ اللهِ مِن ذي صَبابَةٍ
- وَصَبٍّ مُعَنَّىً بِالوَساوِسِ وَالفِكرِ
وَإِنَّكُما إِن لَم تَعوجا فَإِنَّني
- سَأَصرِفُ وَجدي فَأذَنا اليَومَ بِالهَجرِ
أَيَبكي حَمامُ الأَيكِ مِن فَقدِ إِلفِهِ
- وَأَصبِرُ ما لي عَن بُثَينَةَ مِن صَبرِ
وَما لِيَ لا أَبكي وَفي الأَيكِ نائِحٌ
- وَقَد فارَقَتني شَختَةُ الكَشحِ وَالخَصرِ
يَقولونَ مَسحورٌ يُجَنُّ بِذِكرِها
- وَأُقسِمُ ما بي مِن جُنون وَلا سِحرِ
وَأُقسِمُ لا أَنساكِ ما ذَرَّ شارِقٌ
- وَما هَبَّ آلٌ في مُلَمَّعَةٍ قَفرِ
وَما لاحَ نَجمٌ في السَماءِ مُعَلَّقٌ
- وَما أَورَقَ الأَغصانُ مِن فَنَنِ السَدرِ
لَقَد شُغِفَت نَفسي بُثَينَ بِذِكرِكُم
- كَما شُغِفَ المَخمورُ يا بَثنَ بِالخَمرِ
ذَكَرتُ مَقامي لَيلَةَ البانِ قابِضاً
- عَلى كَفِّ حَوراءِ المَدامِعِ كَالبَدرِ
فَكِدتُ وَلَم أَملِك إِلَيها صَبابَةً
- أَهيمُ وَفاضَ الدَمعُ مِنّي عَلى نَحري
فَيا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً
- كَلَيلَتِنا حَتّى نَرى ساطِعَ الفَجرِ
تَجودُ عَلَينا بِالحَديثِ وَتارَةً
- تَجودُ عَلَينا بِالرُضابِ مِنَ الثَغرِ
فَيا لَيتَ رَبّي قَد قَضى ذاكَ مَرَّةً
- فَيَعلَم رَبّي عِندَ ذَلِكَ ما شُكري
وَلَو سَأَلَت مِنّي حَياتي بَذَلتُها
- وَجدتُ بِها إِن كانَ ذَلِكَ مِن أَمري
مَضى لي زَمانٌ لَو أُخَيَّرُ بَينَهُ
- وَبَينَ حَياتي خالِداً آخِرَ الدَهرِ
لَقُلتُ ذَروني ساعَةً وَبُثَينَةً
- عَلى غَفلَةِ الواشينَ ثُمَّ اِقطَعوا عُمري
مُفَلَّجَةُ الأَنيابِ لَو أَنَّ ريقَها
- يُداوى بِهِ المَوتى لَقاموا بِهِ مِنَ القَبرِ
إِذا ما نَظَمتُ الشِعرَ في غَيرِ ذِكرِها
- أَبي وَأَبيها أَن يُطاوِعَني شِعري
فَلا أُنعِمَت بَعدي وَلا عِشتُ بَعدَها
- وَدامَت لَنا الدُنيا إِلى مُلتَقى الحَشرِ
الأفكار الرئيسة في قصيدة الصديق الشافع
مرّ في قصيدة جميل بن معمَر عدد من الأفكار الرئيسة، ومن أبرزها ما يأتي:
- دعوة الشاعر لأصدقائه التسليم على حبيبته بثينة.
- طلب الشاعر من أصدقائه ذكر اسمه أمام بثينة ليروا ردة فعلها تجاه اسم حبيبها.
- دعوة الشاعر لتقريب المسافات بينه وبين حبيبته في الحياة وبعد الموت.
- وصف جمال المحبوبة بثينة.
- حديث الشاعر عن شوقه وهيامه بالمحبوبة وما يُعانيه في البعد عنها.
معاني المفردات في قصيدة الصديق الشافع
من معاني المفردات الأبرز التي وردت في القصيدة السابقة ما يأتي:المفردة | معنى المفردة |
عوجا | عاجَ يعني مرّ بالمكان. |
تهش | تنشرح لذكره. |
تشحط | تبعد المسافة. |
معنّى | المعنّى هو المعذّب. |
ملمّعة | الأرض الملمّعة هي الأرض التي يشعّ سرابها. |
فنن | الفنن هو الغصن المستقيم من الشجرة. |
الصور الفنية في قصيدة الصديق الشافع
من أبرز الصور الفنية التي مرت في قصيدة جميل بن معمر ما يأتي:
- عَذبَةِ الأَنيابِ
شبه الشاعر الأنياب بطعام أو شراب عذب، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- يُرى مِنها اِشتِياقٌ
شبه الاشتياق بشيء يُرى، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- بَلِيَ الهَوى
شبه الهوى بشيء يبلى، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- هِيَ البَدرُ
شبه الشاعر المحبوبة بالبدر، فذكر المشبه والمشبه به وحذَفَ أداة التشبيه ووجه الشبه، فالتشبيه هو تشبيه بليغ.
- أَصرِفُ وَجدي
شبّه الوجد بشيء يمكن صرفه في أنحاء متعدّدة، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.