تلخيص كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه
قبل قراءة الكتاب
المؤلِّف هو أحمد بن محمد بن عبد ربه، كنيته أبو عمر، وهو أندلسي قرطبي، ولد فيها عام (246) للهجرة، كان بحرًا في التاريخ والأخبار والأدب، فألّف هذا الكتاب وقد سمّاه "العِقْد"، لا يُعرف في أي عام ألّفه، ولكن بما أنّه توفي عام (328) للهجرة فيمكن حصر عام التأليف مع عام الولادة فقط، ألّف كتابه ليختصر ما كتبه المتقدمون في الأدب ولينتقي ويختار من كل باب أجوده فيكون جامعًا حاويًا كافيًا، ولعل القارئ لو قرأ يوميًّا من الكتاب خمسة عشر صفحة لأنهاه في خمسة أشهر حسب التقدير.
الباب الأول: اللؤلؤة في السلطان
جمع في هذا الباب الأصول المتعلقة بأحوال السلطان، فابتدأ بالكلام على نصيحته ولزوم طاعته، ثم بيّنَ الطبيعة النفسية للسلطان حتى لا يغتر مُصاحِبه برضا أو سخط، وساق نصائح لكلّ مَن أراد أن يصاحبه، وجعل فصلًا يُرشد فيه السلطان كيف يختار عامليه، ثم سبح في بيان ما يجب وجوده لقيام المملكة، من عدل وردّ مظلمة وصلاح إمام وصفاته، إلى أن ختم الباب بالكلام على الوفاء والغدر والولاية والعزل وبعض أحكام القضاة.
الباب الثاني: الفريدة في الحروب ومدار أمرها
يُبيِّن صفات الحروب من حيث هي، ثم يُبيّن ما يجب أن يكون عليه المُحارب من صفات نفسية وبدنية، مثل الصبر والإقدام والأناة، ثم مثَّل بأشهر فرسان العرب وما كانوا عليه، ولا ينسى الإشارة إلى أنّ الحرب مكيدة، ويسرد لنا وصايا الأمراء للسائرين في الحروب، ثم يذكِّر بحق المستجير، وبقبْح الجبن والفِرار، ثم جعل حديثًا عن الخيل والسلاح وصفاتهما، وختم بالكلام على مداراة العدو والتحفظ منه، ثم بشيء من خبر الأزارقة الخوارج.
الباب الثالث: الزبرجدة في الأجواد والأصفاد
بسط الكلام هنا على مدح الكرم والجود وذم البخل، ويُفرِد فصلًا للحديث على العطاء قبل السؤال، واستنجاح الحوائج واستنجاز المواعيد، ثم ينصحك إذا ما اضطررتَ لسؤال سلطان كيف تسأل، وتطرّق إلى شكر النعم وإلى أنّ الكرام قلة إذا ما قُورنوا باللئام، ويختم بالكلام على أجود أهل الجاهلية، ويقدّم في ذلك نماذج، إلى أن يصل إلى أجود أهل الإسلام مع الإشارة إلى أعيان منهم.
الباب الرابع: الجمانة في الوفود
خصّص هذا الباب للكلام على مقامات الفضل ومشاهد الحفل، وهي عند قدوم الوفود على النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء والملوك، لِما يُتَخيَّر لها الكلام، وتُستَهذب لها الألفاظ، وتُستَجزَل المعاني، فذكر من أخبار ذلك شيئًا كثيرًا، لا سيّما ما يكون بين الوافد والموفود عليه من خطاب وشعر ونُكت، فكل وفد يقدِّم أفصحهم وأفطنهم وأشعرهم وأكثرهم هيبة ووقارًا، فكان من الأنباء المنقولة ما يُسلي ويعطي كل وافد عين الحكمة.
الباب الخامس: المرجانة في مخاطبة الملوك
هذا الباب هو لمناسبَة مع الباب السابق، فكان في هذا الباب الكلام على البيان باللسان وتعظيم السلطان، وبيَّن حال قبلة يد السلطان، وأنّ من الأمراء من يكرهها، وجعل فصولًا متتالية عن التزلف للسلطان، والتنصل والاعتذار، والاستعطاف والاعتراف، وتذكير الملوك بالعهد والكفالة، ثم أتى بالكلام على فضيلة العفو والترغيب، إلى أن ختم الباب بفصل عقده في مراسلات الملوك.
