حكم زيارة القبور في العيد
حكم زيارة القبور
أجمع العلماء على استحباب زيارة الرجال للقبور، وممّا استدلوا به على ذلك ما ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، كُلَّما كانَ لَيْلَتُهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَخْرُجُ مِن آخِرِ اللَّيْلِ إلى البَقِيعِ)، وذلك لكون زيارة القبور تُحقّق النفع للحي بتذكيره بالآخرة والموت، وللميت بالدعاء له بالمغفرة والرحمة، أمّا زيارة النساء للقبور فقد تعددت آراء العلماء في ذلك كما يأتي:
- الحنفية وقول للمالكية: قالوا بأن حكم زيارة النساء للقبور مباح، وممّا استدلوا به على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (نَهَيْتُكُمْ عن زِيارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوها)، حيث أنّ سياق حديثه -صلّى الله عليه وسلّم- عام يشمل الرجال والنساء.
- الشافعية والحنابلة وقول للحنفية والمالكية: قالوا بكراهة زيارة النساء للقبور، وممّا استدلوا به على ذلك ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لعنَ زوَّاراتِ القبورِ)، حيث حملوا النهي على الكراهة، لأنّ رسول الله قد مرّ بامرأة تبكي عن قبرٍ فلم ينهها عن الزيارة ولكن أمرها بالصبر؛ لما ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقالَ: اتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي).
- قول للحنفية والشافعية: قالوا بحرمة زيارة النساء للقبور، وممّا استدلوا به على ذلك ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لعنَ زوَّاراتِ القبورِ)، فقد حملوا النهي على التحريم، لأنّ اللعن لا يكون إلّا على محرم، وممّن قال بذلك أيضاً ابن تيمية، وابن باز، -رحمهم الله-.
حكم زيارة القبور في العيد
- يجوز للمسلم زيارة القبور في العيد لانتفاء ما يدلّ على النهي عن ذلك، حيث لا حرج عليه في زيارة القبور في العيد، أو في يوم الجمعة أو الخميس، أو في أي وقت من الأوقات، لكون زيارة القبور ليس لها وقتٌ محددٌ، وإنّما يكون ذلك وفق ما يُتاح للمسلم من فرصة لزيارتها، إلّا أنّه يجب عليه توخي الحذر من ارتكاب ما يخالف الشرع في المقابر وغيرها نحو: اختلاط الرجال والنساء، والتبرج، والبكاء بصوت عال والنوح والصراخ؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ).
- أمّا تخصيص يوم العيد أو غيره لزيارة القبور بحجة وتعليل أنّ في ذلك صلة للرحم فهذا لا أصل له في الشرع، بل يعدّ بدعة مكروهة، لكونه تخصيص ما لم يرد به الشرع، حيث أنّ ذلك لم يرد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ولا عن أحد من صحابته، ولا شكّ أنّ الخير والفلاح باتباع هدي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومجانبة الابتداع.
المشروع في زيارة القبور
يشرع للمسلم عند زيارته للقبور السلام على الأموات والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، وذلك لِما ثبت عن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يعلِّمُهم إذا خرجوا إلى المقابِرِ، كانَ قائلُهم يقول: السَّلامُ عليْكم أَهلَ الدِّيارِ منَ المؤمنينَ والمسلمينَ، وإنَّا إن شاءَ اللَّهُ بِكم لاحقونَ، نسألُ اللَّهَ لنا ولَكمُ العافيةَ)، وما ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (انَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، كُلَّما كانَ لَيْلَتُهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَخْرُجُ مِن آخِرِ اللَّيْلِ إلى البَقِيعِ، فيَقولُ: السَّلَامُ علَيْكُم دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ ما تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وإنَّا، إنْ شَاءَ اللَّهُ، بكُمْ لَاحِقُونَ، اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ).