سبب تسمية سورة العنكبوت
سبب تسمية سورة العنكبوت
سُمِّيت سورة العنكبوت بهذا الاسم؛ بسبب ذكر اسم العنكبوت فيها في قوله -تعالى-: (الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا)، فالعنكبوت حشرة غيرمُستحبَّة، تتخذ بيوتها في أيِّ مكان تجده مناسب، سواء أغصان الأشجار أو زوايا الجدران، ويُعدُّ بيتها من أكثر البيوت هشاشة ؛ فهذا سببٌ لسرعان هدم بيتها، ويشتهر بيت العنكبوت بالضعف، وعندما سمع المشركون اسم سورة العنكبوت، استهزؤوا بها وبالنبي -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله -عزَّوجلَّ-: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)، واشتهرت هذه السورة بهذا الاسم من عهد رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.
التعريف بسورة العنكبوت
سورة العنكبوت هي سورة مكيّة نزلت عام الهجرة أي في أواخر العهد المكِّي، وعدد آيات سورة العنكبوت تسع وستون أية، تأتي سورة العنكبوت في القرآن الكريم بين سورتي القصص والروم، وترتيبها في القرآن التاسعة والعشرون، وهي من أواخر السور المكيَّة، فلم ينزل بعدها في مكة إلّا سورة المطففين، وهي السّورة الأولى من المجموعة الأولى من قسم المثاني، وقد قيل أنَّ سورة العنكبوت منها المكّيُّ ومنها المدنيُّ، فقيل إنَّ أوَّل عشر آيات منها مكيّة، ثم نزل بعدها سورة المطففين وهي مكيّة، ومن بعدها تمت سورة العنكبوت في مكة والمدينة.
أسباب نزول سورة العنكبوت
من أسباب نزول سورة العنكبوت ما يأتي:
- نزلت في يوم بدر لمَّا قُتِل مهجع مولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وكان عبداً عند عمر، فأعتقه عمر -رضي الله تبارك وتعالى عنه-، أو كان أبوه عبداً وأعتقه عمر -رضي الله تبارك وتعالى عنه-، فكان له الولاء عليه، وكان الرجل أوّلُ قتيلٍ من المسلمين في يوم بدر، رماه رجل من الكفار اسمه: عامر بن الحضرمي فقتله، فذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه من الشهداء، ولكن أبوه وامرأته جزعا عليه جزعاً شديداً، فنزلت الآية تطمئنهم وتقول: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ).
- وقيل إنّ أناساً من المؤمنين كانوا في مكّة، عندما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الحديبية في السنة السادسة، راسلَ هؤلاء المؤمنين، وأمرهم أن يخرجوا، فخرج بعضهم، فإذا بالمشركين يَردُّونهم ويقتلون بعضهم، فنزلت الآية تُثبتهم وتُطمئنهم، وأنَّه لا بُدَّ من البلاء، فيَبتلي الله الإنسان المؤمن حتى يُثبِّتَ إيمانه، يقول الله -سبحانه-: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ).
موضوعات سورة العنكبوت
ومن موضوعات سورة العنكبوت ما يأتي:
- جاء في هذه السورة تثبيت للمؤمنين، وأنَّه مهما أصابتهم الفتن، ومهما أصابهم البلاء، فلهم الجنَّة جزاء صبرهم .
- تبدأ بعد الحروف المقطّعة بالحديث عن الإيمان والفتنة، وعن تكاليف الإيمان الحقيقية التي تكشف عن معدن الإنسان، فليس الإيمان بالكلمة التي تُقال باللسان ، إنَّما هو صبرٌ على المكاره، والصبر واجب وهو عين الإيمان، وهذا هو محور السورة وموضوعها.
- أمرت بمنافاة المشركين والبعد عنهم، والتبرؤ من هؤلاء المشركين حتى ولو كانوا من الأقرباء.
- أمرت بترك الجدل إلّا بالحسنى.
- ذِكْرت الامتحان، ورجاء لقاء الله، والجهاد، والعمل الصالح، وبرُّ الوالدين، والصبر على الأذى، وعدم الخضوع لتأثيرات الكافرين.
- فصّلت في الطريق لتحقيق الإيمان الصادق، وتحقيق التقوى: فذكرت تلاوة القرآن، وإقامة الصلاة، والذكر، والعمل الصالح، والصبر، والتوكل، والمجاهدة، والإحسان.
- أقامت الحجّة على أنّ هذا القرآن من عند الله عزَّ وجلَّ.
- بيَّنت نِعَم الله -سبحانه وتعالى- وما اقتضته في ميزان الأعمال يوم القيامة.
- بينت جزاء المُبتلى؛ فيُكفَّر الله عنه من سيئاته بهذا البلاء، ويُرفع له درجاته بهذا البلاء، ويجعله كالأنبياء، فليتأسَّ بالأنبياء والصالحين، وليصبر على ذلك، وينتظر الفرج من الله.