تقديم المفعول به على الفاعل
المفعول به
المفعول به هو ما يقع عليه فعل الفاعل سواء بالإثبات أو النّفي، وحكمه النصب دائماً، فمثلاً في الجملة: أغلق الحارسُ البابَ، وقع فعل الفاعل مُثبتاً على الباب فهو مفعول به، أي إنّ فعل الإغلاق وقع على الباب، وفي هذه الجملة يُعرب الباب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. أما في الجملة: ما ملأ الفلاح الإبريق، فإن وقوع الفعل على المفعول به منفيّ؛ أي لم يملأ الفلاح الإبريق. وقد يأتي المفعول به في الجملة مفرداً كما في المثالين السابقين، أو مثنى كما في جملة: أغلق الحارسُ البابين، أو جمعاً كما في جملة: أغلق الحارس الأبوابَ.
صور المفعول به
يأتي المفعول به بصورتين رئيستين هما:
- الاسم الظاهر:
- الاسم الصريح: سواء كان مفرداً أو مثنّى أو جمعاً، كما في الأمثلة السابقة جميعها.
- اسم الإشارة: مثل كلمة (هذا) في الجملة: شجّع الجمهور هذا اللاعب. فالمفعول به هو (هذا) ويُعرب: اسم إشارة مبني في محل نصب مفعول به. وتجدر الإشارة هنا إلى أن كلمة (اللاعب) تُعرَب بدلاً.
- الاسم الموصول: مثل كلمة (الذين) في الجملة: كرّمت الإدارة الذين نجحوا. والمفعول به هنا هو (الذين) ويُعرب: اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به.
- الضمير المتصل: مثل ضمائر المخاطب أو الغائب المتصلة أو ضمير المتكلمين إذا كان الفعل مبنيّاً على الفتح، وأمثلة ذلك الضمائر المتصلة (الكاف، الهاء، نا المتكلمين) على الترتيب في الجمل الآتية: حدَّثتُكَ عن الموضوع سابقاً، أخبرتهُ بالأمر، حدَّثنَا فلانٌ. وتُعرب الكاف والهاء ونا المتكلمين في الجمل السابقة: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.
- المصدر المؤوّل: هو عبارة عن تركيب يتكون من حرف مصدري يليه جملة فعلية أو اسمية مثل: أن ينتبه، أنّ الرجلَ قادمٌ، ومثال المفعول به الذي يأتي مصدراً مؤولاً: يحبّ الإنسان أن ينعم بالراحة. وفي هذا المثال فإن التركيب (أن ينعم) مصدر مؤول في محل نصب مفعول به.
تقدُّم المفعول به على الفاعل
يأتي المفعول به في الجملة الفعلية -في أصله- مرتباً بعد الفاعل، ولكنْ قد يتقدّم عليه جوازاً، بل قد يتقدم أحياناً على الفاعل وعلى فِعله أيضاً، وهو تقدّم جائز، إلا أنه واجب في بعض المواقع، وبيان كلّ حالة فيما يأتي:
جواز تقدُّم المفعول به على الفاعل
يجوز تقدُّم المفعول به على الفاعل بشرط ألا يحصل لبسٌ أو غموض في المعنى، وإذا كان في الجملة ما يميّز الفاعل عن المفعول به، ومن أغراض التقديم والتأخير التشويق إلى المتأخر كقولنا: دخل المسرحَ غريبان، وقد ورد تقدّم المفعول به على الفاعل في القرآن كقول الله تعالى في إحدى الآيات: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجنَ فَتَيانِ)؛ فقد تقدّم المفعول به (السجن) على الفاعل وهو (فتيان).
وجوب تقدُّم المفعول به على الفاعل
يتقدّم المفعول به على الفاعل وُجوباً في ثلاثة مواضع هي:
- إذا اتصل بالفاعل ضمير يعود على المفعول به، ومثال ذلك: يسوق السيارةَ صاحبُها.
- إذا كان الفاعل محصوراً بـ (إلّا) أو ( إنما )، وعلى سبيل المثال: ما أنار العقولَ إلا العلمُ، تقدَّم المفعول به وهو العقولَ على الفاعل وهو العلم، وكما في قول الله تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )، تقدّم المفعول به وهو لفظ الجلالة (اللهَ) على الفاعل (العلماءُ).
