حكم رائعة لأبي الطيب المتنبي
أشعار الحكمة لأبي الطيّب المُتنبّي
من أبرز الصفات التي اشتهر بها المتنبي هي الحكمة، فكان له العديد من الحكم عن الحياة وجميع نواحيها، وقد انتشرت بشكلٍ واسع؛ لأنّها كانت تتّصل بالنفس الإنسانية بشكل كبير وتصف آلامها ونوازعها، وقد ذُكر عن أبي الطيّب المُتنبّي عدد كبير من القصائد التي احتوت على حكم رائعة، ومن أهمّ هذه القصائد ما يأتي:
قصيدة إذا غامرت في شرف مروم
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ
- فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ
- كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ
سَتَبكي شَجوَها فَرَسي وَمُهري
- صَفائِحُ دَمعُها ماءُ الجُسومِ
قَرَبنَ النارَ ثُمَّ نَشَأنَ فيها
- كَما نَشَأَ العَذارى في النَعيمِ
وَفارَقنَ الصَياقِلَ مُخلَصاتٍ
- وَأَيديها كَثيراتُ الكُلومِ
يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ
- وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ
وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني
- وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ
وَكَم مِن عائِبٍ قَولاً صَحيحاً
- وَآفَتُهُ مِنَ الفَهمِ السَقيمِ
وَلَكِن تَأخُذُ الآذانُ مِنهُ
- عَلى قَدرِ القَرائِحِ وَالعُلومِ
قصيدة أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل
خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعتَ بِهِ
- في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ
وَقَد وَجَدتَ مَجالَ القَولِ ذا سَعَةٍ
- فَإِن وَجَدتَ لِساناً قائِلاً فَقُلِ
إِنَّ الهُمامَ الَّذي فَخرُ الأَنامِ بِهِ
- خَيرُ السُيوفِ بِكَفَّي خَيرَةِ الدُوَلِ
تُمسي الأَمانِيُّ صَرعى دونَ مَبلَغِهِ
- فَما يَقولُ لِشَيءٍ لَيتَ ذَلِكَ لي
أُنظُر إِذا اِجتَمَعَ السَيفانِ في رَهَجٍ
- إِلى اِختِلافِهِما في الخَلقِ وَالعَمَلِ
هَذا المُعَدُّ لِرَيبِ الدَهرِ مُنصَلِتاً
- أَعَدَّ هَذا لِرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ
فَالعُربُ مِنهُ مَعَ الكُدرِيِّ طائِرَةٌ
- وَالرومُ طائِرَةٌ مِنهُ مَعَ الحَجَلِ
قصيدة لا خيل عندك تهديها ولا مال
لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ
- فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ
وَاِجزِ الأَميرَ الَّذي نُعماهُ فاجِئَةٌ
- بِغَيرِ قَولِ وَنُعمى الناسِ أَقوالُ
فَرُبَّما جَزِيَ الإِحسانَ مولِيَهُ
- خَريدَةٌ مِن عَذارى الحَيِّ مِكسالُ
وَإِن تَكُن مُحكَماتُ الشُكلِ تَمنَعُني
- ظُهورَ جَريٍ فَلي فيهِنَّ تَصهالُ
وَما شَكَرتُ لِأَنَّ المالَ فَرَّحَني
- سِيّانَ عِندِيَ إِكثارٌ وَإِقلالُ
لَكِن رَأَيتُ قَبيحاً أَن يُجادَلَنا
- وَأَنَّنا بِقَضاءِ الحَقِّ بُخّالُ
فَكُنتُ مَنبِتَ رَوضِ الحُزنِ باكَرَهُ
- غَيثٌ بِغَيرِ سِباخِ الأَرضِ هَطّالُ
غَيثٌ يُبَيِّنُ لِلنُظّارِ مَوقِعُهُ
- أَنَّ الغُيوثَ بِما تَأتيهِ جُهّالُ
