ثواب عمل الخير
ثواب عمل الخير
حثَّ الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم على فعل الخير والمسارعة إليه، ورتّب عليه الأجر العظيم والثواب الجزيل، قال -تعالى-: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، كما أمر -سبحانه- بالدعوة إلى فعل الخيرات، فقال: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ﴾، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ هذا الخيرَ خزائنُ، ولتلكَ الخزائنُ مفاتيحَ، فطوبَى لعبدٍ جعلهُ اللهُ مِفتاحًا للخيرِ مِغلاقًا للشرِّ، وويلٌ لعبدٍ جعله اللهُ مِفتاحًا للشرِّ مِغلاقًا للخيرِ)، فحريٌ بالمسلم أن يبادر ويسارع إلى فعل الخيرات؛ ليحظى بالأجر العظيم من الله -تعالى-.
بعض صور عمل الخير في الإسلام
الخير واسع، يشمل كل ما ينفع الناس، وكل ما ينتفع به المرء في دنياه وأُخراه كذلك من صور الخير، وهو واسع جداً؛ يشمل نشر العلم، وتقديم النصيحة، وقضاء الدين، وتفريج الكربات، وقضاء الحاجات، والإصلاح بين الناس، والشفاعة الحسنة، وإطعام الطعام، وصلة الأرحام، وفي ما يأتي تفصيل لهذه الصور:
تفريج الكربات عن المسلمين وإعانتهم
إن السعي في تفريج كربات المسلمين وقضاء حاجاتهم من أعظم الطاعات وأجلّ القربات عند الله -تعالى-، وهي سببٌ لنيل محبته -سبحانه-، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ ، تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه؛ ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له؛ ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ).
وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ).
ستر عورات المسلمين
كل إنسان معرّض للخطأ والزّلل، ولا يحب أن يطَّلِع على عيوبه أحد من الناس، فكان الواجب في حق المسلم أن يستر أخاه المسلم إذا رأى منه سوء؛ لتزداد المحبة والأخوة بينهم، وقد حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على الستر، وبين أن الجزاء فيه من جنس العمل، فقال: (وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ).
كما حذَّر-صلى الله عليه وسلم- من تتبع عورات المسلمين، فقال: (يا معشرَ من أسلمَ بلسانهِ ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبهِ ، لا تُؤذُوا المسلمينَ ولا تُعيّروهُم ولا تَتّبعوا عوراتهِم ، فإنه من يتبِعْ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبعَ اللهُ عورتَهُ ، ومن يتبعِ اللهُ عورتهُ يفضحْه ولو في جوفِ رحلهِ).
إطعام الطعام
إن إطعام الطعام من صفات الأبرار الذين مدحهم الله -تعالى- في كتابه، فقال: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا* إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا* فَوَقَاهُمُ اللَّـهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا)، كما أن إطعام الطعام سببٌ في دخول الجنة بسلام، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ).
الإصلاح بين الناس
لقد أمر الله -تعالى- في كتابه الكريم بالإصلاح بين الناس، فقال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، ورتب عليه الأجر العظيم فقال: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)، كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فضَّله على درجة الصلاة والصيام والصدقة، فقال: (ألا أخبرُكم بأفضلِ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى، قال: إصلاحُ ذاتِ البينِ، وفسادُ ذاتِ البينِ الحالِقةُ).
عمل الخير من أعظم الطاعات وأجل القربات التي حثَّ الله -تعالى- عليها في كتابه في مواضع كثيرة، وهو سببٌ في مضاعفة الأجر ودخول الجنة، كما أن لعمل الخير في الإسلام صور كثيرة، لا تقتصر على الجانب المادي فقط، ولكن يتعدّى إلى كل ما فيه نفع للناس؛ يسيرًا كان أو كثيرًا، قال تعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ شيئًا، ولو أنْ تَلْقَى أخاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ).