شرح قصيدة الأخطل خف القطين
شرح قصيدة الأخطل خف القطين
من أشهر القصائد التي قالها الأخطل في مدح عبد الملك بن مروان، واستهلّها ب الغزل ثم وصف الممدوح ومدحه، ومدح قومه، ثم أتبع ذلك بهجاء من يعاديهم ويعتدي عليهم، وفيما يأتي شرح مفصّل للوحات الأساسية في القصيدة:
شرح المقدمة الغزلية
خَفَّ القَطينُ فَراحوا مِنكَ أَو بَكَروا
- وَأَزعَجَتهُم نَوىً في صَرفِها غِيَرُ
كَأَنَّني شارِبٌ يَومَ اِستُبِدَّ بِهِم
- مِن قَرقَفٍ ضُمِّنَتها حِمصُ أَو جَدَرُ
جادَت بِها مِن ذَواتِ القارِ مُترَعَةٌ
- كَلفاءُ يَنحَتُّ عَن خُرطومِها المَدَرُ
لَذٌّ أَصابَت حُمَيّاها مُقاتِلَهُ
- فَلَم تَكَد تَنجَلي عَن قَلبِهِ الخُمَرُ
كَأَنَّني ذاكَ أَو ذو لَوعَةٍ خَبَلَت
- أَوصالَهُ أَو أَصابَت قَلبَهُ النُشَرُ
شَوقاً إِلَيهِم وَوَجداً يَومَ أُتبِعُهُم
- طَرفي وَمِنهُم بِجَنبَي كَوكَبٍ زُمَرُ
حَثّوا المَطِيَّ فَوَلَّتنا مَناكِبُها
- وَفي الخُدورِ إِذا باغَمتَها الصُوَرُ
يُبرِقنَ لِلقَومِ حَتّى يَختَبِلنَهُمُ
- وَرَأيُهُنَّ ضَعيفٌ حينَ يُختَبَرُ
إنّ المتأمل في أبيات هذه المقدمة يجد أنّ الشاعر يقف على ديار المحبوبة ويصف أن هذه الديار قد تركها أهلها بسرعة، وقد كانت رحلتهم تلك شاقة منهكة، فقد خلت الديار من أهلها بسبب حب الشاعر لإحدى بناتهم، فسارعوا في الرحيل وترك الديار حتى يتداركوا الفضيحة.
كان من عادات العرب أن يخفوا حبهم ولا يذكروا اسم المحبوبة، ذلك لأن معرفة أهلها بحب شاب لابنتهم يدفعهم لمعاقبتهما، ويتم ذلك بالرحيل وترك الديار، ونرى هذا الأمر واضحًا في القصيدة، فقد ترك أهل المحبوبة ديارهم وهجروها معاقبةً للشاعر.
يتحدث الشاعر عن حاله، وقد اتجه للشرب حتى يتناسى حالته وما حلّ به، فيصف لنا خمرته بأنّها خمرة مسكرة تثقل العقل وتزيل الهم والحزن ، فالشاعر يعاني من فراق المحبوبة، فقلبه منشور ومنفطر لفراقها وابتعادها عنه.
يشير لنا الشاعر في نهاية هذا المقطع عن شوقه للمحبوبة، وشدة تعلقه بها، فنراه يذكر أنّه تبع أهلها في رحلتهم، إلا أنّهم أسرعوا في مشيتهم هربًا منه، وإمعانًا في معاقبته، فهو يريد أن يلمح محبوبته، لكن هذا الأمر أصبح محرمًا، فنراه يتعجب من حال النسوة على الرغم من ضعفهن إلا أنّهن يجعلن أقوى الرجال متيم بهن.