لا يُدرِكُ المَجدَ إِلّا سَيِّدٌ فَطِنٌ
- لِما يَشُقُّ عَلى الساداتِ فَعّالُ
لا وارِثٌ جَهِلَت يُمناهُ ما وَهَبَت
- وَلا كَسوبٌ بِغَيرِ السَيفِ سَئالُ
قالَ الزَمانُ لَهُ قَولاً فَأَفهَمَهُ
- إِنَّ الزَمانَ عَلى الإِمساكِ عَذّالُ
تَدري القَناةُ إِذا اِهتَزَّت بِراحَتِهِ
- أَنَّ الشَقِيَّ بِها خَيلٌ وَأَبطالُ
كَفاتِكٍ وَدُخولُ الكافِ مَنقَصَةٌ
- كَالشَمسِ قُلتُ وَما لِلشَمسِ أَمثالُ
القائِدِ الأُسدَ غَذَّتها بَراثِنُهُ
- بِمِثلِها مِن عِداهُ وَهيَ أَشبالُ
القاتِلِ السَيفَ في جِسمِ القَتيلِ بِهِ
- وَلِلسُيوفِ كَما لِلناسِ آجالُ
تُغيرُ عَنهُ عَلى الغاراتِ هَيبَتُهُ
- وَمالُهُ بِأَقاصي الأَرضِ أَهمالُ
لَهُ مِنَ الوَحشِ ما اِختارَت أَسِنَّتُهُ
- عَيرٌ وَهَيقٌ وَخَنساءٌ وَذَيّالُ
تُمسي الضُيوفُ مُشَهّاةً بِعَقوَتِهِ
- كَأَنَّ أَوقاتَها في الطيبِ آصالُ
لَوِ اِشتَهَت لَحمَ قاريها لَبادَرَها
- خَرادِلٌ مِنهُ في الشيزى وَأَوصالُ
لا يَعرِفُ الرُزءَ في مالٍ وَلا وَلَدٍ
- إِلّا إِذا حَفَزَ الأَضيافَ تَرحالُ
يُروي صَدى الأَرضِ مِن فَضلاتِ ما شَرِبوا
- مَحضُ اللِقاحِ وَصافي اللَونِ سَلسالُ
تَقري صَوارِمُهُ الساعاتِ عَبطَ دَمٍ
- كَأَنَّما الساعُ نُزّالٌ وَقُفّالُ
تَجري النُفوسُ حَوالَيهِ مُخَلَّطَةً
- مِنها عُداةٌ وَأَغنامٌ وَآبالُ
لا يَحرِمُ البُعدُ أَهلَ البُعدِ نائِلَهُ
- وَغَيرُ عاجِزَةٍ عَنهُ الأُطَيفالُ
أَمضى الفَريقَينِ في أَقرانِهِ ظُبَةً
- وَالبيضُ هادِيَةً وَالسُمرُ ضُلّالُ
يُريكَ مَخبَرُهُ أَضعافَ مَنظَرِهِ
- بَينَ الرِجالِ وَفيها الماءُ وَالآلُ
وَقَد يُلَقِّبُهُ المَجنونَ حاسِدُهُ
- إِذا اِختَلَطنَ وَبَعضُ العَقلِ عُقّالُ
يَرمي بِها الجَيشَ لا بُدٌّ لَهُ وَلَها
- مِن شَقِّهِ وَلَوَ أَنَّ الجَيشَ أَجبالُ
إِذا العِدى نَشِبَت فيهِم مَخالِبُهُ
- لَم يَجتَمِع لَهُمُ حِلمٌ وَرِئبالُ
يَروعُهُم مِنهُ دَهرٌ صَرفُهُ أَبَداً
- مُجاهِرٌ وَصُروفُ الدَهرِ تَغتالُ
أَنالَهُ الشَرَفَ الأَعلى تَقَدُّمُهُ
- فَما الَّذي بِتَوَقّي ما أَتى نالوا
إِذا المُلوكُ تَحَلَّت كانَ حِليَتَهُ
- مُهَنَّدٌ وَأَضَمُّ الكَعبِ عَسّالُ
أَبو شُجاعٍ أَبو الشُجعانِ قاطِبَةً
- هَولٌ نَمَتهُ مِنَ الهَيجاءِ أَهوالُ
تَمَلَّكَ الحَمدَ حَتّى ما لِمُفتَخِرٍ
- في الحَمدِ حاءٌ وَلا ميمٌ وَلا دالُ
عَلَيهِ مِنهُ سَرابيلٌ مُضاعَفَةٌ
- وَقَد كَفاهُ مِنَ الماذِيِّ سِربالُ
وَكَيفَ أَستُرُ ما أولَيتَ مِن حَسَنٍ
- وَقَد غَمَرتَ نَوالاً أَيُّها النالُ
لَطَّفتَ رَأيَكَ في بِرّي وَتَكرِمَتي
- إِنَّ الكَريمَ عَلى العَلياءِ يَحتالُ
حَتّى غَدَوتَ وَلِلأَخبارِ تَجوالُ
- وَلِلكَواكِبِ في كَفَّيكَ آمالُ
وَقَد أَطالَ ثَنائي طولُ لابِسِهِ
- إِنَّ الثَناءَ عَلى التِنبالِ تِنبالُ
إِن كُنتَ تَكبُرُ أَن تَختالَ في بَشَرٍ
- فَإِنَّ قَدرَكَ في الأَقدارِ يَختالُ
كَأَنَّ نَفسَكَ لا تَرضاكَ صاحِبَها
