زكاة الزروع والثمار
زكاة الزروع والثمار
تُعرّف الزُّروع: بأنها ما ينبُت عن طريق البذر بقصد استغلال الأرض من قوتٍ أو غيره، وأمّا الثِّمار: فهي كُل ما يُؤكل من أحمال الأشجار التي لها ساق، والنُّجوم التي ليس لها ساق، كالبطيخ، وتوجد الكثير من الأدلة التي جاءت تُبيّن وجوب الزكاة بِهِما، سواءً في القُرآن ، أو السُّنة، أو الإجماع، كقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَْرْضِ)، وقوله -تعالى-: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، وقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (فيما سقَتِ السماءُ والأنهارُ والعيونُ العشرُ، وفيما سقتِ السانِيَةُ نصفُ العُشْرِ)، وأمّا الإجماع: فقد أجمع الفُقهاء على وُجوب الزكاة في الزّرع والثَمر.
شروط زكاة الزروع والثمار
توجد العديد من الشُروط الخاصة بالزُّروع والثِّمار عند الفقهاء، وهي كما يأتي:
- الحنفيّة: لا يشترطون الأهلية؛ كالبُلوغ والعقل، فلا يوجبون الزكاة في مال الصبيّ والمجنون إلا فيما خرج من الأرض، ويشترطون الإسلام ؛ فلا تجب الزكاة على غير المسلم؛ لأنها نوعٌ من العِبادة، كذلك من شروطها أن تكون الأرض عشريّة؛ وهي الأرض التي يجب فيها إخراج العُشر من ريعها، ولا تجب الزكاة عند الحنفيّة في الأرض الخراجيّة؛ وهي الأرض التي فُتحت عِنوةً، وأن يكون هُناك خارِجٌ من الأرض؛ فلا زكاة في الأرض التي لم تُخرِج شيئاً، وأن يكون هذا الخارج منها مما يُزرع بقصد نمائه واستثماره؛ فلا تجب الزكاة عندهم في الحطب أو العُشب.
- المالكيّة: اشترط المالكيّة أن يكون الخارج من الحُبوب، وأوجبوا الزكاة في التمر والزبيب والزيتون من الثِّمار، ولا زكاه عندهم في الفواكه كالرُمّان، أو الخُضروات والبقول، سواءً كانت الأرض خراجيّة أو عشريّة، كما يُشترطُ بُلوغ النّصاب، وهو خمسةُ أوسق؛ أي بِمقدار 653 كيلو .
- الشافعيّة: اشترط الشافعيّة أن يكون الخارج مما يُقتات ويُمكن ادّخاره، ولا زكاة عندهم في الخضروات والبقول والفواكه ، وتكون الزكاة على الحبِّ بعد تصفيته، ويشترطون كذلك بُلوغ النصاب، وهو خمسةُ أوسق، وأن يكون مملوكاً لمالكٍ مُعين، فلا زكاة على الأرض الوقفيّة، أو نخل الصحراء الذي ليس له مالكٌ مُعين.
- الحنابلة: اشترط الحنابلة في أن يكون الخارج قابلٌ للادّخار والبقاء، ولا زكاة عندهم في الفواكه أو الخُضروات، وكذلك بُلوغ النصاب، وهو خمسةُ أوسق بعد تصفيته في الحبِّ، وجفافه في الثمر، وأن يكون النصاب مملوكاً للحُرّ المُسلم عند وُجوب الزّكاة فيه، كما تُضمّ ثمرة العام الواحد على بعضها إذا كانت من نفس الجنس لِتُكمِّل النّصاب، مثل أنواع التمر.
كما اشترط الفُقهاء احتساب مال الزكاة منهُما بعد إخراج الأصول الثابتة التي تُستخدم في خدمة الثمر؛ كالأجهزة والمعدّات الزراعية، فهذه لا زكاة فيها، وتكون الزكاة في الزرع والثّمر بعد حصاده.
وقت إخراج زكاة الزروع والثمار
تجب الزّكاة في الحبِّ بعد اشتداده، واستغنائه عن السّقي وأمّا الثّمر فيكون بعد بُدوّ صلاحه وطيبه، فطيب العنب مثلاً يكون بظهور الحلاوة فيه، أمّا طيب البلح فيكون بظهور حلاوته واصفرار أو احمرار ثمرته، وهكذا.
مقدار الواجب في زكاة الزروع والثمار
تكون مقدار الزكاة الواجب إخراجِها من الزُّروع والثِّمار بحسب الجُهد والمشقّة ونوع السقيّ، فإن سُقي الزّرع والثّمر بغير كُلفةٍ أو مشقة؛ كأن يُسقى بماء المطر، فتكون زكاته العُشر؛ أي 10%، وأمّا ما يُسقى بِمشقّة وكُلفة؛ كما يُسقى بالآلات، فيُزكَى بنصف العُشر؛ أي 5%، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (فِيما سَقَتِ السَّمَاءُ والعُيُونُ أَوْ كانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وما سُقِيَ بالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ)، وغير ذلك من الأحاديث التي تُبيّن هذا المعنى، وقد أشار الشافعيّ إلى انعقادُ الإجماع على ذلك، وأمّا ما يُسقى نصف السَّنة بِكُلفةٍ، والنصف الآخر بغير كُلفة، فيُزكّى بثلاثة أرباع العُشر؛ أي 7.5%، وإن كان سُقيَ بنوعٍ أكثر من الآخر؛ فيكون الاعتبارُ للأكثر، وإن كان مقدار السقي غير معلوماً؛ فيُزكّى بالعُشر من باب الاحتياط.
كيفية حساب زكاة الزروع والثمار
يكون حساب الزكاة في الزُّرُوع والثِّمار بعد قياس إنتاج الأرض إجمالاً، إمّا عيناً أو نقداً، ثُمّ تحديد قيمة إيجار الأرض، مع نفقات الخارج منها، ثُم يقوم بحسب هذه النّفقات بشرط أن لا تزيد عن الثُّلث، ومن ثم تحديد النّصاب، وهو خمسة أوسق (563 كغ)، وتحديد كون الأرض سُقيت بكلفةٍ أو بغير كلفةٍ، وذلك لإخراج المقدار الواجب منها للزكاة، ولا يجوز للمالك ضمّ زكاة النّقدين إلى الزّروع والثِّمار؛ لأن كُلاً منهمُا مُستقلاً عن الآخر، وإذا زكّى الإنسان محصوله ثُمّ باعه بعد ذلك، فلا تجب الزكاة في ثمنه إلا بعد حولان الحول عليه وتحقّق باقي شُروط زكاة المال.