حلول العنف
تعريف العنف
يُعدّ العنفُ ظاهرةً مسّت العالم كله، فلا يمكن استثناء دولةٍ باعتبارها خاليةً من العنف، فما تعريفُ العُنفِ وما أنواعه، وما هي الحلول التي يُمكن أن تُخلَّصنا منه ومن ضرره؟
قامت مُنظّمة الصحّة العالميّة (بالإنجليزية: World Health Organization) بتعريف العُنف بأنّه استخدام الفردُ السلطة أو القوّة أو أنّ يُهدّد بهما ذاته قصداً أو عمداً ضدّ أيّ فردٍ آخر، أو عدد من الأفراد، أو مُجتمع بمُجمله، ممّا قد يترتّب على هذا الفِعل ضرر وأذى للناس، أو إصابة نفسية، أو اضطراب في النّمو، أو موت، أو حرمان.
وقد توسّع هذا التّعريف ليضمّ أشكال العُنف النفسيّ والجسديّ كلّها، كما شَمِل المفهوم الإهمال والاستغلال الجنسيّ، والمُعاملة غير الجيدة للأطفال، حيثُ تصبحُ الظاهرة أخطر حين يُصدرُ العنفُ ممّن يرعون الأطفال ويقومون بشؤونهم.
أنواع العنف
يُقسم العُنف إلى عدّة أنواع، وبحسب عدّة معايير، كالآتي:
- وفق نوع الأذى الذي قد يُسببه العُنف يُصنّف إلى أربعة أصناف، هي:
- العنف الجسدي: هو أسلوبٌ سلوكيّ يتلخّص بأن يقوم شخص بضرب شخص آخر ليُصيبه إصابات غير عرضيّة، وتتعدّد أهداف العنف الجسديّ؛ فمثلاً قد يكون بسبب المبالغة في التأديب أو عقابه إذا كان موجّهاً للأطفال. ويُعدّ هذا النوع من العنف من أكثر الأنواع وضوحاً في بيئة المُجتمع الشرقيّ وبخاصّةً الموجّه للأطفال، حيثُ أصبح عُرفاً اجتماعيّاً غير مُستهجن، إذ من الممكن مُشاهدة أشخاص يضربون أبنائهم في أماكن عامّة.
- العنف الجنسي: هو أيُّ ممارسةٍ جنسيّة تحدثُ لطرفٍ دون رضاه وموافقته، وهو عنفٌ حاصلٌ على أساس الجندر أو النّوع الاجتماعيّ، ويُمارَس بالصّورة الأكبر على النِّساء، ولا يقتصر العنفُ الجنسي على الاغتصاب، إنّما يُعدّ الاغتصاب أقصى درجاته، ومن أشكاله التحرّش الجنسي سواءً أكان ذلك جسديّاً أو لفظيّاً، والدعارة القسريّة، والاعتداء الجنسي، والزّواج المُبكّر ، وجرائم الشّرف.
- الإهمال: أكثر الفئات المُعرّضة للإهمال هم الأطفال، ويقسم الإهمال ضدّ الأطفال لعدّة أنواع، هي الإهمال العاطفيّ، والإهمال الجسديّ، والإهمال الطبيّ، والإهمال الفكريّ، والإهمال التعليميّ والتربويّ. يُعتبر الإهمالُ سبباً أساسيّاً من أسباب الوفيّات في فئة الأطفال، كما تُعدّ الفتيات والأطفال ذوي الإحتياجات الخاصّة من أكثر الفئات التي تتعرّض للإهمال.
- الحرمان.
- وفق العلاقة بين الجاني والضّحية:
- العُنف المُباشر والموّجه للذات: ويحدُث هذه النوع من العُنف حينما يكون الشّخص نفسه هو الجاني والضّحية، ويُقسم إلى قسمين: الانتحار ، وإيذاء النفس.
- العُنف بن الأفراد: ويحدُث هذه النوع من العُنف حين تتوسّع الدائرة لتصل إلى العُنف بين الأفراد، وتُقسم إلى 3 أنواع، هي العُنف الأسريّ، والعنف المُجتمعيّ، وعُنف الشَّريك. يشمل العُنف الأسريّ العنف ضد الأطفال ، ويشمل العُنف المُجتمعيّ العنف المُوجّه للغرباء، والعنف بين الشّباب، والعُنف في المُؤسّسات وأماكن العمل، والعُنف المُتعلِّق بجرائم المُمتلكات.
- العُنف الجماعيّ: ويحدُث هذه النوع من العُنف على نطاقٍ أوسع لتشمل مجموعات من الأفراد، ومن المُمكن تقسيمه إلى 3 أنواع، هي: العنف الاجتماعيّ، والسياسيّ، والاقتصادي.