شرح لوحة الرحلة
يا قاتَلَ اللَهُ وَصلَ الغانِياتِ إِذا
- أَيقَنَّ أَنَّكَ مِمَّن قَد زَها الكِبَرُ
أَعرَضنَ لَمّا حَنى قَوسي مُوَتِّرُها
- وَاِبيَضَّ بَعدَ سَوادِ اللِمَّةِ الشَعَرُ
ما يَرعَوينَ إِلى داعٍ لِحاجَتِهِ
- وَلا لَهُنَّ إِلى ذي شَيبَةٍ وَطَرُ
شَرَّقنَ إِذ عَصَرَ العيدانَ بارِحُها
- وَأَيبَسَت غَيرَ مَجرى السِنَّةِ الخُضَرُ
فَالعَينُ عانِيَةٌ بِالماءِ تَسفَحُهُ
- مِن نِيَّةٍ في تَلاقي أَهلِها ضَرَرُ
مُنقَضِبينَ اِنقِضابَ الحَبلِ يَتبَعُهُم
- بَينَ الشَقيقِ وَعَينِ المَقسِمِ البَصَرُ
حَتّى هَبَطنَ مِنَ الوادي لِغَضبَتِهِ
- أَرضاً تَحُلُّ بِها شَيبانُ أَو غُبَرُ
حَتّى إِذا هُنَّ وَرَّكنَ القَصيمَ وَقَد
- أَشرَفنَ أَو قُلنَ هَذا الخَندَقُ الحَفَرُ
وَقَعنَ أُصلاً وَعُجنا مِن نَجائِبِنا
- وَقَد تُحُيِّنَ مِن ذي حاجَةٍ سَفَرُ
في هذا المقطع نجد أنّ الشاعر يدعو على النساء، فهن في نظره سبب كل مصائب الرجال، فهن يجعلن الرجل يتبعهن حتى لو حني ظهره وصار شيخًا طاعنًا في السن وأصبح شعره أبيضًا من الشيب، وفي المقابل لا تجد منهن وصالاً، فهن يستمتعن في جعل الرجل يتعلق بهن، ومن ثم تركه يعاني.
يرسم لنا الشاعر لوحة النسوة، وهن مسافرات فيطأن أرض شيبان، ويقصدن المراعي والسهول ومواطن الماء، فالشاعر قلب معلق بالنساء، ومهما عانى منهن لا يزال محبًا لهن، فهو معجب بترحالهن، وجلوسهن مع بعضهن في الوادي ويستمتعن بالحديث وبمنظر غدير الماء.
شرح لوحة مدح الخليفة عبد الملك بن مروان
إِلى اِمرِئٍ لا تُعَرّينا نَوافِلُهُ
- أَظفَرَهُ اللَهُ فَليَهنِئ لَهُ الظَفَرُ
الخائِضِ الغَمرَ وَالمَيمونِ طائِرُهُ
- خَليفَةِ اللَهِ يُستَسقى بِهِ المَطَرُ
وَالهَمُّ بَعدَ نَجِيِّ النَفسِ يَبعَثُهُ
- بِالحَزمِ وَالأَصمَعانِ القَلبُ وَالحَذَرُ
وَالمُستَمِرُّ بِهِ أَمرُ الجَميعِ فَما
- يَغتَرُّهُ بَعدَ تَوكيدٍ لَهُ غَرَرُ
وَما الفُراتُ إِذا جاشَت حَوالِبُهُ
- في حافَتَيهِ وَفي أَوساطِهِ العُشَرُ
وَذَعذَعَتهُ رِياحُ الصَيفِ وَاِضطَرَبَت
- فَوقَ الجَآجِئِ مِن آذِيِّهِ غُدُرُ
مُسحَنفِراً مِن جِبالِ الرومِ تَستُرُهُ
- مِنها أَكافيفُ فيها دونَهُ زُوَرُ
يَوماً بِأَجوَدَ مِنهُ حينَ تَسأَلُهُ
- وَلا بِأَجهَرَ مِنهُ حينَ يُجتَهَرُ
وَلَم يَزَل بِكَ واشيهِم وَمَكرُهُمُ
- حَتّى أَشاطوا بِغَيبٍ لَحمَ مَن يَسَروا
فَمَن يَكُن طاوِياً عَنّا نَصيحَتَهُ
- وَفي يَدَيهِ بِدُنيا غَيرِنا حَصَرُ
فَهوَ فِداءُ أَميرِ المُؤمِنينَ إِذا
- أَبدى النَواجِذَ يَومٌ باسِلٌ ذَكَرُ
مُفتَرِشٌ كَاِفتِراشِ اللَيثِ كَلكَلَهُ
- لِوَقعَةٍ كائِنٍ فيها لَهُ جَزَرُ
مُقَدِّمٌ ماءَتَي أَلفٍ لِمَنزِلَةٍ
- ما إِن رَأى مِثلَهُم جِنٌّ وَلا بَشَرُ
يَغشى القَناطِرَ يَبنيها وَيَهدِمُها
- مُسَوِّمٌ فَوقَهُ الراياتُ وَالقَتَرُ
حَتّى تَكونَ لَهُم بِالطَفِّ مَلحَمَةٌ
- وَبِالثَوِيَّةِ لَم يُنبَض بِها وَتَرُ
وَتَستَبينَ لِأَقوامٍ ضَلالَتُهُم
- وَيَستَقيمَ الَّذي في خَدِّهِ صَعَرُ
وَالمُستَقِلُّ بِأَثقالِ العِراقِ وَقَد
- كانَت لَهُ نِعمَةٌ فيهِم وَمُدَّخَرُ
يتخلص الشاعر في هذا المقطع تخلصًا حسنًا من اللوحة السابقة التي وصف فيه رحلة لمجموعة من الفتيات، فيذكر أنّ هذه الرحلة كانت متوجهة للخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ، فهو رجل عظيم يقصده الناس كلهم، لكونه حقق الانتصارات وحاز على تأييد الله تعالى إذ مهد له الظفر والنصر في حروبه.
يتغنى الشاعر بعبد الملك بن مروان، فيذكر صفاته الحسنة، فهو مؤمن بار لو دعا الله لاستجاب له، فهو خليفة الله على الأرض، وقائد أمة المسلمين، فصفاته وحسناته، لو حاول نهر الفرات أن يكون ندًا لها، لكان عُشر مكارم عبد الملك توازيه كله.
ومن ثم يتحدث الشاعر مفاخرًا بعبد الملك وبانتصاراته، فقد حقق انتصارات في بلاد الروم، وعلى جبالها، وانتصر في العراق وضمها للدولة الأموية، وقضى على الفتن والخوارج، فهو قائد عربي قوي وسياسي متمرس، حارب على عدة جبهات ووحد البلاد الإسلامية، ووجه الجيوش للفتوحات.
يشيد الشاعر بقدرة عبد الملك على السياسة والحكم، فهو استطاع توحيد العراق ودفع الفتن فيها، واستطاع أن يقود هذه الدولة الكبيرة بحكمة، وأن يحرص على نشر العدالة بين أبنائها، فمثل عبد الملك في نظر الشاعر قلة، فلا أحد يجمع بين الحكمة والقوة والحزم.
شرح لوحة مديح بني أمية
في نَبعَةٍ مِن قُرَيشٍ يَعصِبونَ بِها
- ما إِن يُوازى بِأَعلى نَبتِها الشَجَرُ
تَعلو الهِضابَ وَحَلّوا في أَرومَتِها
- أَهلُ الرِباءِ وَأَهلُ الفَخرِ إِن فَخَروا
حُشدٌ عَلى الحَقِّ عَيّافو الخَنا أُنُفٌ
- إِذا أَلَمَّت بِهِم مَكروهَةٌ صَبَروا
وَإِن تَدَجَّت عَلى الآفاقِ مُظلِمَةٌ
- كانَ لَهُم مَخرَجٌ مِنها وَمُعتَصَرُ
أَعطاهُمُ اللَهُ جَدّاً يُنصَرونَ بِهِ
- لا جَدَّ إِلّا صَغيرٌ بَعدُ مُحتَقَرُ
لَم يَأشَروا فيهِ إِذ كانوا مَوالِيَهُ
- وَلَو يَكونُ لِقَومٍ غَيرِهِم أَشِروا
شُمسُ العَداوَةِ حَتّى يُستَقادَ لَهُم
- وَأَعظَمُ الناسِ أَحلاماً إِذا قَدَروا
لا يَستَقِلُّ ذَوُو الأَضغانِ حَربَهُمُ
