سبب تسمية سورة الإسراء
سبب تسمية سورة الإسراء
سُمّيت سورة الإسراء بهذا الاسم؛ لأنّها بدأت بذكر حادثة ومعجزة الإسراء في بدايتها، حيثُ إنّ مُعجزة الإسراء هي أعظم حدثٍ وقع في حياة النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- وأعظم حدثٍ في حياة جميع البشريّة كذلك، وقد قال البيضاويّ -رحمه الله- في تفسيره: إنّ سورة الإسراء تُسمّى أيضاً بسورة أسرى، وقد ذكر بعضُ المُفسّرين بأن تسمية سورة الإسراء بسورة بني إسرائيل هو من الأسماء التي أُدخلت من الإسرائيليّات، وهي غير صحيحة، كما أنّ لسورة الإسراء اسمٌ توقيفيّ؛ وهو الإسراء، وبه ذُكرت في الكثير من المصاحف، وجاء ذكر حادثة الإسراء فبداية السورة في قول الله -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، وأمّا أسماؤها الاجتهاديّة فلها اسمان اثنان وهما:
- الاسم الأول: سورة بني إسرائيل؛ وقد جاء ذكر هذا الاسم عن بعض الصحابة الكرام -رضوان الله عنهم-؛ كعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، وقد ذكره الإمام البُخاريّ -رحمه الله- كذلك.
- الاسم الثانيّ: سورة سُبحان؛ لابتدائها بهذا اللفظ.
سورة الإسراء
التعريف بسورة الإسراء
تُعدّ سورة الإسراء من السور المكيّة المُتّفقُ على مكيّتها، وأمّا عددُ آياتها فهو: مئة وخمس عشرة آية عند الكوفيّين، ومئة وعشر آيات عند غيرهم، وعددُ كلمات سورة الإسراء هو: ألفٌ وخمسُمئة وثلاث وستون كلمة، وعدد حُروفها يساوي ستةُ آلاف وأربعمئة وستّون حرفاً، وتنتهي جميعُ آيات سورة الإسراء بالألف إلّا آيةٍ واحدة منها فإنّها تنتهي بالرّاء. وقد قال الألوسيّ -رحمه الله-: إنّ سورة الإسراء سُمّيت في كثيرٍ من المصاحف بسورة الإسراء، وكانت تُسمّى في عهد الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- بسورة بني إسرائيل، لِما جاء في الحديث النبوي الذي روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، حيث قالت: (كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لا ينامُ حتَّى يقرأ الزُّمرَ وبني إسرائيلَ)، وقد قال جُمهور العلماء: إنّ سورة الإسراء من السور المكيّة، إلّا في بعض آياتها، وقيل: إلّا آيتين منها، وقيل: إلا أربع آيات منها، وقيل: غيرُ ذلك، والأصحّ في وقت نُزولها هو أنّه كان قبل الهجرة بسنة وخمسة أشهر، وذلك في السنة الثانية عشرة من البعثة.
ولا يعني افتتاحها بقصّة الإسراء أنّها نزلت بعد مُعجزة الإسراء، بل يُحتمل أن تكون قد نزلت بعدها بفترة، وقد نزلت بعد سورة القصص وقبل سورة يونس، حيثُ إنّها كانت السورة الخمسين من حيث عدد السور نُزولاً، وعددُ آياتها مئة وعشر آيات عند أهل المدينة ومكة والشام والبصرة، ومئة وإحدى عشرة آية عند أهل الكوفة، وقد ذُكر المسجد الأقصى المبارك في بدايتها؛ وهذه إشارة إلى قُدسيّته وحُرمته. وسورة الإسراء تربط بين النبوة أو إرسال الرُسل بالمُعجزات ؛ وذلك لتكون دليلاً على صدقهم، وأنّ نُزول الوحي عليهم هو من عند الله -تعالى-، وقد كانت مُعجزة الإسراء في شهر رجب قبل الهجرة بسنةٍ أو سنةٍ ونصف، وقد كان النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- يبلُغ من العُمر حينها إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهُر وعشرين يوماً.
وممّا ورد في فضل سورة الإسراء قول النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم-: (بَنِي إسْرَائِيلَ، والكَهْفُ، ومَرْيَمُ، وطه، والأنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلَادِي)؛ وسورة الإسراء كغيرها من سور القرآن قد بلغت الغاية في الجودة والإتقان، وعظم قدرها يعود لما احتوته من مواضيع وقصص وأخبار الرسل وأحوال الأمم، وقد جاء في ذكر سببُ نُزول آية: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)؛ أنّ بعض العرب كانوا يعبُدون الجن، فأسلم الجن من غير أن يعلم الذين يعبدُونهم، فنزلت هذه الآية، فذكر ابن حجر أن الجن لا يرضون بذلك؛ لأنّهم أسلموا، فصاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة، وتُعدُّ سورة الإسراء السورة الثالثة من المجموعة الثانية من سور المئين، والسورة السابعة عشرة من حيث الرسم القُرآنيّ.
أبرز مواضيع سورة الإسراء
احتوت سورة الإسراء على العديد من الموضوعات، ومن أبرزها ما يأتي:
- الإشارة إلى مُعجزة الإسراء، وبعض الوصايا من الأوامر والنواهي، والحِكم الدينيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة.
- ذكرها لقصة آدم وإبليس، وموسى وفرعون، وذكرها لبعض مواقف الكافرين وعقائدهم، ومُناقشاتهم للنبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وحكايتها لبعض مواقف عُلماء أهل الكتاب وإيمانهم بِالقُرآن، وإشادة السورة بالقُرآن والتذكير بما فيه من الحق والهُدى والشِفاء والإعجاز.
- الإشارة إلى العلاقة الرفيعة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى المبارك، وتُقرّر بركة أرض الشام وأرض فلسطين، وقد تحدّثت السورة عن إفساد بني إسرائيل ومُنازعتهم للمُسلمين على أرض الإسراء، وذلك في قول الله -تعالى-: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا* فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا)، وقد قرّرت الآيات أنّ المسجد الأقصى من حقّ المُسلمين مُنذ أن أُرسل نبيّهم محمد -صلى الله عليه وسلم- إليه.
- الإخبار عن فساد وإفساد بني إسرائيل، وعن نقضهم للمواثيق وكُفرهم بآيات الله -تعالى-، وقتلهم للأنبياء -صلى الله عليهم وسلم-، وغير ذلك من قصص الفساد التي ذكرها الله -تعالى- عنهم في القُرآن الكريم.