حكم رفع اليدين في الصلاة
حكم رفع اليدين في الصلاة
اتَّفق الفُقهاء على استحبابِ رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام في بدايةِ الصّلاة، وهيَ من السُّنن المُتّفقُ عليها في بدايةِ كل صلاة، وقد ورد ذلك من فِعلِ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عن وائل بن حجر -رضيَ الله عنه-: (أنَّهُ رَأَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ في الصَّلَاةِ كَبَّرَ)، وقد رأى عددٌ من الصّحابةِ الكِرام ذلك من فعلِ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عند افتتاحهِ الصّلاة، وذهبَ بعضُ الفُقهاء إلى أنَّ رفعَ اليدين عند تكبيرة الإحرام من هيئاتِ الصّلاة ، وذهبَ الجُمهور إلى أنَّ طريقة الرَّفع تكون بنشرِ الأصابع وتفريقها من الوسط، وأمّا الحنابلة فيَرون ضمّها، ولا بدّ من مراعاةِ أنّ يكون باطن اليدين باتّجاه القبلة باتّفاق الفقهاء. وفيما يأتي في المقال بيانٌ لمشروعيّة رفع اليدين في العديد من المواضع المحدّدة في الصلاة.
مواضِعُ رفعِ اليدينِ في الصلاة وكيفيتها
توجد العديد من المواضع التي يُسَّن فيها رفع اليدين، وفيما يأتي ذكرها:
مواضع رفع اليدين داخل الصلاة
هناك العديد من المواضع التي يُسنّ رفع اليدين فيها داخل الصلاة، وهي:
- عند تكبيرة الإحرام: ذهب المالكيّة والشافعيّة إلى أنّها تكون حذو المنكبين؛ أي مُقابلهُما، وأمّا الحنابلة فذهبوا إلى التّخيير بين رفعهما إلى فروع الأُذنين أو حذو المنكبين*، ويرى الحنفيّة أنّها تكون بِمُحاذاة الإبهامين للأُذنين للرّجال، وتُحاذي المرأة منكبيها فقط من بابِ السّتر، واتّفق الفُقهاء على استحبابِ توجيه الأصابع نحو القبلة، لِما جاء عن عبد الله بن عمر -رضيَ الله عنه-: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا افتَتَح الصَّلاةَ رفَع يدَيْهِ حَذْوَ مَنكِبَيْهِ)، وإن عجز المُصلّي عن رفعهِما إلى هذا الحدّ؛ فإنّهُ يفَعل ما استطاع فعله من الرَّفع.
- عند الرُّكوع، وعند الرَّفع والاعتدال منه: وقد ثبت ذلك عن أكثر من عشرين صحابيّاً من فعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وورد عن ابن عمر -رضيَ الله عنه-: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا قامَ إلى الصَّلاةِ يَرفَعُ يَدَيهِ حتى إذا كانَتا حَذْوَ مَنكِبَيهِ كَبَّرَ، ثُمَّ إذا أرادَ أنْ يَركَعَ رَفَعَهما حتى يَكونا حَذْوَ مَنكِبَيهِ، كَبَّرَ وهما كَذلك، رَكَعَ، ثُمَّ إذا أرادَ أنْ يَرفَعَ صُلبَه رَفَعَهما حتى يَكونا حَذْوَ مَنكِبَيهِ).
- فيُسَّن للمُصلّي رفع يديه عند الهوي إلى الرُكوع، ويخفضهُما مع الهوي إليه، وعند رفع رأسه من الرُكوعِ يبدأ برفع يديه، ويُخفضهُما بعد الاعتدالِ منه، وممَّا يؤكّدُ ذلك فعل ابن عمر -رضيَ الله عنه- لِما فَعَله النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ففي الحديث: (أنَّ ابْنَ عُمَرَ، كانَ إذَا دَخَلَ في الصَّلَاةِ كَبَّرَ ورَفَعَ يَدَيْهِ، وإذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وإذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، رَفَعَ يَدَيْهِ).
- عند القيام من التَّشهُد الأول: وهذا عند الشافعيّة كما ذكر الإمام النوويّ، لِفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (وإذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ).
رفع اليدين في بعض الصلوات المسنونة
يُسنّ رفع اليدين في العديد من النّوافل، وهي:
- صلاةُ العيدين: وذلك لِما رواهُ ابنُ عمر -رضيَ الله عنه- في الحديثِ من فعلِ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الذي يُشير إلى أنّه كان يرفع يديه مع كُلِ تكبيرةٍ من صلاةِ العيد، لكن العلماء ضعّفوا الحديث، إلا أنّ العديد من العلماء قالوا بمشروعيّته، فهو من السُّنن لإعلام العُموم بالتكبيرات؛ وهذا لا يحصل في صلاةِ العيدين إلَّا بالجّهرِ ورفع اليدين في التّكبيرات ؛ لأنَّه قد يكون في الصّفوف أصمّ، وهذا لا يُميّز إلا برفعِ اليَدين، وذهب بعضُ العُلماء كأبي يوسف الحنفي إلى عدم سُنيِّة الرّفع في التكبيرات الزوائد في صلاة العيد.
- صلاة الاستسقاء: يُسّنُ رفع اليدين مع كُل تكبيرةٍ في صلاة الاستسقاء، وذلك لِما صحّ عن أنس -رضيَ الله عنه- من فعلِ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ لا يَرْفَعُ يَدَيْهِ في شيءٍ مِن دُعَائِهِ إلَّا في الِاسْتِسْقَاءِ، فإنَّه كانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطَيْهِ).
- صلاة الجنازة: يُسنُّ للمُصلّي في صلاةِ الجنازة أن يرفعَ يديهِ في التّكبيرةِ الأولى فقط، وهذا عند الإمام أبي حنيفة، وأمّا الجُمهور فيرون أنّه من السُّنة في الرّفع مع كُلِّ تكبيرة؛ ويكونُ ذلك من بابِ الإعلام من الإمام لمن هُم خلفه؛ ومنهم الأصمّ.
__________________________________
الهامش
*المنكب: هو الموضع الذي يجتمع به رأس العَضد مع الكتف. والعضد هو ما بين المرفق والكتف.