تلخيص قصة أصحاب الكهف
تلخيص قصة أصحاب الكهف
تتناول قصّة أصحاب الكهف؛ الحدبث عن عدد من الفتية الذين آمنوا بالله -تعالى- واتّبعوا الحقّ الذي وصلهم، ولكنّهم كانوا في قوم كافرين مشركين قابعين في ظلمات الالجحود بالله -تعالى-، فما استطاع الفتية أن يواطئوا الباطل فقرروا أن ينكروه بهجرته والفرار بدينهم؛ ففرّوا من بلادهم واعتزلوا قومهم، وقد كانت هذه الخطوة بعد أن أنكروا المنكر باللسان؛ فدعوا قومهم إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام، وأظهروا عقيدتهم وهي توحيد الله -تعالى- وترك إشراك ما سواه، وقالوا: (رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا).
ولمّا قرروا ترك بلادهم والهجرة بدينهم لجؤوا إلى الله -تعالى- وتضرّعوا إليه أن يسهّل لهم أمرهم وقالوا: (رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)؛ فخرجوا يبحثون عن مكان يؤيهم ليختبؤا فيه؛ فيسّر الله -تعالى- لهم كهفاً معدّاً ليكون صالحاً لما لبثوه من السنين؛ فهو واسع، ولا تدخله الشمس حين تطلع أو تغرب لأنّ بابه من جهة الشمال، وخلال مدّة نومهم كان الله -تعالى- بقدرته يقلّبهم على جنبهم الأيمن وجنبهم الأيسر حتى لا تبلى أجسادهم من الأرض، قال -تعالى-: (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ)، ولبثوا في هذا الكهف ثلاث مئة وتسع سنين، وقد كان الناس لا يقربون المكان الذي هم فيه، وكان كلبهم يحرسهم مادّاً ذراعيه فيخيّل للناظر أنّهم أحياء.
أيقظ الله -تعالى- أصحاب الكهف بعد نومهم الطويل ليسألوا أنفسهم كم ناموا، وفي ذلك امتحان إيمان لهم وللجاحدين من قوهم، وبعد استيقاظهم أرسلوا واحداً منهم إلى المدينة كي يجلب لهم الطعام، وحين اختلط بالناس في المدينة اكتشفوا أمرهم، وعلم الناس أن الله -تعالى- قادر على أن يبعث الناس يوم القيامة كما بعث أصحاب الكهف بعد نومهم الطويل، وقد مات أصحاب الكهف بعد ذلك؛ فاختلف المؤمنون وغيرهم فيما بينهم في مقام هؤلاء الفتية؛ أ] ماذا يفعلوا به، وقد غلب رأي المؤمنين بأن يبنوا عليهم مسجداً، وقد نهى الله -سبحانه وتعالى- الناس عن الجدال فيما بينهم فيما يخصّ عدد هؤلاء الفتية، وأنّ الأفضل أن يفوّض الأمر إلى الله -تعالى-، وقد وردت هذه القصّة موجزة وملخّصة في بداية سورة الكهف في قوله -تعالى-: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا).
دروس وعبر من قصة أصحاب الكهف
يحتاج الداعية في رحلة الدعوة إلى الله -تعالى- إلى الصبر وسؤال الله -تعالى- الثبات والتوفيق، حتّى يتّضح الحقّ ويظهر، ومن توفيق الله -تعالى- لأصحاب الكهف أن غشّاهم النوم طوال هذه المدّة؛ بقدرة الله -تعالى- المحضة، وليس بإرادتهم، وهذه القصّة هي آية عظيمة من آيات الله -تعالى-، حيث لبث أصحاب الكهف في الكهف: (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)، وقال -تعالى- واصفاً حالهم: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُود لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً)، ومن فوائد هذه القصة أن يعلم الإنسان أنّ تفويض الأمر لله -تعالى- والتوكّل عليه والالتجاء إليه هو الطريق الوحيد لنزول الرحمة على العبد واللطف به ونجاته، وفي قصّة أصحاب الكهف يظهر ذلك بأن حفظ الله -عزّ وجلّ- عليهم دينهم وأبعد عنهم الفتنة، وفي ذلك بيان للطف الله -تعالى- بهم.
كما أنّ قصّة أصحاب الكهف فيها رسالة إلى الشباب ليقوموا ويرفعوا لواء دين الله -سبحانه وتعالى-، ويساندهم في ذلك الشيوخ بدعمهم والدعاء لهم بالتوفيق، وقد وجّه الله -تعالى- رسالة لنبيّه ولأمّته وللناس أنّ قصة أصحاب الكهف ليست أعجب شيئ يفعله الله -عزّ وجلّ-؛ فإن هذه ليست سوى آية من آيات الله -تعالى-، وهو قادر على أعظم من ذلك وأكبر، قال -تعالى-: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)، ويستفيد المؤمن من قصّة أصحاب الكهف بأن يكون حذراً متحرّزاً من أماكن الفتن، وأن يكون فطناً لمّاحاً؛ فحين قام أصحاب الكهف وبعثوا أحدهم إلى المدينة قالوا: (ابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا)، وقالوا: (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا).
القصة في القرآن الكريم
أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم ليكون هداية للناس؛ فيخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى الطريق الحقّ المستقيم، وقد أنزل ليبيّن للناس طريق الخير في الدنيا والآخرة، وقد تضمّن القرآن الكريم على عدد من الأساليب التي تقود المسلم إلى الهداية، ومنها القصّة القرآنيّة، ولهذا النوع من الأساليب تأثير كبير على نفوس المبلّغين، وقد امتلأ القرآن الكريم والسنّة النبوية بالقصص، وقد قال -تعالى- عن قصص القرآن: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ).