حديث الرسول عن لباس المرأة
حديث لباس المرأة أمام غير المحارم
فرض الله -تعالى- اللباس الساتر على المرأة إذا بلغت، ومن الأحاديث التي تدلّ على ذلك ما أخرجه البخاري عن صفية بنت شيبة: (أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: (وَلْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ علَى جُيُوبِهِنَّ)؛ [النور: 31] أخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِن قِبَلِ الحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بهَا).
وعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (أنَّ أسماءَ بنتَ أبِي بكرٍ دخلَتْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وعليها ثيابٌ رِقاقٌ، فأعرض عنها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وقال: يا أسماءُ إنَّ المرأةَ إذا بلغت المَحيضَ، لم يصلُحْ أن يُرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وَجهِه وكفَّيه)، وهذا يدلّ على وجوب الستر وعدم جواز كشف سوى ذلك أمام غير المحارم من الرجال.
حديث لباس المرأة أمام المحارم
يجوز للمرأة أن تكشف مواضع الوضوء أمام محارمها، استشهاداً بحديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أنَّ أفْلَحَ أخَا أبِي القُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، وهو عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أنْ نَزَلَ الحِجَابُ، فأبَيْتُ أنْ آذَنَ له، فَلَمَّا جَاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخْبَرْتُهُ بالَّذِي صَنَعْتُ فأمَرَنِي أنْ آذَنَ له).
والأعمام والأخوال من المحارم، وللتوضيح فقد ورد ذكر محارم النساء الآخرين في القرآن الكريم في قول الله -تعالى-: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ).
وقد بيّن ابن عباس -رضي الله عنهما- زينة المرأة التي يجوز إظهارها أمام المحارم، فقال: "(وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)"، وَالزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ الْوَجْهُ وَكُحْلُ الْعَيْنِ، وَخِضَابُ الْكَفِّ وَالْخَاتَمُ، فَهَذَا تُظْهِرُهُ فِي بَيْتِهَا لِمَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا".
ثُمَّ قَالَ: "(وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ)، وَالزِّينَةُ الَّتِي تُبْدِيهَا لِهَؤُلَاءِ النَّاسِ قُرْطَاهَا وَقِلَادَتُهَا وَسِوَارَاهَا، فَأَمَّا خَلْخَالَهَا وَمُعْضَدَتُهَا، وَنَحْرُهَا، وَشَعْرُهَا فَلَا تُبْدِيهِ إِلَّا لِزَوْجِهَا".
حديث لباس النساء المتشبهات بالرجال
- عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (لعنَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- الرَّجلَ يلبَسُ لُبسَةَ المرأةِ والمرأةَ تلبسُ لُبسَةَ الرَّجُلِ).
حديث عن عقوبة التبرج
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا).
لباس المرأة أمام النساء
لا يجوز للمرأة أن تُظهر أمام النساء ما بين السرّة والركبة، فتستر بدنها عدا ما يظهر منها غالباً؛ كالذراعين، والشعر، والرقبة، والقدمين، فهذا ما جرى عليه النساء في زمن النبيّ وصحابته، بدليل قول الله -تعالى-: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ).
وجاء في في لباس المرأة أمام النساء العديد من الآثار، نذكر منها ما يأتي:
- كتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه-: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ مَعَ نِسَاءِ أَهْلِ الشِّرْكِ، فَإِنَّهُ مِنْ قِبَلِكَ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَوْرَتِهَا إِلَّا أَهْلُ مِلَّتِهَا".
- عن مجاهد أنه قال: "لا تَضَعُ الْمُسْلِمَةُ خِمَارَهَا عِنْدَ مُشْرِكَةٍ وَلَا تُقَبِّلُهَا؛ لِأَنَّ اللهَ -تَعَالَى-، يَقُولُ: (أَوْ نِسَائِهِنَّ)، فَلَيْسَ مِنْ نِسَائِهِنَّ".
شروط اللباس الشرعي
بيّنت الأدلة الشرعية شروط اللباس الشرعي للمرأة أمام الأجانب عنها؛ أي غير المحارم، وفيما يأتي ذكرها:
- أن يكون مستوعباً لجميع بدن المرأة
بأن لا يظهر من بدنها سوى الوجه والكفين، أو ما ظهر منها بغير قصد.
- أن لا يكون زينة في نفسه
أي أن لا يكون مُلفتاً للنظر بما عليه من الزينة، لقول الله -تعالى-: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ).
- أن لا يصِف ولا يشِفّ
وذلك أدعى لأن يكون ساتراً يخفي زينة المرأة ، فاللباس الشفاف يدخل في مصطلح "الكاسيات العاريات"، وتصبح المرأة مستحقة للعقوبة الواردة في الحديث وهي: (لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا).
ويدلّ على ذلك حديث هشام بن عروة عندما قال: (أنَّ المُنذِرَ بنَ الزُّبَيرِ قدِمَ مِن العراقِ، فأرسلَ إلى أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ بكِسوَةٍ مِن ثيابٍ مَرويَّةٍ، وقَوهيَّةٍ رِقاقٍ عِتاقٍ بعدَ ما كُفَّ بصرُها، قال: فلمَسَتْها بيدِها ثمَّ قالَت: أُفٍّ، رُدُّوا علَيهِ كِسوَتَهُ، قال: فشَقَّ ذلكَ علَيهِ، وقال: يا أُمَّهْ، إنَّهُ لا يشِفُّ، قالَت: إنَّها إن لَم تشِفَّ؛ فإنَّها تصِفُ).
- أن يكون فضفاضاً غير ضيّق
إذ إن اللباس الضيّق لا يتّصف بالستر، وذلك لأنه يُغير لون البشرة فقط دون ستر معالم جسم المرأة، ودليل ذلك حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: (كَساني رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قُبْطيَّةً كَثيفةً ممَّا أهداها له دِحْيةُ الكَلبيُّ، فكَسَوتُها امرأتي، فقال: ما لك لم تَلبَسِ القُبطيَّةَ؟ قُلتُ: كَسَوتُها امرأتي، فقال: مُرْها فلتَجعَلْ تحتها غِلالةً؛ فإنِّي أخافُ أنْ تَصِفَ عِظامَها).
- أن لا يكون مُعطّراً أو مبخّراً
لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أيُّما امرأةٍ استعطَرَت فمرَّت على قَومٍ ليجدوا ريحَها فَهيَ زانيةٌ).
- أن لا يكون فيه تشبُّهاً بالرجال
حتى لا تستحقّ اللَّعن عقوبةً على ذلك، لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (لعنَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- الرَّجلَ يلبَسُ لُبسَةَ المرأةِ والمرأةَ تلبسُ لُبسَةَ الرَّجُلِ).
- أن لا يكون لباس شهرة
ولباس الشهرة هو كل لباسٍ يلبسه صاحبه بقصد أن يشتهر ويتميّز به بين الناس، وذلك لما ورد في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: (من لبس ثوبَ شُهرةٍ في الدُّنيا ألبسه اللهُ ثوبَ مَذلَّةٍ يومَ القيامةِ ثمَّ ألهب فيه نارًا).
- أن لا يُقصد به التشبّه بلباس غير المسلمات.