لماذا سميت بيعة العقبة الثانية
سبب التسمية
سُمِّيَت بيعة العقبة بهذا الاسم نسبةً إلى المكان الذي بايع فيه الأنصار رسول الله في مكة، حيث حدثت فيها بيعتان الأولى والثانية، وسميت بيعة العقبة الثانية كي تتميز عن البيعة الأولى، والتي عقدت قبلها بعامٍ كاملٍ؛ حيث بدأت البيعة الأولى في العقبة بعد عام من مقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم مجموعة من أهل يثرب في السنة الثانية عشرة من البعثة عندما جاء إلى الحج عشرة من رجال الخزرج ورجلان من الأوس ومن بينهم ستة اسلموا في العام السابق، وعندما لقوا الرسول بايعوه عند العقبة فكانت تلك بيعة العقبة الأولى.
بنود بيعة العقبة الثانية
لبنود بيعة العقبة عبرة وعظة يجب الأخذ بها، فقد كان هدفها هو الجهاد بالمال والنفس، وفيما يلي بنود هذه البيعة:
السمع والطاعة
من بنود بيعة العقبة الثانية السمع والطاعة لله ولرسوله في كافة الأحوال، سواءً في العسر أو في اليسر، في السِلم أو في الحرب، في الحضر أو في السفر، وذلك وفقاً لقوله تعالى: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
الإنفاق
الإنفاق هو البند الثاني من بنود بيعة العقبة الثانية؛ حيث يتم الإنفاق بالجهاد والمال، وذلك لأن المرحلة القادمة التي سيُقبل المسلمون عليها في تأسيس الدولة تعتمد على الجهاد، والجهاد يحتاج إلى جيش وعدة واقتصاد قوي، وذلك كما جاء في قوله تعالى: (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
هو البند الثالث من بنود بيعة العقبة الثانية، ويُعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فضائل الأمة الإسلامية وعلامة من علامات الخير فيها، قال عز وجل: ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم، مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ).
كلمة الحق
هو البند الرابع من بنود بيعة العقبة الثانية؛ حيث إنها من أهم صفات المؤمنين الذين يحبّون الله ويحبّهم الذين يقولون كلمة الحق ولا يخافون في الله لومة لائم، قال عز وجل في وصفه إياهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ).
القتال
هو خامس البنود وأهمّها؛ حيث كانت الدعوة في أوّلها وتحتاج إلى القتال دفاعاً عن الدعوة وعن رسول الله، ويكون الدفاع عنه كما لو أنهم يدافعون عن أولادهم، أو أزواجهم، أو حتى أنفسهم، وهكذا كان الأنصار في بيعة العقبة الثانية على أهبة الاستعداد لرفع سيوفهم دفاعاً عن الرسول ونصرةً له.
الجنّة
الجنّة هي المقابل لكل ما تم الاتفاق عليه وهي الجزاء الذي سيحصلون عليه مقابل دفاعهم وجهادهم في سبيل نصرة الرّسول؛ فهي صفقة مع الله وجزاؤهم ليس في الدنيا وإنما في الآخرة بدخولهم الجنّة، فهم لا ينتظرون من هذه الصفقة شيئاً من الدنيا بل هي خالصة لله وحده.
كانت هذه هي بيعة العقبة الثانية وكان عدد الذين حضروا من الرجال سبعون ومن النساء امرأتان؛ حيث عُقدت هذه الصفقة في أجواء تعلوها التضحية والشجاعة والثقة بالنفس، فقد كان المؤمنون من أهل المدينة مصدراً للحب لإخوتهم المُستضعفين في مكة والذين جمعهم حبّهم في الله، وكان سبب هذا العطاء والمحبة ما تعلموه من القرآن الكريم وما علّمهم إيّاه الصحابيّ الجليل مُصعب بن عمير، وكان الأنصار صادقين في العهد والوعد، وكان لهم الأثر الكبير في نصرة الرسول وقيام دولة الإسلام.