- إذا كان المفعول به ضميراً مُتصلاً بالفعل والفاعل اسماً ظاهراً، على سبيل المثال ضمير ياء المتكلم في الجملة: أدّبني أبي تأديباً حسناً. فالفاعل أبي، وياء المتكلم المتصلة بالفعل أدّب هي ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به مقدّم.
وجوب تقدّم المفعول به على الفعل والفاعل
يجب أن يتقدّم المفعول به على كلٍّ من الفعل والفاعل في بعض الحالات هي:
- إذا جاء المفعول به بعد أمّا مثل: أما الجارَ فأحسِن له، وكما في قول الله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ).
- إذا كان المفعول به اسم استفهام أو اسم شرط على نحو: أيَّ كتابٍ قرأتَ؟ وأيضاً: مَن تُكرمْ أُكرم. فالكلمتين: أيَّ ومَن في محل نصب مفعول به مقدّم.
- إذا كان المفعول به هو كم أو كأين الخبريتين، مثل: كم كتابٍ قرأت، كأين من كتاب قرأت.
- إذا كان يُقصَد به أن يكون محصوراً، من غير أداة حصر، ومثال ذلك: إياك أعني، اللهَ أعبدُ؛ فكلٌّ من (إياك)، ولفظ الجلالة (الله) مفعول به مقدّم.
حذف الفعل
يجوز حذف الفعل ويبقى المفعول به إن دلّت عليه قرينة، أي إن أمكن معرفة الفعل من سياق الكلام، كقولنا: الصدقَ الصدقَ، فالصدق مفعول به لفعل محذوف تقديره الزم، وهو أسلوب شائع في الحياة اليومية ويُسمّى أسلوب الإغراء، ومن أمثلة هذه الأساليب أيضاً أساليب التحذير ، مثل الحفرةَ الحفرةَ، فتقدير الفعل احذر الحفرة، وكأسلوب الاختصاص أيضاً نحو: نحن -الآباء- حريصون على أولادنا. فالآباء مفعول به لفعل محذوف تقديره نخصّ أو نعني. وكأن يسأل أحدهم: ما صنعت؟ فيجيب الآخر: خيراً. والأصل صنعتُ خيراً، وهنا دلّت عليه قرينة.
تعدّد المفاعيل
قد تتعدّد المفاعيل للفعل نفسه، فبعض الأفعال متعدّية لمفعولين كأفعال القلوب وأفعال الرجحان مثل: ظنَّ العامل الأمرَ صعباً، وبعضها يتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل مثل: أعلمتُك الخبرَ صادقاً، وغيرها من الأفعال كالفعل أعطى في الجملة: أعطى الرجل الطفلةَ قطعةً من الحلوى.
علامات إعراب المفعول به
تحدّد علامة نصب المفعول به حسب نوع الاسم وفقاً لما يلي:
- الفتحة الظاهرة: كأن يكون المفعول به صحيح الآخر، أي إن آخر حرف من الاسم هو حرف صحيح، ومثال ذلك: سأل التلميذُ الأستاذَ.
- الفتحة المقدرة: في حال كان آخر حرف من المفعول به معتلّاً بالألف مثل: أكل الطفل الحلوى، فالفتحة هنا غير ظاهرة، بل مقدّرة وتُعرب الحلوى: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها التّعذُر.
- الياء: في حال كان المفعول به مثنّى أو جمع مذكر سالماً، كما في الجملتين: حمل المسافرُ حقيبتَين، وكرّم المديرُ الموظّفين. وتُعرب كلمة حقيبتين: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى. أما كلمة الموظّفين فتُعرب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم.
- الكسرة: في حال كان المفعول به جمع مؤنث سالماً كما في جملة: كرّم المديرُ الموظّفاتِ، فالموظّفات مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة الظاهرة على آخره.
- الألف: في حال كان المفعول به من الأسماء الخمسة ككلمة (أبا) في الجملة: سمعتُ أبا خالد ينادي، وتُعرب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة.