حكم فوائد البنوك
حكم فوائد البنوك
ربا البُنوك أو ما يُسمّى بالفوائد، هي من الرّبا بعينه، ونُقل الإجماع على تحريم الزّيادة المشروطة على أيّ قرض، سواءً كانت تلك الودائع تحت الطّلب؛ أو ما يُسمّى بالحساب الجاري، أو ودائع لِأجل، أو ودائع بإشعار، وغير ذلك، وينبغي على الشّخص أو البنك إيجادُ بدائل عن تلك الودائع التي يؤخذ عليها زيادات وفوائد محرّمة، كأن تكون تلك الودائع بقصد الاستثمار المشروع، وبذلك يُصبح الأمر كالمُضاربة.
وأما كونها ربا بعينه؛ فذلك لأنّ العميل يأخذ من البنك مبلغاً مُعيّناً، بشرط أن يَرُدّه بزيادةٍ مُعيّنة، كما يدخُل هذا النّوع من الرّبا في الصّرف، كمن يشتري نُقوداً دون أن يتمّ القبض في نفس المجلس، بشرط أن يُردّها بزيادةٍ بنسبةٍ مُعيّنةٍ، وقد نهى النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- عن السّلف في البيع، فقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يحلُّ سلَفٌ وبيعٌ، ولا شَرطانِ في بيعٍ، ولا رِبحُ ما لم تَضمَنْ، ولا بيعُ ما ليسَ عندَكَ)، كما ثبت عن جماعةٍ من الصّحابة الكرام نهيهم عن القُروض التي تجرُّ نفعاً. وأمّا إن كانت هذه الأموال مملوكةً للدّولة، ولكنّها مودعةً في البُنوك الأجنبيّة، ثُمّ سجّلت لها فوائدٌ، فقد أجازت لجنة الإفتاء بالأزهر أخذ هذه الأموال وصرفها في المصالح العامّة للمُسلمين؛ كتعبيد الطُّرق، وبناء المُستشفيات، وذلك من قبيل الأخذ بأخفّ الضّررين.
المقصود بفوائد البنوك
يُقصد بالفائدة ما نتج وكسبهُ الإنسان من غير مالٍ؛ كالميراث، والعطيّة، وأمّا في الاصطلاح المصرفيّ: فهي الثّمن المدفوع مُقابل استعمال النُّقود، ويُفرّق بينها وبين الرّبح من حيث أنّ الرّبح يكون بزيادةٍ على ثمن السّلعة مُنذ البداية، وتكون بنيّة التّجارة، وأمّا المبلغ الزّائد بغير نيّة التّجارة فهو من قبيل الفوائد، وينطبق لفظ الفائدة على لفظ الرّبا في الشرع ؛ حيثُ يشتركان في الزّيادة المشروطة على القرض، وتُعرف الفائدة عند الاقتصاديّين: بأنّها الزّيادة التي يدفعها البنك أو صندوق الادخار على الودائع، أو الزيادة التي يأخذها البنك مُقابل القُروض. كما تعرف بأنّها: النّسب التي تأخُذها البُنوك على الأموال المودعة لديها، أو مُقابل ما تُقدّمهُ لهم من اقتراض.
حكم المرابحة في البنوك الإسلامية
تُعد مُعاملة المُرابحة أو ما يُسمّى بيع المُرابحة للآمر بالشّراء من المُعاملات الجائزة، إذا توفّرت الشُّروط، وانتفت الموانع، وهي تُشبه ما يُسمّى بالمواصفة في كُتب الفُقهاء القدامى؛ وهي تحديد الآمر بالشراء لمواصفات السّلعة التي ليست عند البائع، مع الاتّفاق على الثمن ونسبة ومقدار الرّبح، وقد كرِه بعض السلف المواصفة؛ ومنهم سعيد بن المسيّب، وفيما يأتي تفصيل أقوال العُلماء في حكم المرابحة:
- القول الأوّل: الجواز؛ وهو قول الدكتور القرضاوي، والدكتور سامي حمود، والدكتور عبد الحميد البعلي، وغيرهم، وذلك لأن الأصل في البيع الإباحة، وتعدّ المرابحة من أنواع البيع ، ويؤيّد ذلك قرار مؤتمر المصرف الإسلامي الأول في دبيّ، والذي يتضمن وعداً من عميل المصرف بالشراء حسب الشروط التي تمّ التنويه عليها، ووعد المصرف نفسه بإتمام البيع بناءً على تلك الشروط، وكذلك أجاز مؤتمر المصرف الإسلامي في الكويت ذلك، لأنّ المواعدة على بيع المرابحة بين الآمر بالشراء والمصرف، وشراء السلعة التي تمّ تحديدها بعد حيازتها وتملّكها ثم بيعها للآمر بالشراء هو من العقود الجائزة شرعاً، وخاصة أن المصرف الإسلامي تقع على عاتقه مسؤولية هلاك السلعة قبل تسليمها، كما أنّ في ذلك مراعاة لمصلحة الطرفين؛ العميل والمصرف. كما أنّها تُعدّ من قبيل القِراض أو المُضاربة، وتُطبّق عليها أحكامهما، كعدم ضمان المُضارب الذي هو البنك لرأس مال المُضاربة.
