خطبة عن العلم النافع
مقدمة الخطبة
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله خلق الخلق، وأبدع الكائنات، الحمد لله علم القرآن، خلق الإنسان علمه البيان، الحمد لله باعث الرسل بالآيات والبراهين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
خير معلم وإمام، بعثه الله -سبحانه وتعالى- ب العلم النافع والعمل الصالح؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الوصية بتقوى الله
عباد الله، أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله -عز وجل- بفعل أوامره واجتناب نواهيه، قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
الخطبة الأولى
أيها الأحبة في الله، حديثنا اليوم عن العلم النافع، فقد منّ الله -سبحانه وتعالى- على العالمين ببعثة سيد المرسلين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ ليعلمهم الكتاب والحكمة، قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ).
معاشر المسلمين، يجب علينا أن نستثمر أوقاتنا في تحصيل العلوم النافعة، فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- نبيه الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- بالاستزادة من العلم، قال الله -سبحانه تعالى- في محكم التنزيل: (وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا).
أيها الإخوة الأكارم، طلب العلم طريق من الطرق التي تؤدي بصاحبها إلى الجنة؛ فقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله به طريقًا إلى الجنة)،لذا يجب علينا التماس طريق العلم والمعرفة، وأن نسعى جاهدين للعلم والتعلم.
والعلم سببٌ لحصول الخشية من الله -تعالى-، فقد قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) ، وإن الملائكة تحضر مجالس العلم؛ فقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي الكريم قال: (ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ).
عباد الله، إن العلم يرفع منزلة صاحبه عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد قال -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
و ثواب العلم مستمر بعد الموت؛ فقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له).
عباد الله، لقد فرَّق الله بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون، فقال في كتابه العزيز: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) ، فيجب علينا أن نحرص على العلم ومجالسة العلم، والنهل مما فتح الله عليهم من الخير والبركة والعلم.
ويجب على المسلم السؤال والتعلم وألا يمنعه الحياء من السؤال، فقد ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (نِعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين).
عباد الله، إن الاجتهاد في طلب العلم مطلب أساسي في طالب العلم، فقال الإمام الشافعي -رحمه الله-:
أخي لن تنال العلم إلا بستة
- سأنبئك عن تفصيلها ببيان
ذكاء، وحرص، واجتهاد، وبلغة
- وصحبة أستاذ وطول زمان
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوفقني وإياكم للعمل الصالح والعلم النافع، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
إِن الحمد لِلَّه، نحمدهُ، ونستعِينه، ونستغفره، ونعوذ باللَهِ من شرور أَنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مُضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأَشهد أَن لَا إِله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أيها الإخوة الأفاضل، يجب علينا أن نحرص على تعلم العلم اقتداءً بالأنبياء والمرسلين، ولأنه طريق من الطرق الموصل للجنة ، وإن من أهم الأمور التي تُعين المسلم على تحصيل العلم النافع أن يسأل المسلم ربه العلم النافع، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علمًا).
عباد الله، أوصيكم ونفسي ب الابتعاد عن المعاصي بتقوى الله -عز وجل-، فالله يؤتي العلم لعباده الصالحين، قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّـهُ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) .
الدعاء
أيها الإخوة في الله، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة:
- (اللَّهُمَّ إنِّا نسألُكَ عِلمًا نافعًا، ورِزقًا طيِّبًا، وعَملًا مُتقَبَّلًا).
- (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
- (اللهمَّ اهدِنا فيمن هدَيْتَ، وعافِنِا فيمن عافيْتَ، وتولَّنِا فيمن توليْتَ، وبارِكْ لنا فيما أعطيْتَ، وقنا شرَّ ما قضيْتَ، فإِنَّكَ تقضي ولا يُقْضَى عليْكَ، وإِنَّه لا يَذِلُّ من واليْتَ، تباركْتَ ربَّنا وتعاليْتَ).
- (اللهمَّ إنِّا نسألُك من الخيرِ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمنا منه وما لم نعلمُ، ونعوذُ بك من الشرِّ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمنا منه وما لم نعلمُ، اللهمَّ إنِّا نسألُك من خيرِ ما سألَك به عبدُك ونبيُّك، ونعوذُ بك من شرِّ ما عاذ به عبدُك ونبيُّك، اللهمَّ إنِّا نسألُك الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ، ونعوذُ بك من النارِ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ، ونسألُك أنْ تجعلَ كلَّ قضاءٍ قضيتَه لنا خيرًا).
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل و الإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.