ثلاثة لا يدخلون الجنة
الرواية الصحيحة في ثلاثة لا يدخلون الجنة
الرواية الصحيحة التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الثلاثة الذين لا يدخلون الجنة هي رواية سلمان الفارسي -رضي الله عنه- والتي صححها الألباني في صحيح الترغيب يقول فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثةٌ لا يدخلون الجنَّةَ: الشيخُ الزَّاني، والإمامُ الكذَّابُ، والعائلُ المزْهُوُّ).
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحذر أصحابه من الأعمال القبيحة والأفعال السيئة التي تودي بصاحبها في النار ومن هذه الأفعال السيئة ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أصناف، وهم: الشيخ الزاني، والإمام الكاذب، والعائل المزهو، وإنما غُلّظت عليهم العقوبة لأنه لم يحملهم على الوقوع فيها الحاجة أو الضرورة، وإنما المعاندة والاستخفاف بأمر تلك المعاصي.
وهؤلاء الأصناف لا يدخلون الجنة من أول وهلةٍ، وإنما يدخلونها بعد أخذ نصيبهم من العذاب في النار بمقدارٍ يُقدره الله -سبحانه وتعالى- بعدله وحكمته، فيتطهرون ثم يدخلون الجنة؛ لأن هذه الأعمال من كبائر الذنوب التي تُدخل صاحبها في النار ولكنها لا تُخلده فيها.
ولا يُسمى مرتكب هذه المعاصي كافراً إذا كان موحداً لله -تعالى-، وإنما هو مسلمٌ عاصي مرتكب لكبيرة، والمعاصي المذكورة في الحديث من أكبر الكبائر فيدخل فاعلها النار ويتطهر ثم يدخل الجنة، وسنعرض في هذا المقال شرحاً لهؤلاء الأصناف الثلاثة:
الشيخُ الزَّاني
في هذا الحديث توعدٌ لمعصيةٍ هي كبيرة من الكبائر وهي الزنا للرجل الذي كبر سنه أو المرأة التي كبر سنها، وتغليظ للعقوبة لهما تفوق عقوبة الزاني الشاب، لأن الشيخ الكبير بلغ من العمر والحكمة والتجارب ما يجعله رزيناً ذا عقل يزن الأمور ولا يقع في شهواته ونزواته.
وإضافة إلى أنه ليس لديه نزوات الشباب وفورته وحاجاته الجسدية التي يصعب ضبطها، فكيف لهذا الذي أكرمه الله -سبحانه وتعالى- بإكمال عقله أن يقع في هذا الشيء الفاحش، فهو مستحقٌ للنار.
الإمامُ الكذَّابُ
وهو الملك الذي تعوّد على الكذب على رعيته رغم سلطانه وقوته واتباع الناس لأوامره وخوفهم من بطشه، أو نفاقهم له رغبةً فيما عنده من متاع الدنيا؛ فهو ليس بحاجةٍ إلى الكذب، لكنه اتبع هواه وشهوته وتعوّد على الكذب، واستخف بهذه المعصيّة الكبيرة، فاستحق هذا التشديد.
الفقير المتكبر
ولفظ الحديث: (العائلُ المزْهُوُّ)؛ وهو الفقير الذي عُدِم المال وأسباب التكبر والخيلاء على الناس، فليس من حاجة تدعوه إلى التكبر، وليس له من المؤهلات، غير حاجةٍ في نفسه، والتكبر مذمومٌ على كلّ حالٍ، ومقياسه دقيقٌ فيقاس بالذر؛ فقد ثبت عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ).
الروايات الأخرى في ثلاثة لا يدخلون الجنة
الرواية الأولى
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عنه أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه-: (ثلاثةٌ لا تدخلُ الجنةَ: مدمنُ الخمرِ، وقاطعُ الرحِمِ، ومصدِّقٌ بالسحرِ)، والحديث إسناده ضعيف، وسنذكر الأصناف الثلاثة الذين لا يدخلون الجنة بشيءٍ من التفصيل فيما يأتي:
- مدمن الخمر
الخمر هي أم الخبائث ، وتُذهب العقل الذي هو مناط التكليف في الإنسان، حيث إن شارب الخمر قد يرتكب أيّ شيء؛ فقد يقتل أو يزنى أو يُتلف الممتلكات وغيرها؛ ولذلك كان تغليظ عقوبته.
- قاطع الرحم
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في وصف الرّحم: (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ)، وفي هذا الحديث تهديدٌ آخر لمن يقطع الرحم.
- مصدّق بالسحر
السحر يؤدي إلى أمراضٍ تُصيب الناس، ويؤدي إلى خراب البيوت، ولا يقوم بها غير الكافر، ومن جاء السحرة والعرافين وصدقهم فقد كفر؛ فقد روى عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ قال: (من أتى عرافًا أو كاهنًا ، يؤمنُ بما يقولُ ؛ فقد كفر بما أُنزل على محمدٍ)، ولذلك جاء التشديد على التصديق بالسحر.
الرواية الثانية
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عنه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (ثلاثةٌ لا يَدخُلونَ الجنةَ: العاقُّ لوالدَيه والدَّيُّوثُ والرَّجِلَةُ منَ النساءِ)، والحديث إسناده جيد، وسنذكر الأصناف الثلاثة الذين لا يدخلون الجنة بشيءٍ من التفصيل فيما يأتي:
- العاق لوالديه
كفى بالإنسان ظلما أن يعق والديه، وهما سبب وجوده، وكم تحملا حتى يكبر ويصبح إنساناً ذا شأنٍ وكانت رغباته مقدمة عندهم على أهم ضرورياتهم، ويكفي للتنويه بحقهم أن قرن الله -سبحانه وتعالى- بين عبادته وحسن معاملتهما في كتابه العظيم.
قال الله -تعالى-: ( وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا * وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا).
- الديوث
وهو الذي لا يغار على محارمه، فكيف لا يغار الإنسان على محارمه إذا كانت بعض الحيوانات تغار على محارمها، كما في حديث الإمام البخاري الذي يصف مشهداً عجيباً لقردٍ وقردة زنيا فأقامت القرود عليهما الحد، (عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: رَأَيْتُ في الجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمع عَلَيْهَا قِرَدَةٌ، قدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا معهُمْ).
- الرجلة من النساء
وهن المتشبهات من النساء بالرجال باللباس والكلام والحركات وبعض الأعمال، حيث إن الإسلام يريد أن يقوم كلّ إنسان بدوره في هذه الحياة؛ فالرجل رجلٌ وله مهماتٌ وله حقوقٌ وعليه واجباتٌ.
والمرأة مرأةٌ ولها مهماتٌ ولها حقوقٌ وعليها واجباتٌ، ففي التشبه فيما بينهما منافاةٌ للفطرة، وتهديدٌ لأركان الأسرة في المجتمع، وتعطيلٌ لاستقرار الحياة؛ ولذلك شدّد الإسلام على عدم تشبه النساء بالرجال ونهى في الوقت نفسه على تشبه الرجال بالنساء.