سر سورة يس
سرّ سورة يس
سورة يس سورةٌ عظيمةٌ، لِما جاء فيها من الموضوعات المهمّة التي تتحدّث عن التوحيد والإيمان بالبعث والنشور، وحتى نبيّن المقصود من أسرار هذه السورة الكريمة لا بدّ من توضيح عدّة نقاط:
- هل ثبت فضلٌ خاص لسورة يس في النصوص الشرعية؟
وردت الكثير من الرّوايات والآثار التي تتحدّث عن فضل سورة يس ، ولكنّ معظمها إمّا ضعيفة أو موضوعة، ولم يتمّ الوقوف على حديثٍ صحيح في فضل سورة يس على وجه الخصوص.
- تجارب الصالحين مع سورة يس
تحدّث العديد من الناس عن تجاربهم مع قراءة هذه السّورة الكريمة، ومنها قراءتها لتيسير الأمور وقضاء الحوائج، ولكن يجدر بالذّكر أنّ هذا الأمر من التجارب، فلا يصحّ نسبته إلى السنّة النبويّة.
كما أنّ هذا الفضل يدخل في عموم فضل قراءة القرآن الكريم وجميع سوره، ففي القرآن كلّه البركة والخير، وقد تتحقّق هذه الفضيلة بالتجربة عند بعض النّاس، وقد لا تتحقّق عند بعضهم الآخر، لأنّ السرّ يكمن في صدق الإنسان وتوكّله على الله وإخلاصه عند دعائه واللّجوء إليه.
- هل يُستحبّ قراءتها على المحتضر عند الموت؟
ذهب جمعٌ من العلماء إلى استحباب قراءة سورة يس على المُحتضِر عند احتضاره؛ وعلَّلوا ذلك لاشتمال السّورة على مواضيع التّوحيد والبعث، والتّبشير بالجنَّة في ثنايا آياتها لمن مات على التّوحيد، فتستبشر الرّوح ويسهل خروجها، فقد قال الله -تعالى- فيها: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
وقد قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: "وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّهَا لَا تُقْرَأُ عِنْدَ أَمْرٍ عَسِيرٍ إلا يسره الله تعالى، وَكَأَنَّ قِرَاءَتَهَا عِنْدَ الْمَيِّتِ لِتُنْزِلَ الرَّحْمَةَ وَالْبَرَكَةَ، وليسهل عليه خروج الروح، والله تعالى أَعْلَمُ"، ونقل الإمام أحمد عن بعض أهل العلم قولهم: "كانَ الْمَشْيَخَةُ يَقُولُونَ: إِذَا قُرِئَتْ- يَعْنِي يس- عِنْدَ الْمَيِّتِ خفف الله عَنْهُ بِهَا".
التعريف بسورة يس
سورة يس سورة مكيَّةٌ ما عدا الآية الخامسة والأربعين منها، وتقع في الجزء الثّالث والعشرين من القرآن الكريم، ويبلغ عدد آياتها ثلاثاً وثمانين آيةً، وقد نزلت بعد سورة الجن، وهي السّورة السّادسة والثلاثون في ترتيب المُصحف الشّريف.
أسباب نزول سورة يس
هناك بعض الآيات الواردة في سورة يس لها سبب من أسباب النزول ، ومن ذلك:
- قول الله -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ)
نزلت هذه الآية في بني سلمة، فقد كانوا يَسكنون في أطراف المدينة بعيداً عن مسجد رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-، وشكوا إليه بُعد منازلهم عن المسجد، وطلبوا منه أن يرتحلوا ليسكنوا قرب المسجد، فأمرهم النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- أن يبقوا في مساكنهم، وأخبرهم أنَّ أجرهم سيُكتب لهم من الله -تعالى-، فأنزل -سبحانه وتعالى- هذه الآية.
- قول الله -تعالى-: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)
نزلت هذه الآية في أُبيّ بن خَلف -وهو أحد زعماء قريش-، حيث جاء إلى النّبي -عليه الصّلاة والسلام- وبيده عظامٌ باليةٌ، فسأل أُبيّ النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-: هل يُحيي الله هذه العظام بعدما فَنيت وبليت؟ فأجابه النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-، وأنزل الله تعالى هاتين الآيتين الكريمتين.
مواضيع سورة يس
تناولت سورة يس عدّة مواضيع، ومنها ما يأتي:
- إعجاز القرآن الكريم والقَسَم به.
- التّأكيد على رسالة النّبي محمد -عليه الصّلاة والسّلام- وغايتها السّامية.
- إعراض أكثر العرب عن دعوة الإسلام ورفضهم لقبول الحقِّ.
- ذِكر أهل القرية الذين ضُرِبَ فيهم المثل بفريقين فيها مُتَّبعين لدعوة الرّسل ومُعرِضين لها، وكيف كان جزاء كلِّ فريقٍ منهما.
- قضيَّة البعث والنّشور وإثباتهما بالأدلّة والبراهين.
- آيات عدّة في توحيد الله تعالى مُبرهنةً عليه بتعداد النِّعم الكثيرة التي أنعم الله -تعالى- بها على الخَلق وبثَّها في الكون، وكلُّ هذه النِّعم الدَالّة على وحدانيّة الله تعالى تستوجب الشّكر عليها بالإيمان والتّقوى والإحسان.
- تسلية النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وتصبيره على ما تعرّض إليه من الأذى في دعوته.