تعبير عن شعوب العالم
شعوب العالم كفَرَسي رِهان
ينبغي عدم تجاهل أهمية توحُّد شعوب العالم مع بعضها بعضًا، وتجنب تعريضها لأيّ عوامل تُؤدي إلى التفرقة بينها وإثارة النزاعات؛ إذ تُراهن العديد من السياسات على تلك الشعوب، فتُصبح في مهب الرياح العاتية وفقًا لمصالح وأطماع الغير، يسوقونها كيفما يُريدون.
كما يتحكمون في مصائرها، دون الاهتمام بمصالحها ومصالح الأوطان، والطبيعة الإنسانية تحتم على من يملكون أمرهم أن يُراعوا مصالحهم ويقدموا لهم حقوقهم على طبقٍ من ذهب؛ وذلك لفتح المجال أمامهم للحصول على ما قدره الله لهم في هذه الحياة.
شعوب العالم بين الفرقة والاجتماع
يُمكن تعريف شعوب العالم بأنّها مجموعة من الناس الذين تُوحّدهم العادات والتقاليد والثقاف ة، ويعيشون على أرضٍ واحدة ويخضعون للقواعد والقوانين نفسها، ولكن ما يُميز كل شعب هو كيفية تعاملهم مع الآخرين، وكيفية تعاطيهم مع الأحداث والعلاقات، كما يتميز كل شعب بدينه الذي يتبع له، فلكل شعبٍ دين محدد مع بعض التداخلات في الأديان.
ليس شرطًا أن ينتمي جميع السكان للديانة نفسها، فهنالك العديد من الفراد الذين يُدينون بأديان مختلفة، ولكنهم يعيشون ضمن وتيرة وتناغم معيّنين، بلا مشاكل أو أحقاد في الأوضاع الطبيعية، وإنّ من أكثر ما يُميّز الشعوب المتوافقة التي لا تُعاني من الفرقة والشتات أن تجد علاقات طيبة فيما بينها، وبالتالي تبادلات تجارية واجتماعية وثقافية.
يُمكن تبادل العديد من المواد والسلع والصناعات التي لا يُوجد لدى الدولة اكتفاء ذاتي منها، كما يُمكن التعايش مع أفراد الشعوب الأخرى، وذلك من خلال اختيار زوجة وشريكة حياة، أو إرسال الأبناء من أجل الدراسة هناك، وبالتالي حدوث علاقات صداقة وعمل فيما بين أفراد شعبين مختلفين، كما يُمكن تبادل الثقافات فيما بين أفراد الشعوب من خلال التعايش فيما بينهم والتعرف على عادات وتقاليد الآخرين.
إنّ لتوافق الشعوب المختلفة معًا أهمية عظيمة على الصعيد الدولي والسياسي، فقد تُعاني بعض الشعوب من أوضاع مزرية، مثل: تعرضها للحروب، والفيضانات، والزلازل والبراكين، أو أيّ كوارث إنسانية، أو من الفقر وتدني الأوضاع المعيشية، ومن هنا فإننا سنجدُ أنّ الشعوب الأخرى هَبَّت لنجدتها والوقوف إلى جانبها في مآسيها، ومد يد العون لها وإغاثتها وإمدادها بالمواد الغذائية والعلاجات الدوائية.
تقوم بعض الدول بإرسال مستشفيات متنقلة مع أطباء مختصين بالعمليات الجراحية والحالات الطبية الصعبة إذ يتم غرسالها بواسطة البواخر والطائرات، وتُعاني بعض الشعوب من أسباب الفرقة والشتات التي تُؤدي إلى عزلها عن باقي الشعوب، وبالتالي تأخرها عن مواكبة العلم الحديث والتطور الصناعي الكبير الذي يحصل في الدول المجاورة.
بعضها ابتلي بالفقر الشديد وعدم مقدرة الحكومات فيها على توفير فرص العمل لأبنائها، وبالتالي انتشار الفقر والجهل إلى حد بعيد، ويُمكن التخلص من هذه المشكلات بتشجيع أبناء الشعوب التي تمتلك اقتصادًا جيدًا إلى الاستثمار في هذه الدول عن طريق إقامة المشاريع وإنشاء المصانع والشركات وبالتالي توفير فرص العمل المواتية للسكان.
