شرح حديث (من لا يَرحم لا يُرحم) للأطفال
نص الحديث
ومناسبة هذا الحديث قد ذكرها البخاري في صحيحه: (أبصرَ الأقرعُ بنُ حابِسٍ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وهو يُقَبِّلُ الحسنَ: قال ابنُ أبِي عمرَ: الحسينَ والحسنَ، فقال: إِنَّ لي منَ الولَدِ عشرَةً ما قبَّلْتُ أحدًا منْهم، فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ-: إِنَّهُ مِنْ لا يَرْحَمُ لا يَرْحَمُ).
وفي رواية أخرى: (جَاءَ أعْرَابِيٌّ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَما نُقَبِّلُهُمْ، فَقَالَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: أوَ أَمْلِكُ لكَ أنْ نَزَعَ اللَّهُ مِن قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ).
شرح الحديث
يدل هذا الحديث النبوي العظيم على أنّ تقبيل الأطفال ومُعانقتهم سنة مُستحبة، وأنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يُقبلهم ويلاعبهم، ففي هذا قدوة لأمته من بعده،قال القاضي عياض في شرح الحديث: "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله"، وقال العلماء في أنّ هذا الحديث عام يشمل الرحمة بجميع أشكالها، ولا يقتصر فقط على رحمة الأطفال.
صور الرحمة
إنّ للرحمة في ديننا الإسلامي صوراً وجوانب كثيرة، ويستطيع الإنسان أن يعيش بمبدأ الرحمة مع كل من يقابله، ومن هذه الصور:
- الرحمة بالفقراء والمساكين، وقضاء حوائج الناس
و من مظاهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى قبل أن يُبعث، وقبل النبوة والرسالة أنه كان يُطبّق الرحمة مع الجائع والفقير، وقد ازدادت تلك الصفة بعد أن أصبح نبيّاً -صلى الله عليه وسلم-.
- الحرص على هداية الخلق
من أعظم صور الرحمة بالناس أن تدلهم على ما ينفعهم بأمر دينهم ودنياهم، فإن أولى ما تقدمه للمسلم أن تنقذه من نار جهنم؛ ويكون ذلك بأن تدله على أمر الله وترغيبه فيه.
- الرفق بمن تتولى أمرهم
والرحمة خلق يجب أن يتلمسه كل من تولى من أمر المسلمين أمراً؛ من أب، أو أم، أو مدير، أو مسؤول، فيرفق بمن هم تحت يديه ببيان الصواب لهم، والصبر على أخطائهم.
مظاهر اهتمام رسول الله بالأطفال
كان العرب قبل الإسلام لا يصحبون الأطفال في مجالسهم، ولا يحملون البنات الصغيرات على أكتافهم، بل كانوا يقتلون الجواري، وعندما أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أظهر الرحمة للجميع فكان يُقبل الأطفال ويعانقهم ويمازحهم ويحملهم؛ ففي هذا أسوة لأمته من بعده أن يهتموا بشأن الأطفال، ولا يتعذروا بالانشغال؛ فإن رسول الله يعاملهم بكل هذا اللطف وهو أعظم قائد، وكل أمور الأمة على عاتقه.
ويجب على المسلم أن يجعل لأطفاله وقتاً من يومه وليلته، وهذا من حقوق الأطفال على والديهم ؛ وذلك لطبيعة الطفل الرقيقة التي يحتاج فيها لوالديه ويشتاق إليهم وإلى الكلام الحسن منهم والفعل الحسن، من تقبيل، ومداعبة، ورعاية، وحسن استماع، وحسن تصرف مع أخطائه ومعالجتها بحكمة ورويّة.