ثمرات التفكر بالخلق الكون
ثمرات التفكر في خلق الكون
يعدّ التفكّر الذي يقوم به الإنسان في الكون من حوله دافعاً لعبادة الله وحده، فالتفكّر أعظم العبادات القلبيّة التي يقوم بها المسلم، وبابٌ لأنواع الخيرات كلّها، وقد قال عمر بن عبد العزيز -رضيَ الله عنه-: "التفكّر في نعم الله من أفضل العبادة"، فهو الذي ينقل صاحبه من عالم الموت إلى الحياة، ومن الجهل إلى العلم، وإلى ما يكره الله إلى ما يحبّ.
معرفة القدرة الإلهية
إنّ الكون بما فيه من أدقّ تفاصيله إلى أعظم مكوّناته التي يُدركها الإنسان بعقله، أو شعوره، أو لمسه، أو يُشاهدها بعينه يدلّ دلالةً قاطعةً على إبداع الله في خلقه، وتدبيره لكونه بما جعل بين مخلوقاته من تناسق، وتوافق، وانتظام، فيجعل الكون موعظةً يراها بعينه فيعبد الله عبادةً تابعةً للتفكّر في مخلوقاته.
وقد مدح الله عباده الذين يجمعون بين العبادة والتفكّر، فقال -تعالى-: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) .
زيادة الإيمان واليقين
إنّ التفكّر في خلق الله وكونه يملأ القلب إيماناً وتقوى ، فالإنسان يرى كلّ ما يدلّ على الله من الشمس بضيائها، والقمر بنوره الذي قدّره منازل، واللّيل والنّهار الذي يطول أحدهم على الآخر ثمّ يقصر ويطول الآخر.
قال الله -تعالى-: (هُوَ الَّذي جَعَلَ الشَّمسَ ضِياءً وَالقَمَرَ نوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعلَموا عَدَدَ السِّنينَ وَالحِسابَ ما خَلَقَ اللَّـهُ ذلِكَ إِلّا بِالحَقِّ يُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ* إِنَّ فِي اختِلافِ اللَّيلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللَّـهُ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَّقونَ) .
طريق إلى الانتفاع بالمخلوقات التي سخرها الله للإنسان
يُعدّ التفكّر في الكون طريقاً موصلاً إلى الانتفاع بالمخلوقات التي سخّرها الله للإنسان لينتفع بها في دينه ودنياه، فقد سخّر الله كلّ ما في الكون لخدمة الإنسان، فإذا ما تفكّر الإنسان بالكون من حوله فقد توصّل إلى ما أودعه الله في هذه المخلوقات من المواد والعناصر التي تقوم عليها الصناعات والفنون المختلفة.
التربية الذاتية للفرد
تميل النّفس الإنسانيّة بطبعها إلى الأنس بالآخرين، ولهذا جعل الإسلام بعضاً من الأمور لا تتحقّق إلّا حين يُخالف الإنسان طبعه فيخلو بنفسه ويتفكّر في الكون من حوله، فيتعلّم الصّبر ومجاهدة النفس ليقودها إلى ما يُسهل عليه القيام بمهمته.
معرفة صفات الخالق
يدلّ المصنوع على صانعه، والمخلوق على خالقه، فمن تفكّر في المخلوق عرف صفات الخالق، ويتبعه الاعتراف بعظمته، وقدرته، وحكمته، وعلمه، ولَما أنكر وجوده، وعجز المخلوقات عن الإتيان بمثل ما خلق، ولو بمقدار نطفة.
أنواع التفكر في خلق الله
ينقسم التفكّر في مخلوقات الله بحسب طبيعة الشخوص، والأزمان، والأحوال إلى قسمين نذكرهما فيما يأتي:
- النّظر إلى هذه المخلوقات بالبصر؛ كالنّظر إلى السماء، والجبال، والبحار وغيرها من المخلوقات.
- النّظر إلى المخلوقات بعين البصيرة؛ ليتوصّل بذلك إلى عظيم قدرة الله وملكوته في كونه.