شرح حديث: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم
شرح حديث: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم)
زر بن حبيش أتي إلى صفوان بن عسال -رضي الله عنه- من أجل العلم؛ يبتغي العلم، فقال له صفوان بن عسال: (إنَّ الملائكةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَها لطالِبِ العلْمِ؛ رضًا بما يطلُبُ).
وسنذكر شرح الحديث الشريف وأبرز ما يدل عليه فيما يأتي:
- يدل الحديث على مكانة وفضيلة العلم، وطلب العلم
والمقصود بالعلم أي: العلم الشرعي وليس علم الدنيا، أي: العلم الذي جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن الذي به الثناء والمدح في الحديث هو طلب العلم، والحث عليه في القرآن والسنة، ويُعد طلب العلم من أنواع الجهاد في سبيل الله -تعالى-.
- قال بعض العلماء في طلب العلم أنه أفضل من الجهاد في سبيل الله بالسلاح
لأن حفظ دين الله والشريعة يكون بالعلم، والجهاد في سبيل الله -عز وجل- مبني على العلم، فقسمة الغنائم وسير المجاهد، والحكم بالأسرى، إنما كل ذلك عن طريق العلم، فالعلم هو كل شيء، وديننا القويم قام بأمرين هما: العلم والبيان، وبالسلاح: بالسيف والسنان.
- مكانة العلم والعلماء
قال الله -جل جلاله-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ، فوضع الملائكة أجنحتها لطالب العلم؛ رضاً بما يطلب واحتراماً له، وتعظيماً لطالب العلم.
فضل العلم
للعلم فضائل كثيرة تطرأ على العقل وتنعكس على تصرفات الإنسان، ومما يأتي ذكر بعض فضائل العلم:
- العلم أثمن درة في باب الشرع
ومعلومٌ لكل شخص مدى أهمية العلم، فقد قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن العلم: "العلم أشرف ما رغب فيه الراغب، وأفضل ما طلب وجدَّ فيه الطالب، وأنفع ما كسبه واقتناه الكاسب".
- العلم له مقام عظيم في شريعتنا الإسلامية
وأهل العلم هم ورثة الأنبياء ، وهناك فرقٌ بين العالم والعابد كفرق بين السماء والأرض، وقد وكل الله أهل العلم مهمة حفظ الدين، وأوجب سؤالهم عند الجهل في أمر من الأمور، قال -عز وجل-: (فَاسأَلوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَ).
- أهل العلم هم الذين استشهد الله بهم في توحيده -سبحانه-
والعلم بأسماء وصفات الله -عز وجل- هو العلم الحقيقي، ومقتضى الإيجاب بذلك الإيمان برسله وكتبه و الإيمان بالغيب حتى كأنه محسوس، قال -تعالى-: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) .
- قال ابن القيم -رحمه الله- في كتابه مدارج السالكين
"العلم منزلة من منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ومنزلة العلم تصاحب الإنسان من أول قدم يضعها في الطريق إلى آخر قدم ينتهي إليه الطريق".
- قال الجنيد بن محمد على من سلك طريق العلم
"الطرق كلها مسدودة على الخلق، إلا على من اقتفى آثار الرسول -صلى الله عليه وسلم-".
أهمية العلم
حياتنا قائمة بوجود العلم، ويعتبر العلم أيضا سلاحا للمرء، وتكمن أهمية العلم فيما يأتي:
- العلم هو أحد أركان الحكمة
وهو أعظم الأخلاق الحميدة ، والله -تعالى- أمرنا به وأوجبه علينا قبل القول والعمل، قال -سبحانه-: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) .
- الداعِ إلى الله لا يكون مستقيما حكيما إلا بالعلم الشرعي
وينبغي على الداعية أن يصحبه العلم من أول الطريق إلى آخره، فإذا كان غير ذلك فإن طريقه مسدود عليه سبيل الهدى والفلاح، وهو إجماع من العارفين.
- إن الله -تعالى- مدح أهل العلم وأثنى عليهم ورفع مرتبتهم
حيث قال -جل في علاه-: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) ، وبيّن الله -عز وجل- أن حامل العلم والعامل به في الدارين يكون له نوراً قال الله -تعالى-: (أَوَمَن كانَ مَيتًا فَأَحيَيناهُ وَجَعَلنا لَهُ نورًا يَمشي بِهِ فِي النّاسِ).
التعريف براوي الحديث
صفوان بن عسال المرادي هو من بني الربض وعداده في جمل، لقيّ زر بن حبيش صفوان بن عسال المرادي فقال له: هل رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: "نعم وغزوت معه ثنتي عشرة غزوة"،فقد غزا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اثنتي عشرة غزوة، وسكن صفوان بالكوفة، وروى عنه: زر بن حبيش، وأبو الغريف عبيد الله بن خليفة.