حكم إتيان الزوجة من الدبر
ما حكم إتيان الزوجة من الدبر؟
إنّ إتيان الزوج لزوجته من دبرها؛ أي من موضع خروج الغائط، أمرٌ محرّم، كما أنّه يعدّ كبيرةً من كبائر الذنوب، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ملعونٌ مَنْ أَتَى امرأةً في دُبُرِها)، فالرسول لعن الزوج الذي يأتي زوجته من دبرها، وورد في روايةٍ أخرى أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن أتى حائضًا أو إمرأة في دُبرِها، أو كاهنًا: فقد كفرَ بما أنزلَ علىّ محمَّدٍ).
وقد يكون قيام الزوجين بذلك الفعل رغبةً من الزوج به، أو قد يكون دون رضا الزوجة ورغماً عنها، وقد يصل الأمر بالزوج إلى أن يهدد زوجته بالطلاق إن لم تطعه فيما يريد، أو يقوم الزوج بإقناع زوجته بإباحة ذلك الأمر مع حياء الزوجة من سؤال العلماء عن الحكم الشرعي الخاص بذلك، حيث بيّن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ للزوج أن يأتي زوجته من الأمام ومن الخلف من موضع خروج الولد.
ومن الجدير بالذكر أنّ الدبر لا يعد مكان خروج الولد، وإنّما هو مكان خروج الغائط، والسبب في إتيان الزوجة من الدبر يعود إلى بعض المشاهد التي تعرض في الأفلام الإباحية المحرّمة، وحكم التحريم له عدة حِكم؛ منها: المحافظة على النسل، أداء حقّ الزوجة بإتيانها من حيث أمر الله تعالى، كما أنّ موضع الدبر لم يُجعل لذلك الفعل.
إضافةً إلى أنّ الإتيان من الدبر لا يحقّق المقصد ولا يدخل إليه جميع ماء الرجل المحتقن كما يكون في الفرج، مع الحاجة إلى القيام بحركاتٍ صعبةٍ جداً مخالفةٍ للطبيعة البشريّة، مع حاجة الرجل إلى استقبال موضع القذارة والقبح بوجهه، وإنّ في ذلك إزالةً لنعم الله تعالى، وجلباً للنقم، مع انعدام الحياء عند الفاعلين له.
يحرم على الزوج إتيان زوجته من دبرها، ومن يفعل ذلك يكون مخالفاً لأوامر الشريعة الإسلامية، ومخالفاً للفطرة البشرية السوية.
حكم إتيان الزوجة من الدبر دون الإيلاج
لقد أباح الله -عزَّ وجلَّ- للرجلِ بالاستمتاع بزوجته في أيِّ موضعٍ شاء، باستثناء باطن الدبر، حيث قال الله -تعالى-: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
وبناءً على ذلك فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز استمتاع الزوجِ بظاهر دبر امرأتهِ ولو بغيرِ حائلٍ، شريطةَ أن لا يتمَّ إيلاج العضوِ الذكريِّ في الدبر؛ إذ إنَّهم عدُّوا ظاهر الدبر كسائر الجسد.
يجوز للرجل إتيان الزوجة من دبرها دون الإيلاج؛ إذ إن ظاهر الدبر كسائر الجسد.
حكم إتيان الزوجة من الدبر دون تعمد
لا إثمَ على من جامع زوجته من الدبرِ إذا كان هذا الجماع قد حصل من غير تعمدٍ منه، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ، و النسيانَ، و ما اسْتُكرِهوا عليه).
لا إثم على مرتكب المعصية دون تعمد، وبناءً على ذلك فلا إثم على من وطء زوجته في دبرها دون تعمد.
حكم إتيان الزوجة من الدبر دون إنزال
إنَّ الأحاديث النبويةِ الواردةِ في شأنِ حرمة وطء الزوجةِ من الدبرِ لم تفرق بين الإنزالِ فيه من عدم الإنزال، وبناءً على ذلك فإنَّه يحرم على الزوجِ إتيانَ زوجته من دبرها مطلقًا؛ سواء أحصلَ إنزال للمنيِّ أم لم يحصل.
حكم إتيان الزوجة من الدبر محرم؛ سواء أرافق ذلك إنزال أم لم يرافقه.
