شرح حديث (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)
حديث (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)
وردت عدة شروحات في معنى الحديث الذي ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال فيه: (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)، وهو حديث صحيح موجود في كتاب الإمام البخاري، وهذه الشروحات منها ما يتعلق بألفاظ عامة، ومنها ما يتعلق بألفاظ خاصة، بالإضافة لوجود شروح عامة له.
شرح ألفاظ الحديث العامة
قيل في معنى الألد الخصم أنه دائم الخصومة، وهو الشخص الذي لا يرجع إلى الحق ، أما الألد فمنه قوله -تعالى-: (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا)؛أي: عوجًا، جمع أَعْوَج، وقوله: (أبغض الرجال)؛ وقيل إن المراد منه هو: أبغض الكفار والكافر المعاند، أو أبغضُ الرجال المخاصمين.
وقال ابن الكثير: الثاني هو المعتمد، وبالتالي من الممكن أن يكون الأمر عاماً للكافر والمسلم، فأما إن كان كافراً ففيه ذم لكفره وخصومته، وأما إن كان مسلماً فلأن البغض سبب لذم صاحبه، ومن الممكن أن يكون بسبب تعلقه بما يخص حق المسلمين .
وأما (بالألد الخصم) قيل في معناها: إنه الرجل شديد الخصومة، وهو الذي لا يمكن صرفه عما يريد، وهو شخص مولع بالخصومة بحيث صارت من عادته، ومن هنا يتبين أمران من الحديث؛ الأول: أنه ينبئ عن الشدة، والثاني: أنه ينبئ عن الكثرة.
كما قيل في المقصود منه: إن الألد إذا قُيد بالأخصم ففيه إشارة لتكرار الأمر، أما إذا ترك على أصله، فيكون المعنى أنه شديد في نفسه بليغ في خصومته، فلا يُقصد التكرار، ومنه قوله -تعالى-: (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)، فيكون المعنى العام أن الأخصم شديد الجدال، وإضافة الألد بيان لمبالغته فيها.
شرح الحديث
إن المراد من الحديث الخصومة المتعلقة بدفع الحق أو إثبات الباطل،وهو ما جاءت النصوص بذمه؛ إذ جاء عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما ضلّ قوم بعد هُدًى كانوا عليه، إلا أوتوا الجدل).
ومما يؤيد هذا ما قيل من كون اللد يحمل المرء عادة على المماطلة بأداء الحقوق، والتعريج بها عن وجوهها ومستحقها، وظلم أصحابها، لذلك استحق من كان هذا حاله بغض الله وعقابه.
وبالتالي فإن الخصم المذموم هو الذي يبعد عن الحق ويضعفه ويقوي الباطل، أما من اشتدت خصومته لإثبات حق حتى يظهره، ويبديه ويزيل الباطل، ويخفيه فهي حالة القائمين على الحق، الممدوحة للذين ينصرونه ولا يزالون ظاهرين عليه إلى يوم الدين.
فوائد حديث (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)
جاء في هذا الحديث عدة أمور من الممكن أن يتوقف عندها المرء ويستفيد منها، من هذه الأمور:
- التحذير من الخصومة
والخصومة هي شدة الجدال، هذا وإن الحديث يبين أن الرجل كثير الخصومة يبغضه الله -عز وجل-.
- التوجيه لما ينبغي أن يكون عليه المرء
إذ في الحديث توجيه للإنسان بأن يكون سهلاً، بعيداً عن الجدل والخصام، والنزاع والشقاق، وأن يسلك الطرق السهلة اليسيرة، ويؤيد هذا ما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر: (يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا).