حق الوالدين على الأبناء في السنة النبوية
حق الوالدين في السنة النبوية
كما جاء في القرآن الكريم آيات تأمر ببر الوالدين وطاعتهما بالمعروف، جاء في السنة النبوية أحاديث كثيرة تأمر ببرهما والإحسان إليهما، ومواقف النبي -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مع الصحابة تظهر اهمتمامه بالوالدين وبمشاعرهما.
وتقديم حقوقهما على من سواهم، وقد جعل الله لهما حقوقاً في حياتهما وبعد موتهما، ورتب الأجر والثواب العظيم لهذا الفعل في الدنيا والآخرة، وتحدثت السنة النبوية عن فضل الوالدين ودعواتهما المستجابة.
حق الوالدين على الأبناء في السنة النبوية
بر الوالدين والحذر من عقوقهما
جعل النبي بر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله، وجعل ترتيبها بعد الصلاة دليلاً على أهمية البر، جاء في الحديث النبوي: (سَأَلْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ).
كما وجعل البر سبباً من أسباب دخول الجنة ، وقد خسر من ضيع هذا الباب ولم يستثمره، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ).
وجعل النبي العقوق من الكبائر وأسوء الأعمال، قال النبي -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: (إنَّ أكبَرَ الكبائرِ عندَ اللهِ يومَ القيامةِ الإشراكُ باللهِ، وقتلُ النَّفسِ المؤمنةِ بغيرِ الحقِّ، والفرارُ في سبيلِ اللهِ يومَ الزَّحفِ، وعقوقُ الوالدَيْنِ، ورميُ المُحصَنةِ، وتعلُّمُ السِّحرِ، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليتيمِ).
ومن الكبائر أيضاً التعرض لهما بالشتم أو الإساءة إليهما بالقول أو الفعل، حتى النظرة غير المهذبة حرام، وسواء الإساءة مباشرة، أو بسوء الخلق مع غيرهما وتعريضهما لمواقف سيئة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (مِنَ الكَبائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ والِدَيْهِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وهلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ والِدَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ يَسُبُّ أبا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ) .
تقديم بر الوالدين على الجهاد والهجرة
مواقف النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه تبين تقديم بر الوالدين على ما سواه حتى ولو كان الجهاد، وجعل صحبتهما والصبر عليهما وتوفير طلباتهما جهاد مقدم على جهاد المعارك، وفي الحديث النبوي: (جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- يَسْتَأْذِنُهُ في الجِهَادِ فَقالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَفِيهِما فَجَاهِدْ).
وبين الإذن بالجهاد بصحبة النبي غير مقدم على الجلوس تحت أقدام الوالدين وبرهما ورعايتهما: (أنَّ رجلًا قال: يا رسولَ اللهِ أتأذَنُ لي في الجهادِ؟ قال: (ألكَ والدانِ) قال: نعم قال: اذهَبْ فبَرَّهما، فذهَب وهو يحمِلُ الرِّكابَ).
ومن المواقف النبوية موقفه مع من ترك اليمن -وهي بلد إقامة أبويه- رغبة في نيل شرف الصحبة والهجرة إلى النبي، فشرط النبي على الرجل موافقة أهله، فإذا كانت موافقتهما مشروطة على أمر عظيم ك الهجرة والجهاد، فهي مأمور بها في ما دون ذلك.
وجاء في الحديث النبوي: (أنَّ رجلًا هاجر إلى رسول اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- من اليَمَنِ، فقال: هل لك أحدٌ باليَمَنِ؟ قال: أبواي. قال: أَذِنَا لك؟ قال: لا، قال: ارجِعْ إليهما فاستأذِنْهما، فإنْ أَذِنَا لك فجاهِدْ وإلَّا فبَرَّهما).
حسن صحبتهما والدعاء لهما
أمر النبي بحسن صحبة الوالدين في الدنيا، وقدم حق الأم على الأب لتعبها في الحمل والولادة والرعاية؛ فقد جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، فَقالَ: (مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ).
كما وأمر بطاعتهما بالمعروف، وبرهما بالكبر، واستمرار برهما حتى بعد موتهما بالدعاء لهما، والتصدق عنهما، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له) .
ومن صور حسن الصحبة مع الوالدين:
- حسن الصحبة بالأقوال
كمخاطبة الوالدين بأجمل كلام، بصوت منخفض، وكإلقاء السلام عليهما عند الدخول والخروج، والدعاء لهما وشكرهما على ما يقدمانه.
- حسن الصحبة بالأفعال
كالاستماع لهما، وعدم مقاطعتهما، وعدم الأكل قبلهما أو المشي أمامهما، وملازمتهما عند التعب أو المرض والعمل على خدمتهما، و النفقة عليهما .