- وَلا يُبَيِّنُ في عيدانِهِم خَوَرُ
هُمُ الَّذينَ يُبارونَ الرِياحَ إِذا
- قَلَّ الطَعامُ عَلى العافينَ أَو قَتَروا
بَني أُمَيَّةَ نُعماكُم مُجَلِّلَةٌ
- تَمَّت فَلا مِنَّةٌ فيها وَلا كَدَرُ
بَني أُمَيَّةَ قَد ناضَلتُ دونَكُمُ
- أَبناءَ قَومٍ هُمُ آوَوا وَهُم نَصَروا
أَفحَمتُ عَنكُم بَني النَجّارِ قَد عَلِمَت
- عُليا مَعَدٍّ وَكانوا طالَما هَدَروا
حَتّى اِستَكانوا وَهُم مِنّي عَلى مَضَضٍ
- وَالقَولُ يَنفُذُ ما لا تَنفُذُ الإِبَرُ
بَني أُمَيَّةَ إِنّي ناصِحٌ لَكُمُ
- فَلا يَبيتَنَّ فيكُم آمِناً زُفَرُ
وَاِتَّخِذوهُ عَدُوّاً إِنَّ شاهِدَهُ
- وَما تَغَيَّبَ مِن أَخلاقِهِ دَعَرُ
إِنَّ الضَغينَةَ تَلقاها وَإِن قَدُمَت
- كَالعَرِّ يَكمُنُ حيناً ثُمَّ يَنتَشِرُ
ينتقل الشاعر في هذه الأبيات من مدح الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان إلى مدح قبيلته وعشيرته، فيذكر أنّهم قوم كرام أصحاب حسب ونسب رفيعين، فهم من قريش سادة العرب وأقوى قبائلها، فهم قوم أباةٌ شجعان لهم الحق في الفخر والرفعة وسيادة الناس.
نجد أنّ الشاعر يصفهم وصفًا حسنًا إذ جعلهم يبارون الرياح في إطعام الناس والإحسان إليهم في الشدائد، فهم سبّاقون إلى الخير، إلا انّهم محاربون من قبل كل نفس مريضة، ومن قبل الحساد، فنرى الشاعر ينصح بني أمية أن يكونوا حذرين من الغدر، فلا يناموا هانئين لأن يد الغدر قد تطالهم فعليهم بالحذر والشدّة على الأعداء.
شرح لوحة الأعداء وحالهم
وَقَد نُصِرتَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِنا
- لَمّا أَتاكَ بِبَطنِ الغوطَةِ الخَبَرُ
يُعَرِّفونَكَ رَأسَ اِبنِ الحُبابِ وَقَد
- أَضحى وَلِلسَيفِ في خَيشومِهِ أَثَرُ
لا يَسمَعُ الصَوتَ مُستَكّاً مَسامِعُهُ
- وَلَيسَ يَنطِقُ حَتّى يَنطِقَ الحَجَرُ
أَمسَت إِلى جانِبِ الحَشّاكِ جيفَتُهُ
- وَرَأسُهُ دونَهُ اليَحمومُ وَالصِوَرُ
يَسأَلُهُ الصُبرُ مِن غَسّانَ إِذ حَضَروا
- وَالحَزنُ كَيفَ قَراكَ الغِلمَةُ الجَشَرُ
وَالحارِثَ بنَ أَبي عَوفٍ لَعِبنَ بِهِ
- حَتّى تَعاوَرَهُ العِقبانُ وَالسُبَرُ
وَقَيسَ عَيلانَ حَتّى أَقبَلوا رَقَصاً
- فَبايَعوكَ جِهاراً بَعدَ ما كَفَروا
فَلا هَدى اللَهُ قَيساً مِن ضَلالَتِهِم
- وَلا لَعاً لِبَني ذَكوانَ إِذ عَثَروا
ضَجّوا مِنَ الحَربِ إِذ عَضَّت غَوارِبَهُم
- وَقَيسُ عَيلانَ مِن أَخلاقِها الضَجَرُ
كانوا ذَوي إِمَّةٍ حَتّى إِذا عَلِقَت
- بِهِم حَبائِلُ لِلشَيطانِ وَاِبتَهَروا