يُمكن تضامن الشعوب معًا من خلال دعم تلك التي يتدنى مستواها الاقتصادي والتعليمي ولا تكون قادرةً على توفير فرص التعليم المناسبة لأبنائها، وبالتالي انتشار الجهل والأمية، من خلال ضخ الموال اللازمة لإنشاء دور التعليم والمدارس والمعاهد التعليمية والجامعات، كما يُمكن توفير الكتب الدراسية بأسعار زهيدة أو حتى التبرع بها بالمجان.
لو أنّ هذه الدول لم تجد الممول الحقيقي الذي يرفدها بما يلزم من أموال فإن ذلك يُسهم في تأخرها ثقافيًا وعلميًا واقتصاديًا، وبالتالي تفشي الجهل والجريمة والآفات الاجتماعية المدمرة، كما تُعاني الكثير من الشعوب من انعدام المراكز الصحية أو تدنيها وقلة وجود الدواء فيها، وبالتالي صعوبة الحصول على العلاجات الملائمة وارتفاع أعداد الوفيات والمرضى الذين قد تتدهور حالتهم الصحية.
يُمكن حلّ تلك المشاكل عن طريق مساعدتهم في إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية وتوفير العلاج بالمجان وإجراء العمليات الجراحية بأسعار زهيدة، أو عن طريق التبرع بتكاليفها من قبل أحد الأثرياء، أو تسفيرهم نحو للخارج حيثُ الراحة والعلاج والأمان والرفاهية الصحية.
لا تكفي المساعدة المادية، وتكون حلًا عاجلًا ومؤقتًا؛ لذا ينبغي إعطاء الطلبة المتفوقين دراسيًا فرصة الدراسة في الخارج، وعلى نفقة الدولة الداعمة لتلك الكفاءات، ولا يُمكن الاكتفاء بتعليمهم ومنحهم الشهادات الدراسية العليا، وإنّما يجب توفير فرص العمل السانحة والتي من شأنها منحه الدخل الملائم، والذي يُمكنه من بناء مستقبله ومساعدة الآخرين.
يُمكن بهذه الوسيلة تمكين كافة الطلبة المتفوقين والراغبين في إكمال دراستهم وبالتالي التقليل من نسب البطالة والفقر وتدني المستوى المعيشي، وإنّ مساعدة الشعوب لبعضها بعضًا من الأمور التي حثّت عليها الأديان السماوية كافة، ودعت إليها الشرائع.
كما أنّ الفطرة الإنسانية السليمة تحتم على الإنسان مساعدة أخوه الإنسان، في كافّة الظروف والأحوال دون النظر إلى شكله أو عرقه أو جنسه، أو المصالح الاقتصادية، كما ينبغي على كل مربٍّ تعليم أبنائه على حب الآخرين وعدم التمييز بينهم وذلك بالقدوة الحسنة، وأيضًا عن طريق زرع القيم الأخلاقية والدينية في نفوسهم منذ نعومة أظفارهم.
شعوب العالم يسند بعضها بعضًا
آخر ما يشارُ إليه ضرورة توحُّد شعوب العالم معًا، والنضال من أجل مستقبل أبنائها، ولا يُمكن أن تتحد من تلقاء نفسها، وإنّما يتوجب التعاضد والتكاتف فيما بينها وأن يسند بعضها بعضًا.
كما يتوجب نشر الوعي من خلال وسائل الإعلام المتعددة، وعن طريق بث البرامج التثقيفية، أو الدعوة إلى إقامة مشاريع في بلدان أخرى ودعوة الناس فيها -خاصةً فئة الشباب- إلى حضورها وبالتالي تبادل الثقافات معًا، والاندماج معهم ضمن وتيرة معينة من خلال بعض الأنشطة المُقامة هناك، كما يُمكن تبادل الكتب.