- القول الثّانيّ: التحريم، وممّن قال بذلك الدكتور محمّد الأشقر، والدكتور صدّيق الضرير، والشيخ محمد الشنقيطي، وغيرهم، بدليل أن القول بلزوم العدّة في المذهب المالكي هو في أمر المعروف والإحسان؛ كالتبرّعات، ولا علاقة لعقود المعاوضات والبيع في ذلك، وهذه المعاملة أي البيع بالمرابحة غير جائزة في المذهب المالكي ، وقد نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن بيع ما ليس عند الشخص، وهذه المعاملة تدخل في هذا الباب، وقالوا إنّ النبيّ نهى عن حصول بيعتين في بيعة واحدة، وهذه المعاملة فيها بيعتين؛ وهي البيع بين المصرف وبائع السلعة، والبيع بين المصرف والعميل، كما أنّ هذه المعاملة تُشبه الربا والقرض بفائدة ولا تختلف عنها، وهي إحدى صورها، أو تقوم مقامها بشكلٍ عام.
- القول الثّالث: الكراهة، وذلك لأن هذه المعاملة لا يُمكن الجزم بحرمتها؛ لأنّ صورتها وشكلها العام ينطبق عليه شروط الشريعة الإسلامية ، وصحيحٌ أنّ الوعد لا يُعدّ عقداً، إلا أنّ الإلزام على ذلك قضاءً يتوافق مع المبادئ الإسلامية وقواعدها، وهو مكروه لأنّه يُفضي إلى الربا، فالمصرف الإسلامي لا يُقرض الشخص بالربا، فيشتري السلعة ويُلزم الآمر بالشراء على شرائها بسعرٍ أكبر مقابل التمويل، وفيها إلزام من المصرف للعميل عل المرابحة، فلا يُمكنه الرجوع عن المعاملة، وقد يتضرّر نتيجة هذا الإلزام.
الفرق بين المرابحة الإسلامية والفوائد الرّبويّة
توجد العديد من الفُروقات بين المُرابحة الإسلاميّة وبين الفوائد الرّبويّة، ومنها:
- المُرابحة تَبادل سلعةٍ بثمنٍ، وأمّا الفوائد فهي تبادل نقودٍ بمثلها.
- ثمن السّلعة في المُرابحة ثابتٌ ومُستقرٌ، وأمّا في القرض الرّبويّ فهو يزداد بازدياد المُدّة.
- معرفة مصادر الأرباح في البنك الإسلاميّ ، وأمّا في البنك الرّبويّ فيكون تقديم المال أو الفائدة للمُقترض من غير معرفته لِمصدرها.
- الرّبح في البُنوك الإسلامية يكون عن طريق تقليب المال، وتحويله من حالٍ إلى حالٍ؛ كالبيع والشّراء، وأمّا الفائدة من البنك الرّبويّ تكون عبارة عن زيادةٍ مُستحقّةً للدّائن على المدين مُقابل احتباس الدّين إلى وقت سداده؛ أي مالٌ مُقابل المال .
- الفرق الجوهريّ بينهما هو أنّ البنك الرّبويّ في مُعاملاته يأخذ الرّبح من دون تحمّلهِ للمخاطر، أمّا في البنك الإسلاميّ، فتكون السّلعة مملوكةً للبنك، ويبيعها بعد أن دخلت في ملكه وضمانه، فيمرّ عليه ملك البضاعة وقتاً يسيراً، وإن هلكت البضاعة خلال هذه المُدّة فإنّهُ يكون ضامناً لها.