شرح حديث (إن النظرة سهم من سهام إبليس)
شرح حديث (إن النظرة سهم من سهام إبليس)
دعا الإسلام الإنسان إلى شكر الله -تعالى- على النعم التي أنعم عليه بها، وشُكر الله -تعالى- في ذلك يكون باستخدامها في طاعته والتقرُّب إليه من خلالها وعدم استخدامها في معصيته، قال -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ) .
ومن هذه النِّعم التي أنعم الله بها علينا نعمة البصر التي لا تُقدَّر بثمن والتي يستوجب شُكر الله عليها، وقد يستخدم بعضُ الأشخاص هذه النعمة في معصية الله فتُصبح عليهم نقمة، فقد ورد في الحديث القُدسي: أنَّ (النظرةُ سَهمٌ مَسمومٌ من سِهامِ إبليس، مَن تَركَها مِن مَخافَتِي؛ أَبدلْتُه إِيمانًا يَجِدُ حَلاوَتَه في قَلبِه).
وإن كان قد حكم العلماء على هذا الحديث القُدسي بالضعف إلَّا إنه قد يؤخذ منه عدّة فوائد من ضمنها: أن النظر إلى النساء الأجنبيات أو إلى ما حرَّم الله هي سهم من سهام إبليس التي تصيب القلب وتضعفه وتُبعده عن الله -تعالى-؛ فإذا غض المسلم بصره عن ذلك زادَ اللهُ تقواه وإيمانه وجعل له في قلبه حلاوة الإيمان .
ما يرشد إليه الحديث
غض البصر
يقول الله -تعالى-: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)، أمر الله -تبارك وتعالى- المؤمنين بغضِّ أبصارهم عمَّا حرَّم؛ لِمَا يترتب على إطلاق البصر من آثار سلبية تعود على الفرد والمجتمع؛ وذلك من خلال فساد المجتمعات وانحلالها، وضياع الهوية الإسلامية في المجتمع، وظهور الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وانتشار الزنا ونزع مخافة الله من قلوب الناس وانتشار الضغينة وتفكُك الأسر.
وأمَّا في غض البصر فهناك الكثير من الآثار الإيجابية، ومنها ما يأتي:
- يفتح الله بصيرة الإنسان وينوِّرُ عقله؛ وذلك لأن الجزاء من جنس العمل فمن غض بصره عما حرَّم الله نوَّر الله بصيرته ويسرَّ طريقه إلى الصواب، فالجزاء من جنس العمل ومن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيراً منه.
- يُحبِّبُّ الله الإيمان في قلب المسلم ويزيِّنه في قلبه ويكِّره إليه الكفر والفسوق والعصيان ويجعلهُ من أهل الرُشد.
- النجاة من النار وأهوالها ودركاتها ونيل الدرجات العُلى من الجنة.
ويقول الناظم -رحمه الله-:
كل الحوادث مبدؤها من النظر
- ومعظم النار من مستصغر الشرر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها
- في أعين الغيد موقوف على الخطر
يسر ناظره ما ضر خاطره
- لا مرحباً بسرور عاد بالضرر
حُرمة الاختلاط والنظر للأجنبيات
حرَّم الإسلام الاختلاط بين الرجال والنساء الأجنبيات إلا لضرورة وبضوابط شرعية محددة، كتعلُّم العلم أو العمل أو غيرها مما له ضرورة في الحياة، وحرَّم على الرجال الخلوة بالنساء الأجنبيات ولو كان الأمر لضرورة، وذلك لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلا يخلوَنَّ بامرأةٍ ليسَ معها ذو مَحرَمٍ منها، فإنَّ ثالثَهما الشَّيطانُ).