حكم قراءة القران من الجوال
حكم قراءة القرآن من الجوال في الصلاة
إنّ الأصل في هذه المسألة قياسها على حكم القراءة من المصحف في الصلاة، وللفقهاء في هذه المسألة قولين رئيسين:
- قول الجمهور
قال المالكية والشافعية والحنابلة بجواز القراءة من المصحف في الصلاة، ولكنّها تُكره في الفرض دون النفل، وقد جاء في المجموع للنووي: "لو قرأ القرآن من المصحف لم تبطل صلاته سواء كان يحفظه أم لا، بل يجب عليه ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة كما سبق، ولو قلّب أوراقه أحيانا في صلاته لم تبطل، وهذا الذي ذكرناه من أن القراءة في المصحف لا تبطل الصلاة في مذهبنا ومذهب مالك وأبي يوسف ومحمد واحمد قال أبو حنيفة تُبطل".
والدليل على جواز ذلك عند جمهور الفقهاء ما يأتي:
- عدم وجود دليل على بطلان الصلاة بالقراءة من المصحف، ولا يَسلم أنّ مجرد حمل المصحف ووضعه تعتبر حركة كثيرة تبطل الصلاة، فقد جاء عن عائشة -رضي الله عنها- أنّه كان يؤمها عبدٌ لها وهو يقرأ من مصحفٍ بين يديه.
- كراهة ذلك يكون في الفرض؛ لأنّ في ذلك انشغالاً عن الصلاة بحمل المصحف، وأمر الفريضة مضيّق أكثر من أمر النافلة، بينما النفل يُغتفر فيه ما لا يغتفر في الفرض.
- قول الحنفية: عدم جواز القراءة من المصحف في الصّلاة، وتبطل الصلاة بذلك، وقد علّلوا هذا القول بأمرين فقالوا:
- إنّ حمل المصحف ووضعه وتقليب صفحاته يحتاج حركات كثيرة متوالية، وهذا يُبطل الصلاة، ولكن إذا كان التقليب للصفحات من الجوال تقليباً يسيراً؛ كحركة إصبع خفيفة كافية فهذا غير مبطل للصلاة اتفاقاً.
- إنّ قراءة المُصلّي من القرآن يُعتبر تلقيناً للمصلي في قراءته، كأنّه يتعلّم من معلمٍ يقرأ، فكما أن تعليم المعلم لا يجوز داخل الصلاة فكذلك القراءة من قرآن، وهذه العلّة تنطبق على القراءة من جوال، بالتالي تبطُل الصلاة بقراءة القرآن من الجوال.
حكم قراءة القرآن من الجوال خارج الصلاة
لا شكّ أنّ قراءة القرآن من المصحف أو من الجوال جائز، بل هي عبادة مطلوبة يؤجرعليها صاحبها، وقد ذكر العلماء أنَّ قراءة القرآن من المصحف أَوْلى من قراءتها حفظاً عن ظهر قلب، وقد ورد عن الإمام النووي -رحمه الله-: "قراءة القرآن من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب لأنّ النظر في المصحف عبادة مطلوبة فتجتمع القراءة والنظر".
إلّا أنَّ القراءة من المصحف في حال توفّره أفضل وأعظم أجراً لأمرين اثنين:
- إنّ النظر في المصحف والقراءة منه فيه تعظيم وهيبة في قلب الإنسان لا توجد في الجوال، فالنّظر في المصحف والقراءة فيه وحمله أولى من حمل الجوال والقراءة منه.
- إنّ القراءةَ من المصحف من شعائرِ المسلمين الظاهرة.
حكم قراءة القرآن من الجوال دون وضوء
اتفقت المذاهب الأربعة على منع المُحدث سواء حدثاً أكبر أو أصغر من مسِّ المصحف، كما قال الإمام النووي في كتاب المنهاج: "ويحرم بالحدث الصلاة والطواف وحمل المصحف ومس ورقه وكذا جلده على الصحيح وخريطة وصندوق فيهما مصحف".
ولكن لا يُقاس القراءة من الجوال على القراءة من المصحف في ذلك، فلا يُشترط الوضوء لقراءة القرآن من الجوال، بل يجوز القراءة واللّمس حينها، أما من كان على جنابة، فإنّه لا يجوز له قراءة القرآن من المصحف أو من الجوال أو عن ظهر قلب حتى يتطهّر.
أمّا المرأة الحائض؛ فذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز مسِّها للمصحف ولا حتّى تلاوته، قياساً على المُحدث حدثاً أكبر، وذهب آخرون إلى جواز قراءة الحائض للقرآن أثناء حيضها ، وبذلك يجوز لها القراءة من الجوال ومسِّه؛ لأنّه لا يأخذ حكم المصحف الورقي فلا تُشترط الطهارة عند لمس الجوال.