سبب نزول سوة القصص
سورة القصص
تعدّ سورة القصص إحدى السور المكية باستثناء الآية الخامسة والثمانين فإنّها مدنية، وهي قول الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) ، حيث نزلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو في الطريق نحو المدينة، كما وقد ذهب ابن عباس ومقاتل إلى القول بأنّ الآيات من قول الله -تعالى-: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ) ، إلى قوله -تعالى-: (وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) ، قد نزلت في المدينة أيضاً.
ويبلغ عدد آيات سورة القصص ثمان وثمانين آية، وتعدّ السورة التاسعة والأربعين وفق ترتيب النزول حيث نزلت بعد سورة النمل وقبل سورة الإسراء، ويعود سبب تسمية سورة القصص بهذا الاسم؛ لاشتمالها على لفظ "القصص" وذلك في قول الله -تعالى-: (فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) ، ويُراد بالقصص قصص نبي الله موسى -عليه السلام- مع أهل مصر التي قصّها على نبي الله شعيب -عليه السلام-، كما وتسمّى هذه السورة أيضاً بسورة طسم، وبسورة موسى ولكنّه رأي شاذ.
سبب نزول سورة القصص
لم تذكر كتب التفسير سبباً في نزول سورة القصص كاملة، وإنّما ذكروا سبب النزول لأربع آيات منها وبيانها فيما يأتي:
الآية الأولى
وهي قول الله -تعالى-: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) ، حيث نزلت في أبي طالب وذلك عندما حضرته الوفاة، حيث ذهب إليه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يعرض عليه نطق الشهادة حتى يحاجج بها له عند الله -تعالى-، إلّا أنّه رفض ذلك وكان آخر كلامه بأنّه سيبقى على ملة عبد المطلب، فقال حينئذ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أما واللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لكَ ما لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {ما كانَ للنبيِّ} [التوبة: 113] الآيَةَ)، ونزل قول الله -تعالى-: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) ، في أبي طالب.
الآية الثانية
وهي قول الله -تعالى-: (وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا) ، حيث نزلت في الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف، عندما جاء إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأخبره أنّهم يعلمون بأنّ ما جاء به هو الحق، إلّا أنّ ما يمنعهم من اتباعه الخوف من العرب ولا حمل وطاقة لهم بهم، فنزلت هذه الآية.
الآية الثالثة
وهي قول الله -تعالى-: (أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ) ، حيث ذهب مجاهد إلى القول بأنّها نزلت في علي بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنهما- وأبي جهل، وذهب السدي إلى أنّها نزلت في عمار بن ياسر -رضي الله عنه- والوليد بن المغيرة، وقيل إنها نزلت في رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأبي جهل.
الآية الرابعة
وهي قول الله -تعالى-: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ) ، حيث نزلت ردّا على الوليد بن المغيرة ، حيث قال الله -تعالى- على لسانه: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَـذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) ، فأخبر الله -تعالى- أنّه من يختار الرسل ويبعثهم للناس، ولا يكون ذلك باختيار الرسل لأنفسهم.