حديث عن الوفاء بالعهد
حديث عن وجوب الوفاء بالعهد
جاء الإسلام وأمر بالوفاء بالعهد لما له من أهمية كبيرة وتأثيرًا على حياة الفرد المسلم، وقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن كانَ بينَهُ وبين قَومٍ عهدٌ فلا يَحُلَّنَّ عهدًا، ولا يَشُدَّنَّهُم حتَّى يمضي أمدُه أو يَنبِذَ إليهم على سواءٍ)، فجاء الحديث النبوي يحث المسلمين على حفظ عهودهم ومواثيقهم، والالتزام بها، حتى ولو مع قوم كافرين، ولو كانت معاهدة حرب، فإذا عاهد المسلم يلتزم بالعهد فلا يغدر ولا يخون، وينتهي هذا العهد بحالتين:
- يمضي أمدُه، أي ينتهي وقت العهد طالت المدة أو قصرت.
- يَنْبِذَ إليهم عَلى سَواءٍ، والمقصود إنهاء العهد من الطرفين، فيتفق الطرفان على انتهاء المعاهدة.
حديث عن فضل الوفاء بالعهد
للوفاء بالعهد فضائل عدة؛ فمن أدلتها الثابتة في السنة النبوية قوله: صلى الله عليه وسلم: (أَخْبَرَنِي أبو سُفْيَانَ، أنَّ هِرَقْلَ قَالَ له: سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَزَعَمْتَ: أنَّه أمَرَكُمْ بالصَّلَاةِ، والصِّدْقِ، والعَفَافِ، والوَفَاءِ بالعَهْدِ، وأَدَاءِ الأمَانَةِ، قَالَ: وهذِه صِفَةُ نَبِي)، لقد ذكر الحديث النبوي حوار الصحابي أبو سُفْيَانَ مع هرقل ملك الروم، عن دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما اشتملته من أوامر وما دعت إليه من أخلاق، فذكر منها خمس صفات، وهي:
- الصلاة، وهي علاقة بين العبد وربه.
- الصدق.
- العفاف.
- الوفاء بالعهد.
- أداء الأمانة.
فكان تعليق هرقل أن هذه الصفات صفات نبي مرسل من عند الله، يدعوا للخير بين الناس، وإلى العدل والبعد عن الظلم، وأداء الحقوق، و البعد عن الكذب والنفاق والغدر.
حديث يحذر من عدم الوفاء بالعهد
جاءت السنة النبوية محذرةً من عدم الوفاء بالعهد لما يترتب عليه من صفات مذمومة؛ فقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ)، وفي رواية أخرى، قال: (ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه فهو منافقٌ، وإنْ صام وصلَّى وزعَم أنَّه مسلمٌ: مَن إذا حدَّث كذَب، وإذا وعَد أخلَف، وإذا ائتُمِن خان).
وقد ذكر النبي- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أربع صفات تدل على النفاق، حتى ولو التزم بالعبادات، وهذه الصفات هي:
- الكذب .
- عدم الوفاء بالعهد.
- خيانة الأمانة.
- الفجور في الخصومة.
وفي هذا الحديث تحذير لنا من أن تصف بهذا الصفات المذمومة، فنكون من المنافقين الذين لم يتمكن الإيمان من قلوبهم، فيكذبون ويخونون، ولا يلتزمون بالعهود، وفي حال الخصومة يتجاوز الحد لدرجة الفجور والظلم.
والمؤمن يقول الصدق بكل أحواله، ويبذل كل جهد لأداء الأمانات لأصحابها، ولا يخون دينه ولا بلاده ولا عباد الله، وفي الخصومة يأخذ حقه دون تعد، ولا ينطق بالباطل ولا يفتري الكذب، له بالرسول الصادق الأمين قدوة حسنة.
حديث عن عقوبة عدم الوفاء بالعهد
جاءت السنة بعدة أحاديث عن عقوبة من لم يف بوعده ومن هذا الأحاديث قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الغادِرَ يُنْصَبُ له لِواءٌ يَومَ القِيامَةِ، فيُقالُ: هذِه غَدْرَةُ فُلانِ بنِ فُلانٍ)، جاء في هذا الحديث النبوي تشبيه بليغ، أن المتصف بالغدر وعدم الوفاء الناقض للعهد، سيكون الغدر علامة قبيحة تميزه يوم القيامة أمام الله -سبحانه وتعالى-، وأمام الخلق بأنه الغادر بفلان وفلان.
سواء غدر بالناس أو بولي الأمر أو بمعركة، كأن يحمل اللواء، واللواء الراية التي تحملها الجيوش، فيتميز كل جيش بها عن الآخر، فتخيل أن تلاقى الله وعلامة تميزك الغدر والخيانة؟ هذا موقف خزي وندامة، نسأل الله منه السلامة.
( قالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولم يُعطِه أجرَه).
يظهر في هذا الحديث القدسي حرص الإسلامُ على تَنظيمِ المُعاملاتِ بيْن النَّاسِ؛ دون أكل الحقوق، بالعدل لا بالظلم.
وبين أن الله -سبحانه وتعالى- قد توعد ثلاثة أصناف من الناس بالعقوبة والخصومة، لارتكابهم كبيرة من الكبائر ، وهم:
- رجُلٌ عاهد وأقسم بالله ثم غدر ونقض الميثاق، فالله شاهد على غدره، وفي هذا جُرأةَ على الإيمان باطلةِ.
- رَجلٌ باع مسلم حراً وهو يعلم أنه حر، على أنه عبد مملوك، فقد ظلم نفسه واستعبده، ولم يراع ذمته وحريته وأنه متساوٍ معه، وبيع العبيد كان بالجاهلية، ثم جاء الإسلام وأمر بتحريرهم.
- رجل تعامل مع إنسان ذي عمل ومهنة لإنجاز مهمة معينة، وبعد انتهاء العمل أكل حقه ولم يدفع له أجره، مع أن هذا العامل أعطاه الثقة، وجعل الأجر والثمن مؤجلاً لا معجلًا، فهذا أكل مال حرام ؛ وأكْلِ أُجرةِ الأجيرِ كبيرة من الكبائر، ونقض للعهد.