- إِلّا وَأَنتَ عَلى المِفضالِ مِفضالُ
وَلا تَعُدُّكَ صَوّاناً لِمُهجَتِها
- إِلّا وَأَنتَ لَها في الرَوعِ بَذّالُ
لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ
- الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ
وَإِنَّما يَبلُغُ الإِنسانُ طاقَتُهُ
- ما كُلُّ ماشِيَةٍ بِالرَحلِ شِملالُ
إِنّا لَفي زَمَنٍ تَركُ القَبيحِ بِهِ
- مِن أَكثَرِ الناسِ إِحسانٌ وَإِجمالُ
ذِكرُ الفَتى عُمرُهُ الثاني وَحاجَتُهُ
- ما قاتَهُ وَفُضولُ العَيشِ أَشغالُ
قصيدة على قدر أهل العزم تأتي العزائم
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
- وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
- وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ
- وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ
- وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ
- نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ
- وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها
- وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ
- فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا
- وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَت
- وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ
طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها
- عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ
تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ
- وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ
أبيات شعر متفرّقة من حكم المُتنبّي
- أبداً تسترد ما تهب الدنيا
- فيا ليت جودها كان بخلاً.
- وكُلُّ امرِىءٍ يُولي الجَمِيلَ مُحببٌ
- وكُل مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيبُ.
- قد كان يمنعني الحياء من البكا
- فاليوم يمنعه البكا أن يمنعا.
- إذا أتتك مذمتي من ناقص
- فهي الشهادة لي بأني كامل.
- يا من يَعُزّ علينا أن نفارقهم
- وجداننا كل شيء بعدكم عدمُ.
- أمّا الأحِبّةُ فالبَيداءُ دونَهُمُ
- فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ.
- فلم أرى بدراً ضاحكاً قبل وجهها
- ولم ترَ قبلي ميتاً يتكلمُ.
- ولم أرى في عُيوبِ الناس شَيئاً
- كنَقصِ القادِرِينَ على التَّمامِ.
- إذا كانتِ النُفوسُ كِباراً
- تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ.
- وَلمّا صَارَ وُدّ النّاسِ خِبّاً
- جَزَيْتُ على ابتسامٍ بابْتِسَام.
- وما يوجع الحرمان من كفِ حارمٍ
- كما يوجع الحرمان من كف رازقِ.
- كلما رقّعت منه جانباً
- خرقته الريح وهناً فانخرق.
- صَغُـرْتَ عَـنِ المـديحِ فقُلْـتَ أُهجَـى
- كــأَنَّكَ مـا صَغُـرْتَ عَـنِ الهِجـاءِ.
- لو أن الحياةَ تَبْقَى لحيٍ لعدَدنا أضَلَّنا الشُّجعانا
- وإِذا لم يكنْ من الموتِ بدٌ فمن العجزِ أن تموتَ جبانا
- وإذا لم يكن من الموت بِدّ
- فمن العجز أن تموت جباناً.
- من يهن يسهل الهوان عليه
- ما لجرح بميت إيلام.
- ولا تطمعنْ من حاسدٍ في مودةٍ
- وإِن كنتَ تبديها له وتنيلُ.
- حين رأيت الجهل بين الناس متفشياً
- تجاهلتُ حتى ظن أني جاهلُ.
- عدوُّك من صديقِكَ مستفادٌ
- فلا تستكثرَنَّ من الصحاب.
- ولَستُ أُبالي بَعْدَ إِدراكِيَ العُلَى
- أَكانَ تُراثاً ما تَناوَلتُ أم كَسْباً.
- النوم بعد أبي شجاع نافر
- والليل معي والكواكب ظلع.
- قّيَّدْتُ نفسي في ذراك محبةً
- ومن وجدَ الإِحسانَ قيداً تقيداً.
- نبكي على الدنيا وما من معشر
- جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا.
- لاخيل عندك تهديها ولا مال
- فليسعد المنطق إن لم يسعد الحال.
- إذا كانتِ النُفوسُ كِباراً
- تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ.
- سيل الكآبة موصول بأوردتي
- وأنهر الحزن تجري في شراييني.
- خُذ ما تَراه ودَع شَيئاً سمِعتَ بهِ
- في طَلعة البدرِ ما يُغنِيكَ عن زُحَلِ.
- تمر بك الأبطال كُلمى هزيمة
- ووجهك وضاح وثغرك باسمٌ.
- وللسرِّ مِنّي مَوضِعٌ
- لا يَنالُهُ نَدِيمٌ وَلا يُفضِي إليهِ شَرابُ.
- إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزة
- فَلا تَظننَ أَنَّ الليثَ يَبْتَسم.
- الهجر أقتل لي مما أراقبه
- أنا الغريق فما خوفي من البلل.
- أظْمتنِيَ الدُّنْيا فَلَمّا جئْتُها مُستَسِقياً
- مَطَرَتْ عَـلَيّ مَصائِبـاً.
- لا تَعذُل المُشتاقَ في أَشواقِهِ
- حتّى يَكُونَ حَشاكَ في أَحشائِه.
- فَـالمَوْتُ أَعْذَرُ لي والصَّبْرُ أَجْمَلُ بي
- والبَرُّ أَوْسَعُ والدُّنْيا لِمَنْ غَلَبا.
- أُُصَادِقُ نَفْسَ المَرْءِ قَبْلَ جِسْمِهِ
- وأَعْرِفُهَا فِي فِعْلِهِ وَالتَّكَلُّمِ.
- حُسْنَ الحِضارةِ مَجلُوبٌ بِتَطْرِيٍة
- وفي البِداوةِ حُسْنٌ غَيرُ مَجلُوبِ.
- وفي تَعبٍ مَن يَحسُدُ الشَمسَ نُورَها
- ويَجهَدُ أَنْ يَأتي لَها بِضَرِيبِ.
- وأظلمُ أهلِ الظلمِ من بات حاسداً
- لمن باتَ في نعمائه بتقلبُ.
- وَما الخَيلُ إلّا كالصَديقِ قَلِيلةٌ
- وإن كَثُرَت في عَيْنِ مَن لا يُجرِّبُ.
- إذا غامَرْتَ في شرف مروم
- فلا تقنع بما دون النجوم.
- يهون علينا أن تصاب جسومنا
- وتسلم أغراض لنا وعقول.
- إذا خَفيتُ على الغَبِيِّ
- فَعاذِرٌ أنْ لا تَراني مُقْلَةٌ عَمْياءُ.
- عش عزيزاً أو مت وأنتَ كريم
- بين طعن القنا وخفق البنود.
- قبحاً لوجهكَ يا زمانُ فإِنّه
- وجهُ له من كلِّ قبحٍ برقعُ.
- إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
- وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا.
- إِذا استقبَلَتْ نَفسُ الكَرِيمِ مُصابَها
- بِخُبثٍ ثَنَتْ فإستَدبَرَتْهُ بِطِيبِ.
- أَحلَى الهَوَى ما شكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ
- وفي الهَجْرِ فَهوَ الدَّهْرَ يَرجُو ويتَّقِي.
