حكم الصلاة والكتف مكشوف
ما حكم الصلاة والكتف مكشوف؟
إنّ للصلاة أحكاماً وشروطاً عديدة، ومن شروطها ستر العورة، وعورة الرجل تختلف عن عورة المرأة في الصلاة، ولهذا فقد يتساءل البعض عن حكم صلاة الرجل إذا كان كتفه مكشوفًا، وعن حكم صلاة المرأة إذا انكشف شيء من كتفها أثناء الصلاة، وفيما يأتي الإجابة على هذين السؤالين:
للرجل
تعدّدت أقوال أهل العلم بالنسبة لحكم صلاة الرجل وكتفه مكشوف، فذهب جمهور أهل العلم من السلف والخلف وهم الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة إلى صحة صلاة الرجل وكتفه مكشوف مع الكراهة، وذهب آخرون وهم الحنابلة ومن وافقهم إلى بطلان صلاة الرجل وكتفه مكشوف، وفي رواية عن الإمام أحمد أنّه خصّ وجوب ستر الكتف في الصلاة في صلاة الفرض دون النفل.
كما نُقل أيضًا عن الإمام أحمد أنّ ستر الكتف في الصلاة مستحب وليس بواجب، وهذا قول الجمهور كما تقدّم، ودليلهم على ذلك ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- فقال: (قَامَ رَجُلٌ إلى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ في الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: أوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ)، فرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يُبيّن مشروعية الصلاة في ثوابٍ واحد.
والمقصود بالثوب الواحد هنا هو الإزار الذي يُغطّي به الرجل المنطقة الواقعة ما بين السرة والركبة، كمّا دلّت الآثار على أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه صلّوا في ثوبٍ واحد، وأرشد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن يُصلّي بالثوب الواحد ويجعله إزارًا، وألّا يقوم بشدّه على جسده كلّه إن لم يجد غيره.
أمّا بالنسبة لدليل القائلين بوجوب ستر الكتف في الصلاة وبطلان صلاة الرجل إذا صلّى وكتفه مكشوفاً؛ وهو مذهب الحنابلة وابن حزم، واختاره الشوكاني، وابن باز، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَا يُصَلِّي أحَدُكُمْ في الثَّوْبِ الوَاحِدِ ليسَ علَى عَاتِقَيْهِ شيءٌ)، ووجه الدلالة من هذا الحديث أنّ أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بستر العاتق وهو الكتف في الصلاة دليلٌ على فساد الصلاة إذا كان الكتف مكشوفًا.
للمرأة
إنّ الكتف ولا شك من العورة الواجب سترها في الصلاة بالنسبة للمرأة، وانكشاف العورة مهما كان يسيرًا وكانت المنطقة الظاهرة صغيرة هو من الأمور التي تُبطل الصلاة وتقتضي بطلانها إلّا إذا تمّ تغطية الجزء المكشوف فورًا، وهذا الحكم وفقًا لما هو مقرّر في المذهب الشافعي.
وذهب فقهاء الحنابلة ومن وافقهم إلى القول بأنّ انكشاف جزءٍ يسير من العورة لا يُبطل الصلاة وإن طال زمن هذا الانكشاف والظهور، أمّا إذا كان الذي ظهر هو جزء كبير فالمعتبر حينها هو الوقت الذي ظهر خلاله وتمّ ستره فيها أم لا، فإن كان زمنًا يسيرًا وبادر المصلّي إلى تغطيته فصلاته صحيحة، أمّا إذا طال الزمن فتبطل الصلاة وتجب الإعادة، والله -تعالى- أعلم.
ما هي العورة التي لا يجوز انكشافها في الصلاة؟
حدّدت الشريعة الإسلامية حدود العورة الواجب سترها في الصلاة لكل من الرجل والمرأة، وفيما يأتي بيانها:
للرجل
إنّ عورة الرجل الواجب سترها في الصلاة هي ما بين السرة الركبة، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعية على الصحيح والحنابلة، وبه قال أكثر الفقهاء، ومن أدلّتهم على هذا:
- عن المسور بن مخرمة -رضي الله عنه- قال: أقبلت بحجرٍ أحمله ثقيل، وعليّ إزار خفيف، قال: فانحلّ إزاري ومعي الحجر لم أستطع أن أضعه حتى بلغت به إلى موضعه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ارْجِعْ إلى ثَوْبِكَ فَخُذْهُ، ولَا تَمْشُوا عُرَاةً).
- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لما رآه مشتملًا بثوبه: (فإنْ كانَ واسِعًا فَالْتَحِفْ به، وإنْ كانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بهِ).
للمرأة
إنّ عورة المرأة في الصلاة هي جميع بدنها ما عدا الوجه والكفيّن، وهذا هو مذهب المالكية والشافعية وبه قال أكثر أهل العلم واختاره ابن حزم وابن باز ونُقل الإجماع على ذلك، فعن عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: (لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ).
شروط الثوب الساتر في الصلاة
إنّ للثياب التي يصحّ الصلاة فيها شروط لا بدّ من توافرها، وفيما يأتي بيان لهذه الشروط بالنسبة للباس الرجل والمرأة:
للرجل
ينبغي أن تتوفّر في ثياب الرجل التي يريد أن يصلّي بها ثلاثة شروط، وهي:
- أن لا يصف البشرة: فإن وَصَفها وظهر ما تحت الثياب ولون الجلد فالصلاة لا تصح بهذا الثوب.
- أن يكون طاهرًا: لا تصحّ الصلاة في الثوب النجس، فطهارة الثوب من شروط صحة الصلاة.
- أن يكون الثوب مباحًا: وهذا الشرط معتبر عند الحنابلة، ومن أمثلة الثياب غير المباحة بالنسبة للرجل الثياب المصنوعة من الحرير، والثياب الطويلة التي بها إسبال، أو المحتوية على صورة وما شابه ذلك.
للمرأة
إنّ شروط لباس المرأة في الصلاة هي ذاتها شروط لباس الرجل؛ وهذا بالمعنى العام، فلا بدّ أن يكون ثوبها ساترًا للعورة المطلوب من المرأة سترها في الصلاة، بالإضافة إلى وجوب توفّر الشروط الآتية فيه:
- أن يكون الثوب طاهرًا.
- أن يكون الثوب كثيفًا وليس خفيفًا رقيقًا يُبيّن لون بشرتها، ولا يصف ما هو تحتها، فالصلاة في ثوب يحمل هذه الصفة تُعدّ باطلة ويجب إعادتها؛ لأنّ الستر المطلوب لم يحصل من خلال هذا الثوب.
ملخص المقال: بيّن المقال الآراء في حكم انكشاف الكتف في الصلاة للمرأة والرجل، وأن عورة الرجل في الصلاة ما بين السرة والركبة، أما المرأة فجميع جسدها عورة في الصلاة سوى الوجه والكفين.