الباب السادس: الياقوتة في العلم والأدب
لقد أطال النَّفَس في هذا الباب أكثر من الأبواب السابقة، بل هو أطول أبواب كتابه جميعها، فأتى بالكلام على فنون العلم، والحضِّ على طلبه وضبطه والتثبت فيه، ذاكرًا مع ذلك فضله العظيم، وشرائطه وما يصلح له وما لا يصلح، وأن العلماء يجب تبجيلهم ورفعهم، ثم يختم كلامه في العلم بأخبار العلماء، ثم يطيل في الأدب وما يتعلق به من مباحث كثيرة مهمة بادئًا بالحكمة والعقل مرورًا بآداب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
الباب السابع: الجوهرة في الأمثال
نجد هنا الكلام على الأمثال ابتداء ممّا قاله -صلوات ربي وسلامه عليه- ثم ما قاله العلماء، مع ما ضربه الناس مثلًا "أسخى من حاتم"، إلى أن يدخل في أمثال العرب التي تناولت أمورًا كثيرة كحفظ اللسان والصمت، ثم يختم بأمثال الرجال على اختلاف أحوالهم، إلى أن يصل آخر فصل وهو الأمثال في ذوي القربى، فذكر من الأمثال الواردة العطف عليهم وصلتهم وما يتعلّق بهم، وتحت ذلك أمثال في مواضيع كثيرة.
الباب الثامن: الزمردة في المواعظ والزهد
يتكّلم هذا الباب عن أهل الزهد وما في ذلك من معانٍ، ويأتي لنا بمواعظ الأنبياء والآباء والأدباء والحكماء، وما يكون من عظة بين العلماء والخلفاء، فبدأ بمواعظ الله ثم ثنَّى بمواعظ الأنبياء، وهكذا مرورًا بمقامات أهل الورع والزهد والعظة إلى أن يصل صفة الدنيا فيرغبك بالآخرة بما أشار إلى خوف ورجاء وتوبة وبلاء، ثم يختم الباب بفصول متتالية عن الدعاء، جاعلًا آخر فصل عمّا جاء من آثار الاستعاذة وألفاظها.
الباب التاسع: الدرة في المعازي والمراثي
جعل هذا الباب لترقيق القلوب القاسية وتفجير الدموع الجامدة من خلال ذِكر المراثي والتهاني والتعازي ممّا وقف عليه المؤلف من فطن ذكية وألفاظ شجية، فبدأ بما ينبغي أن يُوجَّه له من في سياق الموت كالتلقين، ويذكر لنا من أخبار الجازعين من الموت والباكين على الموتى، لينشد لنا بعد ذلك مرثيات تنوعت وتعددت تأخذ من القلب محلًا من الحزن، ثم يختم الباب بفصل عن التعازي وما ورد في ذلك من أخبار.
الباب العاشر: اليتيمة في النسب وفضائل العرب
أطال الكلام والأخبار هنا ولم يستوفِ ذلك، فهذا الباب فيه أصول أنساب البشرية عمومًا ثم العرب خصوصًا، فتكلّم عن أنساب القرشيين وأفخاذهم وفضل أشرافهم حتى ختم بفضل العرب، ليَلِج بعد ذلك في علماء النسب، ثم يكمل الكلام في أنساب كثيرة من حيث أصلها وكيف ترتبط وتلتئم مع غيرها، ويختم الباب بالكلام على المتعصبين للعرب، وساق لذلك آثارًا كثيرة، فهذا الباب يُعتبَر موردًا مهمًّا لكلّ مَن أراد أن يشتغل بعلم الأنساب.
الباب الحادي عشر: العسجدة في كلام الأعراب
هذا الباب للأعراب خصوصًا من حيث كلامهم، ولا غرابة في ذلك، فكلامهم شريف مرونق من غير كلفة ولا تكليف، فبدأ بقول الأعراب عند الدعاء، وكما قيل إذا أردت أن تسمع الدعاء فاسمعه من الأعراب، ثم يُكمل في كلامهم في المدح والذم والغزل والخيل والغيث والبلاغة والإيجاز والإعراب والدَّين والنوادر والمِلَح، ثم يختم الباب بأخبار عن أعيان من الأعراب كأبي مهدية وأبي الزهراء.
الباب الثاني عشر: المجنبة في الأجوبة
هذا باب نفيس جدًّا، يتحدّث عن الجوابات التي تكون عقِب سؤال يفجأ السامع، فما عساه أن يجيب والوقت ضيّق يسير، والسائل لبيب عسير، لا سيّما أن الجواب إن كان بعد فوات الحاجة فهو كاللغو مكروه مطروح، فذكر من أخبار أجوبة عقيل وابن عباس ما ذكر، ثم عرَّج على أجوبة بني هاشم وبني أمية، إلى أن يصل إلى مجاوبة الأمراء والرد عليهم، ثم يختم بأجوبة الهزل والفخر والتفحش.