- وإنْ تكُنْ تَغلِبُ الغَلباءُ عُنصُرَهـا
- فإنَّ في الخَمرِ مَعنًى لَيسَ في العِنَبِ.
- إِذا كنتَ ترضى أن تعيشَ بذلةٍ
- فلا تسعدَّنَّ الحُسامَ اليمانيا
- لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
- رحتى يراق على جوانبه الدم.
- لو أن الحياةَ تَبْقَىْ لحيٍ
- لعدَدنا أضَلَّنا الشُّجعانا
- فرُبَّ كَئِيبٍ لَيسَ تَندَى جُفونُهُ
- ورُبَّ نَدِيِّ الجَفنِ غــيرُ كَئِيبِ.
- قد فارَقَ الناسَ الأَحِبَّـةُ قَبلَنـا
- وأَعيا دواءُ المَوت كُلَّ طَبِيبِ.
- حلاوةُ الدنيا لجاهِلها
- ومرارةُ الدنيا لمن عقَلها.
- كَثِيرُ حَياةِ المَرْءِ مِثْلُ قَلِيلِها
- يَزُولُ وباقي عَيشِهِ مِثْـلُ ذاهِـبِ.
- إذا نلتُ منكَ الود فالمال هَين
- وكُل الَذي فوَقَ التُرابِ ترابُ.
- يرى الجبناءُ أن العجزَ فخرٌ
- وتلكَ خديعةُ الطبعِ اللئيمِ
وكُلُّ شجاعةٍ في المرءِ تُغْنِيْ
- ولا مثلَ الشجاعةِ في الحكيمِ.
- من لم يمت بالسيف مات بغيره
- تعددت الأسباب والموت واحد.
- فما كل من تهواه يهواك قلبه
- ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
- فلا خير في خل يجيء تكلفاً.
- ومن يُنْفِقِ الساعاتِ في جمع مالهِ
- مَخافَةَ فَقْرٍ فالذي فَعَلَ الفَقْرُ.
- لا بقومي شُرّفت بل شُرّفوا بي
- وبنفسي فخرت لا بجدودي.
- وَما أَنا بِالباغي على الحُبّ رِشوةً
- ضَعِيفُ يُبغى عليهِ ثَواب.
- ما الخِلُّ إِلّا مَن أَودُّ بِقَلبِهِ
- وأَرَى بِطَرفٍ لا يَرَى بِسَوائِهِ.
- إذا اعتاد الفتى خوض المنايا
- فأهون ما يمر به الوحول.
- تريدين لقيان المعالي رخيصة
- لا بُدَّ دون الشهد من إبر النحل.
- وَعادَ في طَلَبِ المَتْروكِ تارِكُهُ
- إنَّا لَنَغفُلُ والأيَّامُ في الطَلَبِ.
- لقد أباحَكَ غشاً في معاملة
- من كنتَ منه بغيرِ الصدق تنتفعُ.
- وأني من قوم كأن نفوسهم
- بها أنف أن تسكن اللحم والعظما.
- لا تَعذُل المُشتاقَ في أَشواقِهِ
حتّى يَكُونَ حَشاكَ في أَحشائِه.
- وما التأنيث لاسم الشمس عيب
- ولا التذكير فخراً للهلال.
- ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
- وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ.
- تصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ
- عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ
وَلمَنْ يُغالِطُ في الحَقائِقِ نفسَهُ
- وَيَسومُها طَلَبَ المُحالِ فتطمَعُ.
- ما كل ما يتمناه المرء يدركه
- تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .
- دونَ الحلاوة في الزمانِ مرارةٌ
- لا تُختطى إِلّا على أهوالهِ.
- لا خير في خل يخون خليله
- ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشاً قد تقادم عهده
- ويظهر سراً كان بالأمس في خفا.
- رُبَّ كئيبٍ ليس تنَدى جفونهُ
- وَربَّ كثيرِ الدمعِ غير كئيبِ.
- أَتعَبُ مَن ناداكَ مَن لا تُجيبُهُ
- وأَغَيظُ مَن عاداكَ مَن لا تُشاكِلُ