دروس من قصة سيدنا يونس
نبيُّ الله يونس عليه السّلام
إنّ نبيّ الله يونس بن متّى -عليه السلام- هو عبدٌ من عباده الصالحين المخلصين الأوفياء، ذو النّون صاحبُ الحوت، وليٌّ من أوليائه الأتقياء، من خير المرسلين والأنبياء، اصطفاه الله تعالى ليكونَ مرسلاً لقومِه من أهل نينوى في العراق في حدود القرن الثامن قبل الميلاد، أرسله الله تعالى لقومِه لعبادته سبحانه وحده، والإخلاص في توحيده، ونهاهم عن عبادة الأوثان وحذّرهم من عذاب الله تعالى إن هم أبَوا ذلك؛ فلم ينصتوا إليه ولم يؤمنوا بما قد جاء به من عند ربّه؛ فنفر عليه السلام منهم وضاق بهم ذرعاً، وأوعدهم بمجيء عذاب الله عليهم خلال ثلاثة أيام، وخرج هو عليه السلام قبل إذن الله عز وجل له بالخروج، و قصة يونس عليه السّلام مع قومه من القَصص القرآنية التي تحوي الكثير والكثير من العِبر والفوائد والدروس العظيمة.
دروس من قصّة سيّدنا يونس عليه السّلام
يُستفادُ من قصّة سيّدنا يونس عليه السّلام الدروس والعبر الجمّة، والمواعظ والفوائد المهمّة؛ وفيما يلي أبرزها:
أهميّة الصّبر والثّبات في الدّعوة إلى الله
وهذا ما بدا لنا واضحاً من موقف سيدنا يونس عليه السلام، إذ لما جحد قومه الإيمان بالله تعالى ، والدعوة التي جاء بها من عند ربه؛ خرج مغاضباً دون أن يأذن الله تعالى له بالخروج؛ فلم يتأنّ ويصبر على حالهم ويثابر في دعوتهم إلى الله تعالى؛ بل على الداعي أن يكون صابراً مرابطاً على الالتزام بالثبات والتحمّل في أداء الأمانة التي أُوكلت إليه في سبيل الله تعالى، كما هو ديدن الأنبياء في الصبر والثبات.
أهميّة الإخلاص في التوبة والرجوع إلى الله
وهذا ما رأينا من حال قومِ يونس عليه السّلام، إذ لما اقترب بهم عذاب الله تعالى هُرعوا للتوبة والإيمان والاستغفار، فرأى الله منهم صدق التوبة والإخلاص فيها؛ فصرف عنهم عذابه وعقابه، وآمنهم في منازلهم وأنفسهم وتمنّوا جميعهم إذ كانوا مائة ألف أو يزيدون، فقال تعالى: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ)، وكذا حال سيدنا يونس عليه السلام عندما نجّاه الله تعالى من الحوت، فقال في كتابه: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).
أهميّة فعل الطّاعات في وقت الشّدة والكُربات
وهذا ما بدا لنا واضحاً من موقف سيدنا يونس عليه السّلام بعد أن التقمه الحوت في جوف البحر، فالتجأ إلى الله تعالى بالدعاء و الاستغفار ، واعترف بذنبه وخطيئته؛ فنجاه الله تعالى من كربه وأعاده إلى قومه وهم مؤمنون كلهم؛ فقال تعالى: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ* فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ* فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ* وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ* وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ* فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ).
بيانُ رعاية الله تعالى وحفظه لأوليائه الصالحين وعباده المخلصين في وقت الابتلاءات
وهذا ما بدا لنا في حفظ الله ورعايته لنبيه يونس عليه السّلام وهو في بطن الحوت، وفي الكرب والهم.
بيانُ سعة علم الله تعالى وإحاطته وقدرته
وفي هذا ما يبيّن قدرة الله عز وجل في علمه وسعته في كل شيء؛ فهو العالم بتسبيح يونس عليه السلام و توبته في جوف بطن الحوت في ظلمات البحر؛ فأنقذه حتى نبذه في العراء وهو مريض؛ فأطعمه وكساه وكفّى عنه ما أهمّه.
أهمية الاستجابة لدعوة الأنبياء والمرسلين وعدم الجحود في أمر من أوامر الله تعالى
وهذا ما بدا واضحاً في موقف قوم يونس عليه السّلام في أول الدعوة؛ إذ لمّا آتاهم الله تعالى بالنذير منه والمرسل إليهم رفضوا الإيمان بالله تعالى وتنكّروا للحجج والبراهين؛ ولما اقترب منهم عذابه عرفوا خطيئة فعلتهم وأدركوا أهمية الانقياد لأوامر الله تعالى ولدعوة أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.