حكم إتيان الزوجة من الدبر مع استعمال الواقي الذكري
إنَّ الأحاديث النبوية التي جاءت بالنهي عن جماع الزوجةِ من الدبرِ لم تفرق بين الإيلاج بوجودِ حائلٍ مثل الواقي الذكري أو عدم وجودِ حائل، فالحكمُ يشملُ الإيلاجَ بشكلٍ عام، وبناءً على ذلك فإنَّه يحرم على الزوجِ إتيانَ زوجته من دبرها سواء أتمَّ استخدام الواقي الذكري أم لم يستخدمه؛ إذ إنَّ العلة من تحريم الجماع في الدبر لا تقتصر على كونِ الدبرِ محلَّ قاذورات، بل هناك علل أخرى لا يعلمها إلَّا الله.
يحرم على الزوج إتيان الزوجة من دبرها؛ سواء أكان ذلك باستعمال حائل كالواقي الذكري أم بدون حائل.
حقوق الزوجة على زوجها
جعل الله تعالى الحياة الزوجيّة قائمةً على المودة والرحمة والسكينة وميل كلّ طرفٍ للآخر، حيث قال تعالى في القرآن الكريم: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، ولتحقيق المودة والرحمة والحياة الهانئة، لا بدّ من تطبيق المبادئ والحدود التي تضمن ذلك، ومن ذلك قيام كلّ طرفٍ بواجباته تجاه الطرف الآخر، وفيما يأتي بيانٌ لبعض حقوق الزوجة على زوجها:
- حسن عشرة الزوجة ومعاملتها بالمعروف: حيث قال الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، ويتمثل ذلك بإكرام الزوج لزوجته ومعاشرتها بالمعروف، وبناءً على ذلك تزيد الألفة والمحبّة بين الزوجين، وتتآلف قلوبهما، مع أداء حقوق الزوجة، وعدم ظلمها، والإحسان إليها والرفق بها، حيث دلّ على ذلك حديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عندما قال: (خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلي وإذا مات صاحبُكم فدَعُوه).
- تعليم الزوجة الأمور التي تتعلق بالدين: مع حثها وترغيبها على طاعة الله، وذلك بأسلوب النصح والتأديب.
- العدل بين الزوجات: وذلك في حال تعدّدهن، وفي حالة عدم قدرة الزوج على العدل بين زوجاته عليه الاكتفاء بزوجة واحدة، والعدل القلبي غير مطلوبٍ؛ لأنّه لا يقدر عليه، ولكنّ العدل المطلوب ما يكون في الأمور المقدور عليها، مثل: المبيت والنفقة وغير ذلك من الأمور المستطاعة.
- تجاهل بعض الأخطاء: والتي لا يكون فيها اعتداء على شرع الله تعالى، من خلال الموازنة بين الحسنات والسيئات.
- عدم ضرب الزوجة: وإن فعل فلا يكون ذلك على وجهها ولا يقوم بإهانتها، ويجوز ضرب الزوجة إن كانت زوجةً ناشزاً، أو لم تطع زوجها، إلا أن الضرب يجب أن تسبقه الموعظة الحسنة والتذكير بالله تعالى وبرسوله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ يكون الهجر في المضاجع، مع عدم محادثتها، ثمّ يكون الضرب، ويشترط في الضرب أن يكون غير مبرح.
- مجالسة الزوجة والاستماع إلى حديثها: حيث كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يجلس مع أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ويستمع إلى حديثها دون أن يملّ منها أو من حديثها.
- السماح للزوجة بالخروج عند استئذانها من زوجها: ولا يجوز للزوج منعها من الخروج إلا في حالة الخوف عليها، فلا يجوز منع الزوجة من زيارة الأقارب أو من شهود صلاة الجماعة إن أرادت.
ملخص المقال: تمَّ تخصيص هذا المقال للحديث عن أمرٍ خطير، وهو إتيانَ الزوج لزوجته من منطقةِ الدبرِ، وقد تمَّ في هذا المقال بيانُ حكم إتيانِ الزوجةَ من الدبرِعمدًا مع بيان الدليل الشرعيِّ على ذلك، كما تمَّ بيان إيلاج العضو الذكري في دبر الزوجةِ من غير عمد، كما تمَّ بيانُ حكم استمتاع الرجل بزوجته من الدبرِ من غيرٍ الإيلاجٍ، ثمَّ تمَّ بيان حكم إتيانَ الزوج لزوجته من دبرها في حال عدم إنزالِ المنيِّ فيه، كما تمَّ ذكر حكم إتيان الزوجة من الدبرِ في حال استعمالِ الواقي الذكري، وفي ختام هذا المقال تمَّ بيان حقوقِ الزوجةِ على زوجها.