صُكّوا عَلى شارِفٍ صَعبٍ مَراكِبُها
- حَصّاءَ لَيسَ لَها هُلبٌ وَلا وَبَرُ
وَلَم يَزَل بِسُلَيمٍ أَمرُ جاهِلِها
- حَتّى تَعَيّا بِها الإيرادُ وَالصَدَرُ
إِذ يَنظُرونَ وَهُم يَجنونَ حَنظَلَهُم
- إِلى الزَوابي فَقُلنا بُعدَ ما نَظَروا
كَرّوا إِلى حَرَّتَيهِم يَعمُرونَهُما
- كَما تَكُرُّ إِلى أَوطانِها البَقَرُ
فَأَصبَحَت مِنهُمُ سِنجارُ خالِيَةً
- فَالمَحلَبِيّاتُ فَالخابورُ فَالسُرَرُ
وَما يُلاقونَ فَرّاصاً إِلى نَسَبٍ
- حَتّى يُلاقِيَ جَديَ الفَرقَدِ القَمَرُ
وَلا الضَبابَ إِذا اِخضَرَّت عُيونُهُمُ
- وَلا عُصَيَّةَ إِلّا أَنَّهُم بَشَرُ
وَما سَعى مِنهُمُ ساعٍ لِيُدرِكَنا
- إِلّا تَقاصَرَ عَنّا وَهوَ مُنبَهِرُ
وَقَد أَصابَت كِلاباً مِن عَداوَتِنا
- إِحدى الدَواهي الَّتي تُخشى وَتُنتَظَرُ
وَقَد تَفاقَمَ أَمرٌ غَيرُ مُلتَئِمٍ
- ما بَينَنا فيهِ أَرحامٌ وَلا عِذَرُ
أَمّا كُلَيبُ بنُ يَربوعٍ فَلَيسَ لَهُم
- عِندَ المَكارِمِ لا وِردٌ وَلا صَدَرُ
مُخَلَّفونَ وَيَقضي الناسُ أَمرَهُمُ
- وَهُم بِغَيبٍ وَفي عَمياءَ ما شَعَروا
مُلَطَّمونَ بِأَعقارِ الحِياضِ فَما
- يَنفَكُّ مِن دارِمِيٍّ فيهِمِ أَثَرُ
بِئسَ الصُحاةُ وَبِئسَ الشَربُ شُربُهُمُ
- إِذا جَرى فيهِمِ المُزّاءُ وَالسَكَرُ
قَومٌ تَناهَت إِلَيهِم كُلُّ فاحِشَةٍ
- وَكُلُّ مُخزِيَةٍ سُبَّت بِها مُضَرُ
عَلى العِياراتِ هَدّاجونَ قَد بَلَغَت
- نَجرانَ أَو حُدِّثَت سَوآتِهِم هَجَرُ
الآكِلونَ خَبيثَ الزادِ وَحدَهُمُ
- وَالسائِلونَ بِظَهرِ الغَيبِ ما الخَبَرُ
وَاِذكُر غُدانَةَ عِدّاناً مُزَنَّمَةً
- مِنَ الحَبَلَّقِ تُبنى حَولَها الصِيَرُ
تَمذي إِذا سَخُنَت في قُبلِ أَدرُعِها
- وَتَزرَئِمُّ إِذا ما بَلَّها المَطَرُ
وَما غُدانَةُ في شَيءٍ مَكانَهُمُ
- أَلحابِسو الشاءِ حَتّى تَفضُلَ السُؤَرُ
يَتَّصِلونَ بِيَربوعٍ وَرِفدُهُمُ
- عِندَ التَرافُدِ مَغمورٌ وَمُحتَقَرُ
صُفرُ اللِحى مِن وَقودِ الأَدخِناتِ إِذا
- رَدَّ الرِفادَ وَكَفَّ الحالِبِ القَرِرُ
ثُمَّ الإِيابُ إِلى سودٍ مُدَنَّسَةٍ
- ما تَستَحِمُّ إِذا ما اِحتَكَّتِ النُقَرُ
قَد أَقسَمَ المَجدُ حَقّاً لا يُحالِفُهُم
- حَتّى يُحالِفَ بَطنَ الراحَةِ الشَعَرُ
تعد هذه اللوحة أطول لوحات القصيدة، فقد انتقل الشاعر من مديح البيت الأموي إلى التشهير بأعدائهم وتحقيرهم والاستخفاف بهم، فقد تلقى كل عدو للأمويين هزيمة نكراء، مثل ابن الحباء والحارث بن عوف، اللذان قتلا وخرقتهم السيوف، وانكسرت ثوراتهم وأهدافهم أمام قوة عبد الملك.
يُعرِّض الشاعر ببني قيس، فيعيب عليهم الوقوف ضد الأمويين، فقد ناصر قوم الشاعر بني تغلب الأمويين في حروبهم، فكانوا مقربين دومًا من الأمويين لإخلاصهم الشديد، فكل من يعادي الأمويين فهو يعادي التغلبيين، الذين سيذلونهم ويعاقبونهم ويخربون ديارهم على خيانتهم ومحاربتهم للخليفة.
يعرِّض الشاعر ببني كلاب، وبقائدهم كليب بن يربوع، ويذكرهم بهزيمتهم أمام الأمويين وحلفائهم، فهو وقومه أصحاب فاحشة ويأتون كل الفواحش والمنكرات في نظر الشاعر، كيف لا وقد خانوا أمير المؤمنين وعصوه، فاستحقوا القتل والخزي لمن تبقى منهم.
الأفكار الرئيسة في قصيدة خف القطين
تعدّدت الأفكار التي تمحورت حولها القصيدة، وفيما يأتي أبرزها:
- التغزل وذكر ديار المحبوبة وحال العاشق بعد الفراق .
- الرحلة بغرض لقاء الممدوح، ومعاناة الصعاب لأجله.
- مدح الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان والتغني بصفاته.
- مدح البيت الأموي عامة وذكر صفاتهم الحسنة التي خلّدها التاريخ.
- تذكير الأمويين بضرورة أخذ الحذر من الناس إذ إن لكل ناجح عدو.
- التغني بانتصارات الأمويين والتشهير بأعدائهم من قادة وقبائل.
الصور الفنية في قصيدة خف القطين
إن المتأمل في هذه القصيدة يجد حضورًا طفيفًا لعدد من الصور الفنية فيها، ومن ذلك ما يأتي:
- كَأَنَّني شارِبٌ يَومَ اِستُبِدَّ بِهِم
- مِن قَرقَفٍ ضُمِّنَتها حِمصُ أَو جَدَرُ
شبه الشاعر نفسه وقد خارت قواه لمنظر رحيل لمحبوبة بالشارب للخمر، والذي ذهب عقله.
- كَأَنَّني ذاكَ أَو ذو لَوعَةٍ خَبَلَت
- أَوصالَهُ أَو أَصابَت قَلبَهُ النُشَرُ
شبه الشاعر نفسه بألمه وحزنه بالشخص الذي أصيب في قلبه بسيف أو أداة فقطع قلبه ونشره.
- كانَ لَهُم مَخرَجٌ مِنها وَمُعتَصَرُ
- أَعطاهُمُ اللَهُ جَدّاً يُنصَرونَ بِهِ
- شبه الشاعر الخليفة في جلوسه على العرش، بالليث الذي افترش الأرض وبث هيبته.
معاني كلمات قصيدة خف القطين
إن هذه القصيدة تعود للعصر الأموي ، أي أنها احتوت على بعض الألفاظ الصعبة التي تحتاج إلى تفسير، وهي كالآتي:المفردة | معنى المفردة |
المترعة | المليئة |
الخدور | المخابئ |
يرعوين | لا يخفن |
الأصمعان | الذكي |
الجآجئ | الصدر |