شرح حديث (إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها)
نصّ حديث: إنّ فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها
أخرج الألباني في صحيح الترغيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّارِ، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال: هيَ في الجنَّةِ"، والحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
شرح حديث: إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها
معاني مفردات الحديث
فيما يلي بيانٌ لمعاني مفردات الحديث:
- الأثوار: أي القطع.
- الأَقِطِ: نوع من الجبن يعمل من لبن الإبل المخيض.
المعنى الإجماليّ للحديث
حثّ الشّرع على فعل الطاعات واجتناب المنكرات، ورتّب الثواب والعقاب على أفعال العباد، وفي الحديث يخبر النّبي -عليه الصلاة والسلام- عن معصيةٍ يغفل عن عظم وزرها كثير من النّاس، وذلك حينما سُئِل عن فعل امرأةٍ كانت تصوم النهار وتقوم الليل وتتصدق من مالها؛ وذلك كله طاعةً لله -عزّ وجلّ- وطلبًا لرضاه، وهذه الأعمال إنّما ذُكرت؛ لتدلّ على إكثارها من فعل الطاعات والنوافل، ومع هذا فقد كانت هذه المرأة تؤذي جيرانها بلسانها بالسبّ والكلام السيّء، وقد قيد الإيذاء في الحديث باللسان؛ لأنّ أكثر ما يكون إيذاء الجار باللسان، وأكّد النّبي -عليه الصلاة والسلام- بأنّ هذه المرأة لا خير فيها، وأنّها من أصحاب النار على الرغم من كثرة عباداتها وإن كان الإيذاء باللسان دون الفعل، وفي المقابل فقد سُئل عن امرأةٍ تحافظ على فروضها دون النّوافل، وتتصدّق بما عندها من لبنٍ ولا تؤذي أحدًا، فأخبر النّبي -عليه الصلاة والسلام- أنّها من أهل الجنّة بحسن أعمالها؛ ذلك أنّها تُحسن إلى جيرانها وتكفّ أذاها عنهم، وإن كانت لا تكثر من النوافل والطاعات.
ما يُستفاد من الحديث
في الحديث جملةٌ من المعاني والفوائد نذكر منها ما يلي:
- في الحديث حثٌّ على اجتناب المعاصي وعدم التقليل من شأنها.
- أنّ إيذاء الجار فعلٌ قبيحٌ لا يسوغ حتّى وإن كان فاعله يؤدّي الطاعات ويُكثر من النوافل.
- المحافظة على الفروض مع سلامة الحال قد تكون سببًا لدخول الجنّة.
- أنّ الأذى قد يكون بالفعل وباللسان.
- أنّ أذية الجار من كبائر الذنوب.
أحاديث في الإحسان إلى الجار
فيما يلي ذكرٌ لبعض الأحاديث الواردة في الإحسان إلى الجار:
- ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ".
- ما رواه أبو شريح -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إلى جارِهِ".
- ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "ما زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ".