خصائص الثقافة الإسلامية
خصائص الثقافة الإسلامية
الثّقافة الإسلامية لها مميّزاتها المستمدّة من مصادر الدّين الإسلامي ، فهي متميّزةٌ بتميّزِه، ولذلك عند تعريف الثّقافة الإسلامية ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أنّ الثّقافة الإسلاميّة شاملةٌ شمول الإسلام كلّه، وقد كثُرت التّعريفات لها، ومن هذه التّعريفات، يُمكننا القول أنّ الثّقافة الإسلامية هي: "علم كُليّات الإسلام في نظم الحياة كلّها بترابطها"، ولعلّ أهمّ ما يميّزها تمتّعها بالخصائص التّالية:
ربانية المصدر
تختلف الثّقافة الإسلاميّة عن غيرها من الثّقافات بأنّها تستمدّ أفكارها من الدّين الإسلامي، والذي هو من عند الله -تعالى- في كلّ جُزئيّاته، ومصدره وحيٌ من الله -تعالى-، وهو بعيدٌ كلّ البُعد عن نَتاجات الفلسفة، التّي من طبعها التّغيّر، والتّبديل، والتجدّد، والتجديد، أمّا الثقافة الإسلامية فهي خالدةٌ خلود هذا الدين، قال الله -تعالى-: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ).
كما أنّها مُختلفةٌ عن الفلسفات السّائدة، والتي تستمدّ نظرتها من فلسفات الرّومان واليونان وغيرها، خصوصاً الفلسفة المعاصرة التي تستمدّ مادّتها من الطبيعة والحسّ والعقل، حيث هي انعكاسات الطّبيعة في المُخيّلة البشريّة، ولا تقوم على ما تقوم عليه الثّقافة الإسلامية، وهو الوحي الصّادر من عند الله -تعالى.
الثبات
الثّقافة الإسلاميّة ثابتة المصدر، ثابتة الحقائق، وثابتة في مفهومها؛ وذلك تبعاً لما تقوم عليه، حيث تقوم على فكرة الإيمانِ المُطلق بالله -تعالى-، وعلى وحدانية الله -تعالى- ووجوده وهيمنته، وأنّه هو المؤثّر في الحياة والكون، وهذه الحقائق الثّابتة، لا يُمكن أن يطرأَ عليها التّغيّر، فلا يوجد مُشرّعٌ إلّا الله -تعالى-، وكلّ ما يتعلّق بالإيمان الغيبيّ مصدره هو الله -تعالى- فقط.
وإنّ نظرةَ الإسلام إلى الحياةِ لها التّأثير الأكبر على الثّقافة الإسلامية، حيث هي دار ممرٍّ لا مَقرّ، وهي دارُ ابتلاء، وأنّ الآخرةَ هي دار البقاء، وعليه تختلفُ نظرة المسلم للحياة عن الفلسفات الأخرى، ممّا يجعلُ هذه الثّقافة تُقوّم حركة الإنسان، وتُقيّد تصرفاتِه ضمن إطارٍ محددٍ، وهو إطارُ الشّرع الإلهي.
الشمول والكمال
تنظرُ الثّقافة الإسلاميّة إلى المُعطيات نظرةً كاملةً وشاملةً، ويُمكن توضيحُ ذلك ضمن أفكارٍ التالية:
- النّظرة الشاّملة للكوْن والإنسانِ والحياة
حيث إنّها تُعطي التّفسير الكامل لهذه الأشياء، وتُجيب على الأسئلة التّي تدورُ حوْلها ضمنَ منهجٍ ربّانيّ، فالجوابُ موجودٌ عن الخالقِ والمَخلوق، وعن البداية والنّهاية والمصير.
- الإحاطة التّي تتميّز بها الشّريعة الإسلاميّة
حيث إنّها تُرافق الإنسان في كلّ مراحل تطوّره؛ جنيناً، ومولوداً، وطفلاً، وشاباً، وكهلاً، وشيخاً كبيراً، حتّى بعدَ وفاتِه، جعلتْ لميراثِه قانوناً، وتُعنى الشّريعة في مرافقِ حياة الإنسان كلّها؛ بطعامه وشرابه، وعُسْره ويُسره، وشؤونه كلّها.
- النظرة الشاملة في كل القوانين
"الشريعة قانونٌ شاملٌ يضمّ كلّ القوانين التّي سمّاها البشر بأسماءٍ مختلفةٍ؛ كالقانون الدّستوريّ، والقانون المدنيّ، والقانون الإداريّ، والقانون الماليّ، والقانون الجنائيّ، والقانون الدوليّ".
التوازن
رُتّبت الحقوق والواجبات بتوازنٍ في الشريعة الإسلامية، بحيث تمت الموازنة بين الحقوق والواجبات، وبين الحقوق بعضها ببعض، والواجبات بعضِها ببعض، ووازنتْ بين مطالبِ الرّوح والجسد والعقل.
بحيث لا يَطغى منها شيءٌ على شيءٍ آخر، فالإنسان مكوّنٌ من الجسد والرّوح والعقل، وكلّ واحدٍ من هذه الأجزاء الثّلاث يحتاجُ إلى ما يُغذّيه؛ فتغذية الرّوح بالعبادة، وتغذيةُ العقل بالمعرفة، وتغذيةُ الجسد بالملذّات.
وقد طلب الله من المسلم أن يُعطي كلّ جزءٍ حقّه، فلا تطغى الرّوحانيات وتزيد وتصلّ حدّ الرّهبنة المُحرّمة، قال الله -تعالى-: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ)، وقال الله -تعالى-: (وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا).
وكذلك لا يصحّ أن تطغى الدّنيا على الرّوح، فقد قال الله -تعالى-: (وَمَا هَـذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ)، وهذه المُوازنة التي حقّقها الإسلام من أصعب المُوازنات، ولا توجد في ثقافة أخرى مثلها.
الترابط والتناسق
الثّقافة الإسلاميّة ثقافةٌ كليّة، تترابطُ جُزئيّاتها ترابطاً وَثيقاً، بحيث يكونُ من الصّعب تَفكيكُها إلى وحداتٍ مُستقلّة، ولا يُمكن تجزيئُها إلى وِحَدٍ مُتباينةٍ، بحيث لا يُمكن جعلها قُشوراً ولُبّاً، فكلّها لُبّ، لا يُستهان بشيءٍ منها.
ولا يُمكن التّنازل عن شيءٍ من مَفاهيمها، وهذا التّرابط يجعلُ كلّ مفاهيمِها مهمّة، ولا يُمكن الاسْتغناءُ عن شيءٍ منها على حسابِ شيءٍ آخر، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) .
أهمية الثقافة الإسلامية
يمكنُ تلخيصُ أهميّة وضرورة الثّقافة الإسلامية بمجموعةٍ من النّقاط، كما يأتي:
- إن الثّقافة الإسلاميّة وضحتِ الأُسس التّي تقومُ عليها، فلذلك نجد فيها التّفاسير الواضحة لمُعطيات الحياة.
- إن الثّقافة الإسلاميّة تُغيّر الحياة من مفهومها الماديّ إلى المفهوم الربانيّ، كما غيّرت حال العرب من الجاهليّة والشّرك إلى التّوحيد.
- تجعلُ المسلم متفاعلاً مع المبادئ التّي ينتمي إليها.
- يمكن من خلال الثّقافة الإسلاميّة تحقيقُ التّقدم والازدهار على كافّة الصُّعُد الدّينية والدّنيوية.