سيرة شيخ الإسلام زكريا الأنصاري
سيرة شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الذاتية
اسمه ونسبه
أبو يحيى شيخ الإسلام زكريا بن محمد بن زكريا الأنصارى السفيكى المصرى الشافعي، قاضي ومفسر من حفاظ الحديث.
وفي نسبه بالأنصاري نِسْبَةً إلى الأنصار؛ أهل المدينة، قبائل الأوس والخزرج ، وفي نسبه بالخزرجي نِسْبَة إلى الخزرج، وهم بطون عدة، ويُنسب الشيخ الأنصاري إلى سُنَيْكَة؛ وَهِيَ قَرْيَة بمصر، بَيْن بلبيس والعباسية، وأما في قولهم بالقاهري فهي نسبةٌ إلى القاهرة المعروفة اليوم
مولده ونشأته
يؤرخ العلماء لمولد الشيخ الأنصاري ما بين 823- 826 هجري فقد اختلف في تحديد مولده، و ورد في كتب المؤرخين تواريخ مختلفة فقيل: 823 أو 824 أو 826 هجري، ولم ترد معلوماتٌ كثيرةٌ حول أسرته، ومما ذكر حول ذلك أنه كان يتيماً ووحيداً فلا أخ له أو أخت، وقد تزوج وله ذريةٌ من بينهم علماء غير أنه لا يكاد يعرف سوى بعض أسمائهم، ولم تُعرف زوجته كحال كثيرٍ من ذريته.
طلبه للعلم
طلب العلم في الأزهر وكان من العلماء البارزين، وشغل منصب القضاء وكان مفسراً من حفاظ الحديث، ولاه السلطان قايتباى القضاء بمصر بعد إلحاح، وله مؤلفات كثيرةٌ، وحفظ القرآن الكريم، وصار من قضاة مصر.
سيرته العلمية
لقد نشأ الشيخ الأنصاري على العلم والتعلم فأول ما ابتدأ به: حفظ القرآن الكريم كعادة الكتاتيب في عهده، ودَرَسَ مبادئ الفقه العامة، فقرأ "عمدة الأحكام" وبعض "مختصر التبريزي" في الفقه، ثم التحق بالأزهر الشريف وكان ميداناً للعلم في القاهرة.
وهناك أكمل حفظ المختصر الذي بدأ بِهِ في مقتبل عمره، ومن ثَمَّ بَدَأَ بحفظ الكُتُب التي كانت تُعتبر مقدمة لمبادئ العلوم المهمة في ذلك الوقت، فحفظ كتاب "المنهاج "، وكتاب "الألفية النحوية"، وكتاب "الشاطبية" وغيرها.
ولم يكتفِ الشيخ الأنصاري من طلب علم الفقه والتفسير والحديث والعلوم الدينية عموماً، بل قد أخذ بطلب علوم اللغة، وعلم الهيئة، والهندسة، والميقات، والفرائض، والحساب، والجبر، والمقابلة، والطب، والعروض، وعلم الحروف، والتصوف، وأخذ رسوم الخطِّ، وآداب البحث، وقد أجاد الشيخ الأنصاري حتى سلك في نهج العلماء وحصل على الإيجازات من أكابر العلماء.
وعمل الشيخ الأنصاري في القضاء فولاه السلطان قايتباي الجركسي مرتبة قاضي القضاة، وتمنع الشيخ عن هذه الرتبة فلم يقبلها إلّا بعد مراجعةٍ وإلحاحٍ، ولما ولي رأى من السلطان تنحيا وابتعادا عن الحق في بعض أعماله، فكتب إليه، فعزله السلطان، فعاد إلى اشتغاله بالعلم إلى أن توفي.
شيوخه وتلاميذه
بَلَغَ شيوخ الْقَاضِي زكريا الأنصاري أكثر من مئة وخمسين شيخاً، ومن أشهر مشايخه:
- زين الدين الزَّرْكَشِيّ القاهري الحنبلي
وقد أخذ عنه صحيح مسلم وقد كان المتفرد برواية "صَحِيْح مُسْلِم" بعلو، توفي سنة ٨٤٦ هـ.
- شمس الدين مُحَمَّد بن عَلِيّ القاياتي
أخذ عَنْهُ الفقه، وأصوله، والمعاني، والبديع، والبيان، واللغة، و التفسير ، وشرح الألفية للعراقي، وغيرها، وقد تُوُفِّي سنة ٨٥٠هـ.
- شهاب الدين المعروف بابن المَجْدي
أخذ عَنْهُ الفقه، والنحو، وعلم الهيئة، والهندسة، والميقات، والفرائض، والحساب، والجبر، والمقابلة، توفي سنة ٨٥٠ هـ، وغيرهم الكثير الكثير من أصحاب المقامات العلمية والأسناد العالية.
وكغيره من أهل العلم اشتغل الشيخ بالتدريس، فقد اشتهر الشيخ الأنصاري وذاع صيته بين الناس، فأقبل عليه الطلاب من كلّ مكانٍ وقصد الطلاب مجلسه، وبارك الله في عمره حتى اجتمع له طلابٌ كثر.
مؤلفاتهلقد أكثر الشيخ الأنصاري من التأليف والتصنيف، ولما كان قد اشتغل في طلب فنون عدّة، فكذلك ترك مصنفات في مختلف العلوم والفنون حتى أنه قيل فيه إن "لَهُ شرحًا ومختصرات في كُلّ فن من الفنون"،، فصنف في اللغة والمنطق، والكلام والْحَدِيْث، والفقه والقراءات، والتصوف والتفسير، و أصول الفقه والفرائض، وهكذا تنوعت طبيعة مؤلفاته.
ونجد كثير من المؤلفات له في الفقه مثل كتابه: "الغرر البهية في شرح البهجة الوردية"، ويقع في خمسة مجلدات، و كتابه "منهج الطلاب"، وكذلك كتابه "أسنى المطالب شرح روض الطالب"، وله في القراءات الكتب منها: "الدقائق المحكمة" وكذلك في أصول الفقه فمن كتبه: "غاية الوصول شرح لب الأصول"، وله تآليف في المنطق والتفسير والحديث وغيرها من الفنون والعلوم.
وفاة شيخ الإسلام زكريا الأنصاري
بَعْدَ عُمر بَلَغَ أو جاز بقليل المئة عام، قضاها الشيخ في العلم والتعليم والقراءة والتصنيف، حتى ابتلي بفقد البصر حتى وفاته، وَقَدْ حصل خلاف بين المؤرخين في تحديد سنة وفاته، فالأكثر عَلَى أن وفاته كَانَتْ سنة ٩٢٦ هـ.