حكم تقسيم الميراث بالتساوي
حكم تقسيم الميراث بالتساوي
يختلف حكم تقسيم الميراث باختلافِ عددٍ من القيودِ، وفي هذه الفقرة سيتمُ بيان ذلك:
حكم تقسيم الميراث بالتساوي في حال حياة المورّث
يجوز للمسلمِ تقسيم ماله قبل وفاته، لكنَّ المصطلح الفقهي الذي يُطلق على هذا المال الذي تمَّ توزيعه في حياته هبةً لا ورثةً وتركةً، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهلِ العلمِ.
ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أعْطَيْتَ سَائِرَ ولَدِكَ مِثْلَ هذا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ، قالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ).
وقد تعددت آراء أهل العلمِ في تحديد معنى العدلِ بين الأولاد في الهبةِ ، وبناءً على ذلك فقد تعددت أقوالهم في حكمِ تقسيمِ المالِ بالتساوي في حياةِ المورِّث، وفيما يأتي بيان آرائهم:
- الرأي الأول
إنَّ المرادَ بالتسويةِ بينَ الذّكرِ والأنثى في الهبةِ؛ أن يُعطى الذكرُ مقدارًا مساويًا للأنثى، من غيرِ تفضيلٍ بينهم، وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء، ودليلهم في ذلك هو عموم الأحاديث التي تدل على جوازِ العطيةِ والهبةِ من غيرِ تفريقٍ بين الذكرِ والأنثى.
- الرأي الثاني
إنَّ المراد بالتسويةِ بين الذكرِ والأنثى في العطايا والهباتِ؛ أن يتَّم تقسيمَ الميراثِ بناءً على مقدارِ نصيبِ كلِّ واحدٍ منهم بالميراث، فيكونُ نصيبُ الذكر مثل نصيبِ أُنثيينِ، وهذا هو مذهب الحنابلةِ وقول محمد بن الحسن من الحنفية، وقول مرجوح عند الشافعية؛ وعلَّلوا ذلك بأنَّ الله هو أحكم الحاكمينَ، وهو الذي قسَّم الميراث على هذا النحوِ، وهذا هو التقسيم الواجب اتباعه في الهبات والعطايا.
حكم تقسيم الميراث بالتساوي بعد موت المورّث
الأصل أن يأخذ كلَّ وارثٍ من الورثة الشرعيين من تركةِ المورِّثِ حقَّه الذي حدَّده الشرعُ الحنيفُ له، وبناءً على ذلك فلا يجوزُ تقسيمُ الميراثِ بالتساوي بين الوارثينَ إلَّا إذا تراضى جميعُ الورثةِ على ذلك، فلا بأس حينها بالتساوي، مع مراعاةِ شرطينِ اثنينِ:
- الشرط الأول
أن يكون جميع الورثةِ بالغينَ عاقلينَ راشدينَ، قادرين على استثمار المال بطريقة حسنة، وأن يكونوا جميعهم أهلًا للتصرّفاتِ الماليّة.
- الشرط الثاني
أن يكون ذلك التساوي بالتقسيمِ برضا جميع الورثةِ وأن يكون التراضي حقيقي، من غير إكراهٍ ولا حياءٍ.
ما هي القواعد التي بني عليها نظام الإرث في الإسلام؟
لقد بُنيَ الإرثُ في الإسلامِ على عددٍ من القواعدِ، وفي هذه الفقرة سيتمُّ ذكر هذه القواعد بشيءٍ من التفصيل:
- مراعاة درجة القرابة بين الوارث والمورث
ومعنى ذلك أنَّه كلما كانت صلة المورِّث بالوارثِ أقرب؛ فإنَّ نصيبَ الوارثِ يزداد، بغضِّ النظرِ عن جنسِ الوارث.
- مراعاة التتابع الزمني للأجيال
ومعنى ذلك أنَّ الأجيال الناشئةِ تأخذ نصيبًا أكبر من نصيبِ الأجيالِ السابقةِ والكبيرة؛ والعلّة في ذلك هو زيادة الأعباء والنفقاتِ على تلكَ الأجيالِ الناشئةِ، وحاجتهم لهذا النصيب أشد.
- مراعاة العبء المالي على الوارث
ومعنى ذلك أنَّه كلما زادت الأعباء الماليّة على الوارث، زاد نصيبه من التركةِ، وهذه القاعدة مبنية على قاعدةٍ فقهيةٍ وهي: "إنَّما الغنم بالغرمِ".