صفات القدوة الحسنة في الإسلام
مفهوم القدوة الحسنة في الإسلام
هي الحالة المستحسنة؛ من التحلّي بمكارم الأخلاق والفضائل التي يكون الإنسان عليها حتى يكون أهلًا ليُقتدى به، ولهذا قال -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا)، فالأُسوة الحسنة الأسوة بالرسول -صلى الله عليه وسلم-.
صفات القدوة الحسنة في الإسلام
يحتاج المسلم في كلّ زمانٍ ومكانٍ إلى القدوة الحسنة التي يسير على نهجها، ويسلك سبيلها، يحتاج إلى تلك النماذج الطيبة الطاهرة التي أحسن الإسلام صياغتها؛ فغدت هممها عاليةً، وقلوبها مؤمنةً راضيةً تقيَّةً، ومن الصفات التي لا بدّ أن يتحلّى بها المسلم حتّى يُقتدى به ما يأتي.
الصلاح
ومنه الِإيمان والتصديق بكلّ ما يجب اعتقاده من الِإيمان بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر وسائر أركان الِإيمان إيمانًا يقينا جازمًا، وتحقيق معنى التوحيد ومقتضياته من معرفة الشهادتين والعمل بمقتضاهما.
العبادة
فيستقيم القدوة على أمر الله من الصلاة والزكاة والصيام وسائر أركان الِإسلام العملية، ويهتم بالفرائض والمستحبّات، ويجدّ في اجتناب المنهيّات والمكروهات؛ فيأتي من المأمورات بما استطاع، ويجتنّب جميع المنهيات على حدّ قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ذَروني ما ترَكتُكم؛ فإنَّما أهلَكَ الذين مِن قَبلِكم كَثرةُ سُؤالِهم، واختِلافِهم على أنبيائِهم، ولكنْ ما نَهيتُكم عنه فانتَهوا، وما أمَرتُكم به فَأْتوا منه ما استطَعتُم).
الإِخلاص
الإخلاص سرٌّ عظيمٌ وبابٌ دقيقٌ، والتميز به من أعظم المطالب، وهو من أولى ما ينبغي أن يُفتَّش عنه في الشخص المُقتدى به، فيكون المقصود بالقول والعلم والعمل وجه الله -عزّ وجلّ- بعيدًا عن أغراض النفس وأغراض المخلوقين.
الصبر
قال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)، فعلّق كونهم أئمَّةً بكونهم صابرين، ويكون ذلك بتوطين نفسه على احتمال المكاره من غير ضجرٍ، والتأنّي في انتظار النتائج مهما بَعُدت، وهو عليمٌ بأنّ ابتلاء الناس بجميع فئاتهم وطبقاتهم لا محيص عنه؛ فالدنيا مبنيَّةٌ على هذا، بل قد يمتحن المرء بالشيء وضده.
حسن الخلق
إذا كان الصلاح يتوجّه إلى ذات المُقتدى به ليكون صالحًا في نفسه قويمًا في مسلكه؛ فإنّ حسن الخلق يتوجّه إلى طبيعة علاقته مع الناس وأصول تعامله معهم، وإليه الدعوة النبويّة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقِ اللَّهِ حيثما كنتَ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ).
عدم مناقضة أفعاله لأقواله ولا أقواله لأفعاله
بأن يكون سلوكه مطابقا لما يقوله ويدعيه، لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أتيتُ على سماءِ الدنيا ليلةَ أُسرِيَ بي فرأيتُ فيها رجالًا تُقطَّعُ ألسنتُهم وشفاهُهم بمَقاريضَ من نارٍ فقلتُ: يا جبريلُ ما هؤلاءِ؟ قال: هؤلاءِ خُطباءٌ من أمَّتِك).
الرحمة
الرحمة كمالٌ في الطبيعة، تجعل المرء يرقّ لآلام الخلق، ويسعى لِإزالتها، ويأسى لأخطائهم؛ فيتمنى لهمَ الهدى؛ فالرحمة عاطفةٌ حيَّةٌ نابضةٌ بالحبّ للناس، والرأفة بهم، والشفقة عليهم.
التواضع
جُبلت النفوس على كره من يستطيل عليها ويحتقرها ويستصغرها، كما جبلت على النفرة ممَّن يتكبّر عليها ويتعالى عنها، والتواضع خلقٌ يُكسب صاحبه رضا أهل الفضل ومودّتهم، ومَنْ أحقّ بهذا الخلق من رجل القدوة؛ فهو أنجح وسيلةً إلى الائتلاف، والابتعاد عن خوارم المروءة والمحرمات فضلًا عن الكبائر.
الرفق
أي لين الجانب وفي تقديرنا أنّ حاجة الدعاة إليه من أهل العلم والفضل والقدوة ماسَّةٌ للغاية.
قويّ الإيمان
بصيرٌ بأمر الله يصرِّح بحقّ الله، وينشط في الدعوة إلى الله، ويعمل بما يدعو إليه، ويحذر ما ينهى عنه، فيكون من أسرع الناس إلى ما يدعو إليه، ومن أبعد الناس عن كلّ ما ينهى عنه، ومع ذلك يصرّح بأنّه مسلم، وبأنّه يدعو إلى الإسلام، ويغتبط ويفرح بذلك.
العناية التامّة بالقرآن الكريم تلاوةً وتدبُّرًا وتعقُّلًا
وعملًا بالسنة المطهرة؛ لأنّها الأصل الثاني، ولأنّها المفسِّرة لكتاب الله.
أهمية القدوة الحسنة
إنّ وجود القدوة الحسنة في حياة المسلم يعينه على الاتباع للمنهج الربانيّ، وتتضح أهمية القدوة فيما يأتي:
- تثير القدوة في نفس المسلم البصير قدرًا من الاستحسان والمحبّة؛ فيميل إلى الخير، ويتطلّع إلى مراتب الكمال، ويعمل مثله بهدف الوصول إلى الاستقامة .
- تعطي المقتدي قناعةً بأنّ بلوغ هذه الفضائل من الأمور الممكنة وفي متناول قدرة الإنسان.