الباب الثالث عشر: كتاب الواسطة في الخطب
لا يقل هذا الباب أهمية عن الباب السابق، فهو يتناول الخطب بتنوّع مقاماتها، وقد افتتحه بأعظم خطبة، وهي خطبة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، ثم جمع لنا كَمَّاً مفيدًا من خطب الخلفاء الراشدين على تعدّد مقامات تلك الخطب، ثم خطب بني مروان، وخطب يزيد بن الوليد وبني العبّاس، ليجعل خاتمة الباب في خطب الخوارج لقوتها ومتانتها، ثم خطب النِّكاح لشدة الداعي لها، وأخيرًا خطب الأعراب.
الباب الرابع عشر: المجنبة الثانية في التوقيعات
إنّ هذا الباب في أخبار توقيعات الكتابة وفصولها وصدورها وأدواتها وما يكون من أخبار الكتّاب، مع التنبيه على فضل الإيجاز، فابتدأ بأوّل من وضع الكتابة، ثم باستفتاح الكتب وعنونتها وختمها، ثم يبيّن المؤلف هنا شرف الكُتّاب وفضلهم، وأنّ لهم أحكامًا كأحكام القضاة، ثم يذكر لنا أبرز مَن اشتهر من الكَتَبَة، ويمرّ على البلاغة وتوقيعات الخلفاء والأمراء، ثم يأتي بفصول متتالية في العتاب والتنصل والشكر، ثم يختم بصدور متنوعة.
الباب الخامس عشر: العسجدة الثانية في الخلفاء
هذا الباب للحديث على الخلفاء المسلمين من حيث أيّامهم وأخبارهم وما يتعلّق من تواريخ مهمة، كما يُشير إلى حجّابهم وكتّابهم، لكنه صدّر بالكلام على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من حيث نسبه ونسب أبيه وأمه، ومن حيث مولده وصفته، ونحو ذلك مما يتعلق به، ثم ينتهي بوفاته، وبعدها يبتدأ بالخلفاء من أبي بكر إلى خلفاء بني أمية في الأندلس، ذاكرًا بين ذلك أهم الوقائع وأمور انتقال الحكم.
الباب السادس عشر: اليتيمة الثانية في زياد
خصّص هذا الباب لأربعة، هم: زياد بن أبيه، والحجاج بن يوسف، والطالبيين، والبرامكة، وقد أزال المؤلف العجب فأجاب على سؤال: ما الأمر الجامع بينهم؟ فقال: "إذ كان هؤلاء الذين جرّدنا لهم كتابَنا هذا قُطبَ المُلك الذي عليه مدار السياسة، ومعادنَ التَّدبير، ويَنابيعَ البلاغة، وجوامعَ البيان. هم راضوا الصِّعاب حتى لانت مقاردُها، وخَزموا الأنوف حتى سكنتْ شواردُها، ومارسوا الأمور، وجرّبوا اَلدُّهُور فاحتملوا أعباءَها، واستفتحوا مغالقها، حتى استقرت قواعدُ الملك، وانتظمت قلائدُ الحكم، ونَفذت عزائم السلطان". ثم بسط الكلام على الدولة العباسية" .
الباب السابع عشر: الدرة الثانية في أيام العرب ووقائعهم
يرجع بنا هذا الباب إلى العرب في الجاهلية تحديدًا، ليبسط لنا الحديث على أهم أيامهم وما كان يجري في الوقيعة من حوادث، فابتدأ من حروب قيس يوم بطن عاقل، وهكذا في فصول متتالية كيوم داحس والغبراء ويوم البسوس، والعشرات العشرات من الوقائع والأيام، باسطًا الكلام على أهم ما جاء فيها بسطًا غير مملّ ولا مخل.
الباب الثامن عشر: الزمردة الثانية في فضائل الشعر
يتجوّل بنا هذا الباب في بساتين الشعر على اختلاف الأزمان والطبقات ممهِّدا لذلك بفضائل الشعر وأهميته ووزنه، فيبدأ باختلاف الناس في أشعر الشعراء، مرورًا بشعراء الصحابة والتابعين والعلماء المشهورين، مخصّصًا مساحة للكلام على شعر الغزل والهجاء وما يعاب من الشعر وما لا يعاب، ونحو هذه الموضوعات حتى يصل فصلًا فيما استُدرِك على الشعراء وفيما له وجه، ثم يختم بأشعار الرقة والنحول والتوديع والحمام وطيب الحديث والرياض.
