حق المساواة في الإسلام
حق المساواة في الإسلام
كان الناس قبل الإسلام يعانون من تقسيم الناس وُفق طبقات بحسب مجموعة من المقاييس، فمثلاً الرومان قاموا بتقسيم الناس إلى أحرار وغير أحرار، ووهبوا الأحرار منهم جميع الحقوق والحريّات، وحرموا غير الأحرار من كل ما هو من حقّهم، أمّا في الجزيرة العربية فقد كان الرِّق هو المظهر السائد في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وذلك نتيجة لما واجهه الناس من الاعتداءات والحروب.
جاء التشريع الإسلامي فيما بعد بقوانينه ومبادئه فأقرَّ المساواة بين الخلق جميعاً، وجعل لهم الحقوق والواجبات نفسها دون النظر إلى شعوبهم وقبائلهم، ولم يجعل الإسلام مقياساً للتفاضل بين الناس سوى التقوى والعمل الصالح.
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللَّهَ قد أذهبَ عنكم عُبِّيَّةَ الجاهليَّةِ وتعاظمَها بآبائِها فالنَّاسُ رجلانِ: برٌّ تقيٌّ كريمٌ على اللَّهِ، وفاجرٌ شقيٌّ هيِّنٌ على اللَّهِ، والنَّاسُ بنو آدمَ، وخلقَ اللَّهُ آدمَ من الترابِ)، ثمّ إن هذه المساواة مُطلقة بجميع المعايير والمقاييس.
المساواة في القرآن والسنة
ظهر مبدأ المساواة في التشريع الإسلامي في العديد من النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة، وقد كانت هذه النصوص المنطلق الذي قام عليه هذا المبدأ العظيم، ومما ذُكر في المساواة من القرآن الكريم ما يأتي:
- قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) .
- قال -تعالى-: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّـهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).
ومما جاء من نصوص السنة النبوية الشريفة ما يأتي:
- قامت امرأة من بني مخزوم ذات يوم بالسرقة، فقاموا أهلها بإرسال أسامة بن زيد -رضي الله عنه- عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشفع لها من إقامة الحدّ .
فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قالَ: إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).
- قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يا أيُّها النَّاسُ، ألَا إنَّ ربَّكم واحِدٌ، وإنَّ أباكم واحِدٌ، ألَا لا فَضْلَ لِعَربيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ، ولا أحمَرَ على أسوَدَ، ولا أسوَدَ على أحمَرَ؛ إلَّا بالتَّقْوى).
مظاهر المساواة في الإسلام
ظهرت المساواة في التشريع الإسلامي من خلال العديد من الصور، منها ما يأتي:
- المساواة بين الرجل والمرأة فيما فرض لله -تعالى- على كلّ منها، والمساواة في الثواب والعقاب لكل منهما.
- المساواة بين الزوجات لمن تزوج بأكثر من امرأة في حقوقهم الزوجية.
- المساواة بين المختلفين في الجنس والعرق من حيث الحقوق الثابتة لكلِّ منهما.
- المساواة بين الأبيناء في الهبة والوصية غيرها.
- المساواة بين الخلق أمام القضاء، وإدلاء كل منهم بحجّته، وعقاب المعتدي أياً كانت مكانته.
- المساواة في حقّ الكرامة الإنسانية .
- المساواة في التعبير عن الرأي للمسلم وغيره.
- المساواة في حق حفظ النفس والمال والعرض.
- المساواة في العقاب حال الاعتداء على حرمات الله.
- المساواة بين المسلمين في حقّ حضور الشعائر الدينية وأماكن العبادة.