حلول العنف
إنّ لظاهرة العُنف حلولاً عديدةً تختلفُ باختلافِ نوعِ العُنف، ومن هذه الحلول:
حلول العنف الأسريّ
من الحلول التي تتعلّق بالعُنف الأسريّ ما يأتي:
- دعوة الأسرة بجميع أفرادها للتّراحم فيما بينهم، وحثّهم على تقوية ترابطهم وفقَ ما شجّع عليه الإسلام، حيثُ نصّت تعاليم الدين الإسلاميّ على تعاون المسلمين فيما بينهم ليكونوا بُنياناً واحداً وهم لا يعرفون بعضهم، فكيفَ بتعاون وترابط الإخوة!
- بناء دور الرعاية والإصلاح لمن عانوا من العنف الأسريّ، ومُحاولة تعويض الضّحايا عمّا لاقوه وعمّا افتقدوه في بيئة أُسرهم، وإصلاحهم ليُصبحوا مواطنين صالحين.
- سنُّ القوانين الرادعة لمن يُمارس العُنف الأسريّ ، والتّشديد في ذلك.
- إعطاء الدُّروس والنّدوات وإقامة المؤتمرات للتأكيد والتّذكير بقيم الإسلام وأخلاقه، والأساليب التي شجّع عليها في معاملة الغير.
- أخذُ الولاية من الأب والأم ممّن لا يُؤدّون واجباتهم بشكلٍ مُلائم للأطفال، ومنحها للكفء والأولى من أقرباء الطِّفل.
- علاجُ أفرادِ الأسرةِ المُصابين بأمراضٍ نفسيّةٍ وعرضهم على المُختصّين.
حلول العنف ضد الأطفال
- مُحاولة تغيير النّظرة السائدة تجاه العنف ضدّ الأطفال التي ترى أنّ الأمر طبيعيّ، وبخاصّةٍ قبول العنف الجسدي، وذلك عبر وضع البرامج التثقيفيّة للوالدين والمُعلّمين والمُربّين لتوعيتهم بهذا الأمر، وتعليمهم الأسس الصحيحة للتربية وأشكال التّأديب غير المُؤذية.
- عقد الدّورات لتدريب وتأهيل الوالدين لرعاية الطفل وتربيته دون عنف.
- مُحاولة الحصول على المعلومات الخاصّة بالعنف ضدّ الأطفال، وتوظيفها لنشر الوعي وتغيير نظرة المجتمع نحو القضيّة، وحثّ الناس على اتّخاذ ممارسات من شأنها الحدّ من ذلك العنف.
- تشجيع الأطفال المُعنَّفين والمراهقين الذين تعرّضوا لظروف ومخاطر قاسية على إكمال تعليمهم ومساعدتهم في ذلك.
- إيجاد أشخاص مُهتمّين بهذه القضية ويعملون لأجلها؛ بهدف إنشاء شبكةٍ من المُهتميّن لتشكيل صوتٍ أكبر للمناداة بحقوق الطفل ، وتعريف المجتمع بالعنف وأسبابه.
- الإبلاغ عن أيّة حالات تعرّضت للعنف، ممّا يُتيح لصانعي السياسات والقادة رؤية حجم المشكلة وفهمها، ممّا يُعزّز التحّرك الإيجابيّ نحو هذه القضية.
- محاولة الوصول لصانعي القرار والتأثير عليهم وتفعيل القوانين المُتعلّقة بالعنف والحدّ منه، ونقلها من حيّز الكتابة إلى حيّز التنفيذ.
حلول العنف ضد المرأة
يكمنُ علاج مشكلة العنف ضدّ المرأة ضمن شقّين رئيسيّن:
- الشقُّ الأول: يرتبط بالتربية والتنشئة التي تقع على عاتق الأسرة في تعليم الطّفل القيم والمبادئ التي يحترم فيها المرأة، ويُقدِّرها، وإبعاده عن العنف والضّرب، ومنع ممارسته عليهم؛ حتّى لا يُؤثّر عليهم في المُستقبل.
- الشقُّ الثاني: بعد حدوث المشكلة وتفاقمها، لا بُدّ من اتّخاذ إجراءات وحلول، منها:
- التّشديد في تطبيق القوانين المُتعلّقة بجزاء المُمارِسين للعنف ضد المرأة، وصون المرأة وحفظها من أن يُمارَس عليها عُنف المجتمع والأقارب.
- عرضُ ضحايا العُنف التي تعرّضت لمراحل مُتقدّمة من العنف على العلاج النفّسي لمنع تفاقم الحالة.
- السعي لتوعية المُجتمع إعلاميّاً حولَ قيمة المرأة في المُجتمع وأهميّتها، وأنّه من غير المسموح أن يُمارَس عليها أفعال جائرة من العنف بصفتها إنساناً لها ما للرجل من حقوق، وعليها ما عليه من واجبات، وبيان نظرة الأديان للمرأة واحترامهم وتقديرهم لها.
- نشر الوعي بين النّساء لفهم حقوقهنّ، والسّعي لنشر ثقافة التعليم كي تصبح مُثقّفةً وصاحبة استقلال ماديّ وفكريّ.
- فرض القوانين الحاثّة على تعليم المرأة، وعقاب من يحرمها منه.