الباب التاسع عشر: الجوهرة الثانية في أعاريض الشعر
هذا الباب مقسم لجزأين رئيسين تحتهما عشرات الفصول الفرعية، هما: جزء الفرش وجزء المثال، فأما الأول فهو في أعاريض الشعر وعلله وزحافه من حيث الحسن والقبح، كما تكلم في الشطور التي قالت عليها العرب والتي لم تقل من حيث انفكاك دوائرها، وجعل ذلك في نثر ونظم ليسهل حفظه، وأمّا في جزء المثال فقد جعل له ثلاثًا وستين قطعة على ثلاث وستين ضربًا من ضروب العروض.
الباب العشرون: الياقوتة الثانية في علم الألحان
لقد وقع الخلاف بين الناس في الألحان بين كاره له ومحبّب فيه، فالمؤلف رأى أن يخصّص الباب له هنا، مع الدخول لعلم الألحان دخولًا علميًّا تلذذيًا، فبدأ بفصل في الصوت الحسن، ثم أصل الغناء ومعدنه، مع سرد أخبار المغنين، ويدرج المؤلف أخبار من استحسن الأصوات تأثروا بها، حتى يختم بفصل في رقائق الغناء وما يدخل في ذلك من أخبار وأحوال.
الباب الواحد والعشرون: المرجانة الثانية في النساء وصفاتهن
الباب مُخَصص للحديث عن النساء من حيث صفاتهن وعشرتهن، وكل حديث المؤلف محصور بالزوجة لا غيرها، فبدأ بأخبار قولهم في المناكح، ثم ثنّى بصفات النساء وأخلاقهن، وثلّث بصفة المرأة السوء، مرورًا بالنجيبات من النساء وأخبارهن، ثم يورد أخبار الطلاق لا سيما من طلق فتبعته نفسه، ويجعل فصلًا في مكر النساء وغدرهن، ثم يذكر من أخبار السراري والهجناء والأدعياء، خاتمًا الباب في الباه وما قيل فيه.
الباب الثاني والعشرون: الجمانة الثانية في المتنبيئن والممرودين
هذا من أكثر الأبواب تسلية، فقد اشتمل على أخبار مدّعي النبوة وطرائفهم، وكذلك حوى أخبار المجانين والممرورين والبخلاء وأهل التطفل، وبين كل هذه يمر على قصص الحمقى من الأشراف رجالًا ونساء، ويذكر في ذلك أخبار أشعارهم أو أشعارًا قيلت فيهم، ففي هذا الباب ترويح عن النفس وتسلية.
الباب الثالث والعشرون: الزبرجدة الثانية بيان طبائع الإنسان
نستطيع تصنيف هذا الباب بأنه مختص بعلم الاجتماع، فهو يغوص في أعماق طباع الإنسان والحيوان وتفاضل البلدان، فيبدأ بأنواع الأنفس وما يتعلق بها، ويتحدث عن بعض أنواع الحيوان، حتى يصل البلدان والعمران ثم يكمل رحلته إلى المسجد الحرام والكعبة والمسجد النبوي والمسجد الأقصى لكونها خير البقاع، ثم يجعل فصولًا في نتف من الأخبار وعلم الطب والحجامة والسحر، فيختم بفصل في الهدايا.
الباب الرابع والعشرون: الفريدة الثانية والطعام والشراب
نستطيع تصنيف هذا الباب بأنّه مختص بعلم الغذاء طعامًا وشرابًا، فافتتح بذكر أخبار أطعمة العرب ثم بأسماء الطعام، ليصل إلى تأثيرات الأطعمة في النوم والسمنة والحركة، ثم يجعل فصولًا متتالية في أنواع الأطعمة من حيث لطافتها وغلظها وحرها وبردها ويبسها ورطبها وما كان منها قليل الفضول وكثيره، ثم يكمل في فصول متتالية -أيضًا- في ذكر الأطعمة ذات الغذاء الكثير والقليل، مبيِّنا بعد ذلك التأثيرات المختلف لبعض الأطعمة على المعدة.
الباب الخامس والعشرون: اللؤلؤة الثانية في النتف والهدايا
يختم المؤلف كتابه بباب أخير عقده ليجمع فيه أبرز الفكاهات المِلَح التي كانت في ثنايا الأبواب المتقدمة من هذا الكتاب، فقطف لنا من كل باب أظرفه، ومن كل خبر أملحه، لينزه النفس ويجلب السرور والراحة، وقال علي -رضي الله عنه-: "أجموا هذه القلوب، والتمسوا لها طرف الحكمة، فإنها تمل كما تمل الأبدان، والنفس مؤثرة للهوى، آخذة بالهوينى، جانحة إلى اللهو، أمارة بالسوء، مستوطنة للعجز، طالبة للراحة، نافرة عن العمل، فإن أكرهتها أنضيتها، وإن أهملتها أرديتها".