حكم طواف الوداع للحاج والمعتمر
حكم طواف الوداع على الحاج
طواف الوداع واجب على الحاج، فعند انتهاء الحاج من مناسك الحج يجب عليه أن يطوف بالبيت سبعة أشواط من غير سعي، ويصلي ركعتين، ثم ينصرف إلى أهله؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم كان يجعل آخر عهده من الحج الطواف حول الكعبة، وقد أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نقتدي به ونتعلم من فعله فقال: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُم)، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حتَّى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبَيْتِ)، فنهيُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين الخروج من البيت الحرام إلا بعد أن يطوفوا بالبيت، يُعدّ دليلاً على وجوب طواف الوداع على الحاج.
ماذا يجب على الحاج إذا ترك طواف الوداع
يجب على من ترك طواف الوداع، وتذكر قبل وصوله إلى الميقات أو قبل بلوغه مسافة القصر؛ أن يرجع ويؤدي طواف الوداع، وذهب جمهور العلماء إلى القول بأنّ من ترك طواف الوداع عامداً، أو ناسياً، أو جاهلاً، عليه دم؛ والدم سُبع بدنة، أو سُبع بقرة، أو شاة يصح أن تُقدم كأضحية، فإن لم يستطع تقديم الفدية فيجب على الحاج صيام عشرة أيام؛ ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعة أيامٍ عند الرجوع إلى بلده؛ لأنّ طواف الوداع يُعد واجباً من واجبات الحج؛ فمن ترك واجباً من واجبات الحج تجب عليه الكفارة.
وقت طواف الوداع
يجب على الحاج أن يودع البيت قبل الرجوع إلى أهله، فيطوف بالبيت سبعة أشواط، ثم يُصلِّي ركعتين، فقد ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- صَلَّى الظُّهْرَ، والعَصْرَ، والمَغْرِبَ، والعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بالمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إلى البَيْتِ، فَطَافَ بهِ)، فدل الحديث على أنّ آخر أمر قام به النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الانتهاء من مناسك الحج وقبل الخروج من مكة المكرمة هو الطواف بالبيت، فوقت طواف الوداع يكون عند انتهاء الحاج من جميع مناسك الحج، وهو آخر أعمال الحاج.
ذهب جمهور العلماء إلى أنه يجب على الحاج أن يطوف طواف الوداع ثم يبدأ سفره مباشرةً بعد الطواف، ولا بأس بالانشغال بأمور السفر من سوق وغيره، أما الحنفية فذهبوا إلى القول بأنّ الحاج الذي يطوف طواف الوداع ثم يتأخر في العودة إلى دياره فيبقى أياماً بمكة المكرمة؛ فلا يجب عليه إعادة طواف الوداع؛ لأنّ طواف الوداع يُعد نسكاً من مناسك الحج، ويُستحب للحاج تأخير طواف الوداع؛ فيقوم بأدائه قبل مغادرة مكة المكرمة، ويُشترط لطواف الوداع أن يكون الحاج من أهل الآفاق، فإن كان من أهل مكة أو نوى الإقامة بمكة، فلا يجب عليه طواف الوداع، باتفاق الفقهاء، ويُشترط أيضاً للمرأة الطهارة من الحيض والنفاس.
حكم طواف الوداع للمعتمر
تعددت آراء العلماء في حكم طواف الوداع للمعتمر، وهي ما يأتي:
- المالكية: يقوم المعتمر بطواف الوداع إذا أقام بمكة عدة أيام مثل ما يقوم به الحاج؛ لأن الحاج يبدأ عند وصوله بالطواف ويختم الحج قبل رجوعه إلى بلده بالطواف، والمعتمر مثل الحاج يأتي من مكان بعيد، فيكون على المعتمر أن يُودّع البيت الحرام بطواف الوداع، كما يُودّع الحاج البيت الحرام بطواف الوداع، أما إذا دخل المعتمر مكة المكرمة لأداء العمرة في فترة الضحى فطاف بالبيت ثم خرج عائداً إلى أهله بنفس اليوم؛ فيُجزء طوافه للعمرة عن طواف الوداع؛ لأنه لم يبقَ بمكة المكرمة مدة طويلة.
- الحنابلة: لا يجب على المعتمر أن يقوم بطواف الوداع؛ لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر أصحابه بطواف الوداع عندما كانوا معتمرين، وإنما أمرهم بطواف الوداع عند أداء الحج، ويُستحب للمعتمر أن يقوم بأداء طواف الوداع، فإن عجزالمعتمر عن أداء طواف الوداع، أو نسيَ، أو كان متعباً فشقّ عليه طواف الوداع، فلا تجب عليه الفدية كما تجب على من نسي أداء طواف الوداع في الحج، أما إذا كان المعتمر ممن ينوي الإقامة بمكة، فلا يقوم بطواف الوداع.
الفئات التي يسقط عنها طواف الوداع
يسقط طواف الوداع عن أهل مكة ونحوهم
اتفق الفقهاء أنّ طواف الوداع لا يجب على الحاج من أهل مكة ولا على الحاج الذي يريد أن يقيم بمكة عند الانتهاء من الحج.
يسقط طواف الوداع عن الحائض والنفساء
اتفق الفقهاء على عدم وجوب طواف الوداع على المرأة الحائض والنفساء، ولا يجب عليهما دفع الفدية عند ترك طواف الوداع، ويُجزء طواف الإفاضة عن طواف الوداع للمرأة الحائض والنفساء.